خيار الموت البطيء هو الأسهل في ظل ارتفاع أسعار الأدوية
أصدرت وزارة الصحة نشرة سعرية جديدة تتضمن زيادة بنسبة 70-100% على جميع الأصناف والزمر الدوائية المنتجة محلياً، وسبق أن أشرنا إلى أن النشرة الأخيرة لم يتم الإعلان عنها رسمياً كما جرت عليه العادة، وهي الثالثة لهذا العام!
فكيف أصبحت أسعار الأدوية استناداً للنشرة السعرية الأخيرة؟
وكيف سيكون عليه حال المرضى في ظل استمرار ارتفاع أسعار الأدوية، وخاصة المرضى المزمنون والأطفال؟
بعض الأسعار الجديدة!
وأصبح سعر ظرف (السيتامول) الرسمي 4000 ليرة، وببداية العام كان سعره الرسمي 1500 ليرة، ثم ارتفع إلى 2500 ليرة، علماً أنه يباع عملياً بسعر 7000 ليرة أحياناً، وهو الدواء (الشعبي) الذي يتم الاعتماد عليه (دون وصفة طبية عادة) للتخفيف من الآلام وتخفيض الحرارة!
دواء (ليفو تيروكسين عيار 100)، وهو دواء يوصف لمعالجة مرضى الغدة الدرقية، أصبح سعره 36000 ليرة، وقد كان بداية العام بسعر 13600 ليرة، ثم أصبح بسعر 20500 ليرة!
أصبح سعر دواء (أوريو كلافك)، وهو دواء شبيه بـ(الأوغمانتين) ويوصف لمعالجة حالات التهاب اللوزتين عادة، أو غيرها من الحالات الالتهابية، بمبلغ 53500 ليرة، والعبوة فيها 14 حبة فقط، فيكون سعر الحبة الواحدة مبلغ 3800 ليرة تقريباً!
دواء (آرني)، ويوصف عادة لمعالجة مرضى الضغط، أصبح سعره بمبلغ 259000 ليرة، والعبوة فيها 30 حبة، أي أن سعر الحبة الواحدة أكثر من 8500 ليرة!
إلى تفاقم الأمراض سر!
الأسعار أعلاه، هي مؤشر عن التكلفة المرتفعة التي يتكبدها المرضى اضطراراً من أجل الحصول على الدواء فقط، فكيف مع بقية ضرورات التعافي والاستشفاء!؟
فالمرضى المزمنون الذي يحتاجون إلى الدواء باستمرار، مثل: مرضى القلب والضغط والشرايين والسكري والغدة والبروستات و.. لديهم فاتورة شهرية مرقومة من أجل الحصول على الأدوية، وهذه الفاتورة ترتفع بين الحين والآخر، وقد أصبحت بالنسبة للغالبية منهم، وخاصة المفقرون وأصحاب الدخل المحدود، أعلى بكثير من دخولهم الشهرية، ومع الزيادة الأخيرة على أسعار الأدوية أصبح هؤلاء عاجزين عن شراء أدويتهم، ما يعني المزيد من التراجع في صحتهم!
فالارتفاعات المستمرة على سعر الأدوية أصبحت عامل ضغط حقيقي على المرضى، وعلى إمكانية حصولهم على الدواء للحفاظ على حدٍ أدنى من الصحة تبقيهم على قيد الحياة، وضحايا هذه الارتفاعات السعرية لا تقتصر على المرضى المزمنين فقط، بل والأطفال أيضاً، وخاصة الرضع الذين يحتاجون إلى الحليب النوعي، بالإضافة إلى كل المرضى العرضيين!
فإذا كانت (المناعة الذاتية) كفيلة بالحد من تفاقم بعض الأمراض أحياناً، بدون اللجوء إلى الأطباء والأدوية بسبب ارتفاع سعرها وتكلفتها، فإن ذلك من المستحيل بالنسبة لأصحاب الأمراض المزمنة، التي لا يمكن للمناعة الذاتية أن تحد من أمراضهم، أو بالنسبة للرضع المحتاجين للحليب النوعي المتحكم به كماً ونوعاً وسعراً!
فمع تراجع المناعة الذاتية نفسها، بسبب التردي المعيشي وتزايد نسبة المفقرين ومن هم دون حدود الأمن الغذائي، فإن العوامل المرضية ستقوم بفعلها على صحة الغالبية المفقرة، سواء كانوا مرضى مزمنين، أو أطفالاً أو مرضى عرضيين!
فمسلسل الارتفاعات السعرية على الأدوية وفقاً لخط السير المستمر أعلاه، بالتوازي مع مسلسل الإفقار والتجويع المتبع، عبر جملة السياسات الظالمة والمجحفة، يعني من الناحية العملية الدفع بالتضحية بالمرضى المفقرين بشكل خاص، وصولاً إلى تفاقم أمراضهم، وتراجع صحتهم، ليصبحوا على مشارف الموت الحتمي!
فالفرز الطبقي مستمر بالتعمق بنتيجة السياسات الظالمة، وقد أصبح أكثر جوراً وظلماً بالنسبة للمرضى من المفقرين، الذين باتوا فعلاً عاجزين عن التداوي والاستشفاء والحصول على الدواء!
المصدر: صحيفة قاسيون المحلية
إضافة تعليق جديد