هآرتس: "يجب القضاء على كل سكان غزة" هذا ما يدور في دواخلنا جميعاً
نوعه لنداو _هآرتس:
منذ أن تكاثفت سحابة لاهاي في سماء إسرائيل، تزايدت الأصوات التي تتهم في ذلك "المتطرفين". من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ("تذكر ما فعله بك عماليق")، مرورا بأعضاء الائتلاف مثل بتسلئيل ("ترانسفير") سموتريش، إلى إيال جولان وكوبي بيرتس، وكلها وجدت طريقها إلى لائحة الاتهام أمام محكمة العدل في لاهاي .
والمتهم الأخير بتزويد المحكمة الدولية بالذخائر المناهضة لإسرائيل هو عضو الكنيست موشيه سعدة من حزب الليكود، الذي أعلن الأسبوع الماضي أنه "من الواضح اليوم للجميع" أنه "يجب تدمير جميع سكان غزة".
إن الاختيار البائس للفعل" دمّر" هو امر صادم، ولكن عندما تستمع إلى الاقتباس الكامل تفهم انه على حق. يقول سعدة: “حيثما تذهب، يقولون لك "دمروهم”، مؤكدا أنه يسمع ذلك في الأوساط التي كانت تعتبر يسارية.
في الواقع، منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، لم يعد فقط الاعراب عن التعاطف مع سكان غزة او مجرد الإبلاغ عن معلومات أساسية مثل عدد الضحايا هناك، يعتبر بمثابة خيانة، انما الصدمة الجماعية الهائلة أطلقت العنان للتعبير عن مشاعر انتقام ظلامية، التي كان التعبير عنها في التيار المركزي ليس لطيفًا، حتى اليوم. إن الأمثلة التي تبدو مقصورة على فئة قليلة في لائحة الاتهام الموجهة في لاهاي تهدف إلى إثبات ذلك بالضبط: روح العصر الاجتماعي.
أعلم أن سعدة على حق، لأنني سمعت في الأشهر القليلة الماضية هذه التصريحات من جميع الأطراف، وخاصة في مواقف متنافرة. وفي أكتوبر/تشرين الأول، وضعت مولودي البكر على أصوات صفارات الإنذار مع إطلاق الصواريخ على المستشفى. وفضلًا عن المشاعر العميقة التي تجلبها الولادة الأولى، أضيفت طبقات صادمة من المخاوف الوجودية. لقد بكيت قبل ذلك أكثر بمشاهدتي فيديو عن الأطفال الإسرائيليين المختطفين في غزة، ومقاطع الفيديو عن مصير الأطفال الصغار في غزة. تعقيد أساسي لا يزال من الممكن احتواؤه في الأيام العادية.
لقد اكتشفت بسرعة أنه لا يجدر مشاركة هذا مع الآخرين. في بعض ورشات العمل المخصصة للصغار، أوضحت لي الأمهات اللطيفات بينما كنّ يحتضنّ أطفالهن الصغار: "ليموتوا جميعًا هناك". وفي مركز رعاية الأم والطفل، تمتمت الممرضة التي كانت تحمل ابني بلطف قائلة: "يجب إلقاء قنبلة على غزة كلها". وكان هذا مجرد محادثة صغيرة. وأوضحت صديقة عزيزة، مصوتة لليسار، أنها تتفهم لماذا لم يعد هناك أي حزن على مصير المواطنين هناك. صحيح ما شخّصته كارولينا لاندسمان في مقالها (هآرتس، 5.1) أنه من أجل مكافحة التحريض على ارتكاب جرائم الحرب، سيتعين على المستشارة القضائية للحكومة أن تصارع ملايين الإسرائيليين..
في أحد الأيام المشمسة، اضطررتُ إلى نقل العربة إلى ملجأ عام. همسَت إحدى الأمهات: "هناك عمال "أبناء عمومة" هنا، ممنوع ادخالهم". أجبتها: "إذا سقط صاروخ فسوف يُقتلون هم أيضاً"، فأجابت بشكل يختزل كل التفكير: "صحيح، ولكن ماذا يمكنني أن أفعل، أنا خائفة". خوفها يسبق حقهم في الحياة. هذا الموجود.
هذه الحقيقة الأولية تعكس الحالة الذهنية للكثيرين. لقد أطلقت صدمة 7 تشرين الأول/أكتوبر في الجميع تقريباً ما قاله موشيه سعدة. لقد أيقظ الرعب النزعة القبلية، والرغبة في "اقتلهم قبل أن نُقتَل"، وكذلك شهية الانتقام و"الردع". وقد تم إضفاء الشرعية على هذه المشاعر والتعبيرات في السجال العام، والآن يكاد يكون من المستحيل إعادتها إلى صندوق الشرور. ولكن بعد الصدمة الأولية، حان الوقت للنظر في المرآة.
من الأسهل الإشارة بإصبعك إلى سعدة وأمثاله وتصطك اسنانك. ومن الأسهل القول إن المشكلة هي أن هذه التصريحات هي ذخيرة لمحكمة لاهاي. والأصعب هو الاعتراف بوجود "موشيه سعدة" الصغير في داخلنا، والتنديد به بصوت عالٍ وأن نتقيأه خارج السجالات العامة والأحاديث الصغيرة. والأصعب من ذلك هو الإصرار على التعبير عن التعاطف مع مواطني الطرف الآخر. الآن بالتحديد، حتى لا نصبح سعدة، لا بد من ذلك.
إضافة تعليق جديد