استمرار مسلسل السطو في حماة
تفاقمت في الفترة الأخيرة ظاهرة تكرار السرقات وخاصة تلك الأهداف المكشوفة في العراء كمحركات المياه وتوابعها
وخطوط الهاتف والكهرباء وبعض المنشآت الصناعية البعيدة والابقار والاغنام والدراجات النارية وسواها في محافظة حماة حتى صارت حديث الناس في مجالسهم اذ لا يكاد يمر يوم أو أسبوع أو شهر حتى نسمع عن عملية سرقة وقعت هنا أو هناك دون أن تتوقف هذه الظاهرة أو يقضى على هذه المجموعات التي باتت تشكل عصابات سرقة تضرب في كل مكان من أنحاء المحافظة بحيث صار الأمر يستدعي اجراءات سريعة لايقاف هذه الظاهرة التي يعود تاريخها إلى سنوات خلت حيث كانت مقتصرة على سرقة الاغنام ثم ما لبثت أن امتدت لتطول الابقار المنزلية التي كانت تسحب ليلا من حظائرها المجاورة للبيوت السكنية بمهارة قلما انكشفت بسبب الاساليب المتبعة واستخدام التقنيات الحديثة وفي مقدمتها الهاتف الخليوي الذي صار يلعب الدور الأهم في مثل هذه السرقات وفي عمليات التهريب بحيث تتم مراقبة الطرق والممرات والمنازل والدوريات بواسطة اشخاص مخصصين لهذه الغاية.
في الصيف الماضي وحين ارتفعت اسعار النحاس المستعمل وكثر المتعاملون معه من تجار الخردة راحت عصابات سرقة سريعة ومتنقلة ومزودة بكافة الأدوات المساعدة تقطع كابلات الهاتف والكهرباء في كافة انحاء المحافظة وتقوم بحرقها إما في أماكن خاصة وإما في العراء لاستخراج ما بداخلها من النحاس حيث تم السطو على عشرات إن لم نقل المئات من الكيلو مترات من الكابلات الهاتفية والكهربائية وبعضها لم يكن مضى على تركيبه أكثر من شهر ولم يدخل في الخدمة بعد مثل كابلات الهاتف المنطلقة من مركز هاتف اصيلة في منطقة مصياف باتجاه القرى والمزارع المحيطة بها, ما عطل خطط مؤسسة الهاتف لايصال الخدمة الهاتفية إلى عدد كبير من القرى والمزارع حتى الآن وكلفها ملايين الليرات السورية وحدث ذلك في معظم مناطق المحافظة ابتداء بأعماق البادية وانتهاء بآخر حدود المحافظة في منطقتي مصياف والغاب المهندس حيدر كيلاني مدير اتصالات محافظة حماة أكد هذه الظاهرة الخطرة المضرة بالاقتصاد الوطني والمعرقلة لخطط المؤسسة ومهامها وأكد أن الظاهرة تراجعت بعض الشيء في الآونة الأخيرة ولكنها مستمرة وتحدث في معظم المناطق وطالب بتعاون المواطنين بمراقبة هذه الخطوط والإبلاغ عن اي اشخاص مشبوهين مضيفا أن المحافظة شهدت اعتداءات في مختلف مناطقها حيث بلغت اطوال الكابلات التي تمت سرقتها بحدود 60 كيلو مترا في العامين الماضيين فقط وبلغت قيمها المادية بحدود 8 ملايين ليرة سورية في حين تبين أن معظم السارقين الذين تم القاء القبض عليهم هم من خارج المحافظة.
المهندس بدر عليوي مدير كهرباء حماة أكد بدوره تكرار حوادث سرقة الكابلات الكهربائية وأحالنا إلى السيد أحمد قناني رئيس الدائرة القانونية في مديرية كهرباء حماة الذي زودنا بالمعلومات التالية:
- حدثت في العامين الماضيين سرقات متعددة في المحافظة وخاصة مناطق مصياف والسلمية والغاب حيث قدرت قيمة الكابلات التي تم الاعتداء عليها في عام 2005 بحوالى 6,5 ملايين ليرة سورية وفي عام 2006 بحدود 3 ملايين و 725 الف ليرة سورية وفي هذا العام تم القاء القبض على عدد من السارقين وقدرت قيمة المسروقات بحدود 550 الف ليرة سورية.
