تظاهرات واحتجاجات في إدلب ضد الجولانيّ

منذ أكثر من أسبوع، وحتى الآن، لا تزال التظاهرات مستمرة، مع رفع شعارات تطالب بإسقاط سلطة أبي محمد الجولاني، زعيم “هيئة تحرير الشام”، التنظيم الإرهابي الذي يسيطر على إدلب ومحيطها، بالإضافة إلى مناطق في ريف حلب واللاذقية.

بدأت هذه التظاهرات في ريف إدلب وامتدت إلى وسط مدينة إدلب، حيث تسود السيطرة الأمنية للجولاني وأجهزته، تمتد هذه التظاهرات إلى ريف حلب الغربي وبعض مناطق ريف الرقة، التي تخضع لسيطرة الفصائل الموالية لتركيا، وتشمل تلك التي تتبع الجولاني وتندرج ضمن هيكلية “هيئة تحرير الشام”.

رغم أن التعبير عن الغضب والاحتجاج ضد الجولاني وسيطرته ليس أمرًا جديدًا، إلا أن هذه التظاهرات تعتبر الأكبر والأكثر زخمًا على الإطلاق، وذلك منذ سيطرة “هيئة تحرير الشام” على مناطق واسعة في الشمال الغربي لسوريا، مما جعل الجولاني يصبح الشخص الأقوى في المنطقة.

وتظهر عوامل وظروف ميدانية وسياسية محلية وإقليمية مختلفة هذه المرة، مما يجعلها مختلفة عن أي احتجاجات سابقة، يرتبط ذلك بمطالب بإطلاق سراح المعتقلين الذين اعتقلتهم أجهزة “الهيئة”، والذين يُتهمون بالخيانة والتواصل مع جهات أجنبية معادية، بالإضافة إلى معاناة السكان من وضع معيشي صعب بسبب سيطرة “هيئة تحرير الشام” على الاقتصاد وموارد المنطقة.

على الرغم من أن هذا الوضع ليس جديدًا، إلا أن توقيت هذه الاحتجاجات، وارتفاع زخمها يوما بعد يوم، وتوسع مشاركة شرائح وقوى متنوعة تعلن دعمها أو انضمامها إلى الاحتجاجات، يشير إلى وجود تطورات جديدة في منطقة الشمال السوري، يبدو أن المحرك الرئيسي لهذه التطورات هو أنقرة، وتبقى الأسئلة حول المشاريع التي تخطط لها أنقرة في المنطقة، وما إذا كان للجولاني دور مستقبلي في هذه التطورات.

في محاولة لدمج الفصائل المسلحة في هيئة تحرير الشام في مؤسسات الدولة السورية، تصبح هذه الفصائل جيشًا كاملًا لتركيا، يهدف هذا الاقتراح إلى زيادة نفوذ أنقرة وجعلها أكثر خطورة مما كانت عليه حتى الآن، خاصةً في ظل استمرار الاحتلال التركي المباشر في المنطقة.

ونظرًا لصعوبة تحقيق الخطط أو التسويات المفترضة، قررت أنقرة التخلص من الجولاني، الذي يعد رمزًا للإرهاب في سوريا وعلى مستوى العالم، من خلال رفع شعار “الشعب يريد إسقاط الجولاني”، تسعى أنقرة إلى استبداله وإزاحته، حيث أصبح عبءًا ثقيلاً لها، يبدو أن هذا الإجراء يأتي كجزء من خططها ووسائلها المناسبة للمرحلة المقبلة.

وبما أن الجولاني يدرك هذا الواقع، ولم تكن بياناته ووعوده ذات أثر على الحراك المتصاعد ضده، فقد قرر التصعيد وإشعال جبهة ريف اللاذقية، بدأت مجموعاته هجمات مكثفة على مواقع الجيش العربي السوري، مما دفع بالجيش السوري إلى الرد بشدة على هذه الهجمات، يشير الاستخدام المتزايد للطيران المسير من قبل الجيش السوري إلى ضغط جديد على الجولاني وعلى أنقرة أيضًا.

الجولاني بات يدرك أن بياناته ووعوده لم تفلح في التأثير على الحراك المتزايد ضده، وأن التهدئة أمر صعب، يظهر أنه قرر الهروب إلى الأمام من خلال إثارة المواجهات في ريف اللاذقية، مما يزيد من التوتر في المنطقة، الرد السريع والفعّال من الجيش السوري، خاصة باستخدام الطيران المسير، قد يكون ضغطًا إضافيًا على الجولاني وعلى أنقرة أيضًا.

باختصار، يظهر أن هناك صراعًا يشتعل بين الدولة السورية وأنقرة، حيث تؤكد الدولة السورية على استمرارها في مواجهة الإرهاب بقوة عسكرية، بينما تسعى أنقرة لتحقيق خططها الجديدة، ويبدو أن الجولاني قد أصبح واحدًا من ضحايا هذا الصراع،

الميادين نت