وأضاف هذه المبالغ المذكورة أعلاه هي فقط قيمة المسروقات التي قبض على سارقيها وقدموا للمحاكمة وهناك خطوط أخرى كثيرة لم يتم القبض حتى الآن على سارقيها ولم تقدر قيمتها من قبل الجهات المعنية.
في هذا الصيف ومنذ بداية موسم السقاية تقوم مجموعات اخرى منظمة على ما يبدو بمتابعة محركات المياه المنتشرة في الحقول منذ عشرات السنين وتعمد إلى تفكيك مبرداتها التي تحتوي على ملفات نحاسية وبطارياتها ومارشاتها ومواسيرها ودينموهاتها ليلا لتبقى مجرد كتل حديدية تكلف اعادتها إلى العمل آلاف الليرات السورية اضافة للأضرار الناجمة عن تأخر السقاية وهذا ما أكده لنا السيد العميد مدير منطقة محردة الذي قال: لايكاد يمر اسبوع الا ونلقي القبض على عدد من السارقين ومعظمهم من خارج ابناء المحافظة ومن ارباب السوابق ومرتادي الملاهي الليلية وأضاف لدينا شكاوى كثيرة حول هذا الموضوع ونحن نقوم بمتابعة هذه الظاهرة ومحاصرتها من خلال الدوريات الليلية التي ننشرها في كل مكان من أرجاء المنطقة.
السيد علي كامل عباس نائب رئيس رابطة محردة الفلاحية تحدث بدوره عن هذه الظاهرة المقلقة وخاصة حين تطول محركات المياه والاغنام والابقار والدراجات النارية وأفاد بأن هناك مئات الحالات التي تتكرر يوميا بحيث صار المواطن غير آمن على حيواناته ولا على دراجته ولا على محركه الذي صار يلجأ إلى تفكيك اجزائه المستهدفة عند انتهاء السقاية مساء ليعود إلى تركيبها صباحا بعد جهد وعناء ووقت يكلفانه الكثير والكثير وهو ما يحدث يوميا تقريبا في مناطق مصياف ومحردة والغاب حيث لا يرى الفلاحون اي بصيص أمل في ايقاف هذه الظاهرة المنتشرة في معظم ارجاء المحافظة والتي امتدت لتشمل تفكيك بعض المعدات الثقيلة التي تحتاج إلى ورش مختصة كما حصل هذا الشتاء في قرية اصيلة حيث تم تفكيك منشرتين للرخام ونقلهما تحت جنح الظلام في واحدة من اغرب عمليات السرقة التي حدثت في المحافظة حتى الآن.
وطالب الأخ عباس بتشديد الدوريات الليلية وتعزيزها ونشرها ليلا في المناطق المستهدفة ليصار إلى محاصرة الفاعلين وبالتالي إلقاء القبض عليهم.
اخيرا وليس آخرا: لقد باتت هذه السرقات- وبكل صدق وصراحة- تؤرق جل المواطنين في ريف المحافظة وبعض مدنها بحيث لا يعرف الجميع من اين ستأتيه مثل هذه العصابات التي لا تحرم ولا تحلل وبحيث صار الجميع غير آمن على بيته وممتلكاته ومزروعاته الأمر الذي يتطلب تعاون الجميع لإنهاء هذه الظاهرة الغريبة على أخلاق شعبنا ومما لاشك فيه أن لدى الجهات المعنية الكثير من الاساليب التي تمكنها من اختراق هذه المجموعات والاستدلال عليها وفي مقدمتها الشرطة التي يجب أن تنصرف كليا إلى محاصرة هذه الظاهرة دون الالتفات إلى أمور اخرى اقل اهمية مثل مصادرة الدراجات وتنظيم الضبوط بحق السيارات المخالفة وغير ذلك مما لا يفيد في مثل هذه الحالة كما أن على هذه الجهات مراقبة باعة الخردة ومداهمة أماكن تجميعها وتصريفها وهي كثيرة ومعروفة لدى معظم الجهات في المحافظة وبالتالي التضييق على هذه التجارة التي اصبحت عمل من لاعمل له وبغير ذلك سيصحو الناس ليسألوا كل يوم: اين كانت الضربة هذا اليوم..
محمد المصطفى
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد