التفاصيل الكاملة لعملية رصد وتوقيف الجاسوس الإسرائيلي في لبنان
بعد ما جندته الاستخبارات الاسرائيلية وأرسلته إلى لبنان للقيام بأعمال تستهدف المقاومة ، تمكنت الأجهزة الأمنية التابعة لحزب الله اللبناني من اعتقال عميل روسي يعمل لحساب إسرائيل عندما كان بصدد مغادرة البلاد إثر فشله في مهمته.
ووصل المواطن الروسي إلى لبنان قبل نحو شهر، ترافقه سيدة روسية وطفلة عمرها 7 أشهر، ونزل في أحد فنادق العاصمة، قبل أن يتوجه بعد أيام إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، قاصداً أحد الأحياء بالتحديد ،حيث تبيّن لجهاز أمن حزب الله الذي كان يراقبه أنه كان يحاول تحديد أحد المكاتب الخاصة بالمقاومة، لكن لم يجرِ العمل على توقيفه فوراً، بل ترك يقوم بمهمته لمعرفة الغاية التي جاء من أجلها.
و التوجّه إلى الضاحية جاء “بناءً على توقيت حدده العدو في أيام عاشوراء، إذ يبدو أن العدو افترض أن بعض المقارّ الخاصة بالمقاومة يتم إخلاؤها خلال ساعات معينة، ارتباطاً بالمجالس العاشورائية” ، فيما استعان العميل الروسي بإحداثيات زوّده بها مشغّلوه، ما مكّنه من الوصول إلى المنشأة المستهدفة بسهولة ودقة، وعمل على فتح الباب الخاص بها، ليكتشف أن هناك باباً ثانياً تعذّر عليه فتحه، فغادر عائداً إلى مقر إقامته.
وبعد فشله في تحقيق هدفه، وجدت المقاومة أن هناك ثغرة يجب سدّها، ما اضطرّها إلى التنسيق فوراً مع جهاز الأمن العام لتوقيفه، وجرى تزويد الأمن العام بصورة للرجل مع التأكيد أنه موجود في لبنان للقيام بعمل أمني ضد المقاومة.
حيث كلفت قيادة الأمن العام فريقاً من ضباطها بالمهمة، وجرى استخدام صورته للتعرف على جواز سفره، بعد التدقيق في الداتا الخاصة بالوافدين إلى لبنان. ومن ثم رتّبت خطة أمنية سمحت لعناصر الأمن العام في المطار بتوقيفه مع السيدة التي كانت معه والطفلة لدى محاولتهم العبور من مركز الجوازات إلى باب الطائرة.
وبعد نقل الموقوفين إلى أحد مراكز الأمن العام، بدأت التحقيقات وعمليات التدقيق في أوراق الرجل، وشاب الغموض في المرحلة الأولى طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة والطفلة، ولكن تأكد للمحققين أنه اصطحبهما معه للتغطية على نشاطه وإبعاد الشبهات عنه.
و في الأيام العشرة الأولى من التحقيق، واظب العميل الروسي على نفي كل ما اتهم فيه، وأكد أنه كان يتجول بصورة عادية، وأنه “ربما أخطأ في الاقتراب من بعض الأمكنة، وأنه لا يعلم أبداً عن وجود حزب الله هناك”.
من جهتها، نفت المرأة علمها بأيّ شيء في الفترة الأولى من التحقيقات، وكانت تكرر ما قاله الرجل، إلى أن وجد المحققون وسيلة لتغيير مسار التحقيق، فأبلغوا المرأة بأن المعلومات ثابتة وأكيدة، وأن صمتها يعني أنها شريكة له في الجرم الذي يرتكبه، وستصدر بحقها أحكام أكثر قساوة نتيجة صمتها.
كما هددها المحققون بعزلها عن الطفلة التي ستسلّم إلى إحدى دور رعاية الأطفال، ما جعلها تنهار، وتعترف بأنها كانت على علم بما يقوم به الرجل، وأنها ليست المرة الأولى التي يزور فيها لبنان، إذ سبق له أن زار بيروت عامَي 2021 و2022، ولكنها المرة الأولى التي ترافقه فيها.
كما قالت إنها لا تعلم على الإطلاق بما الذي يقوم به، لكنها شاهدته بعد وصولهم إلى بيروت، كيف أمضى يوماً طويلاً في الفندق يتدرب على فتح أقفال من نوع معين من دون إحداث ضجيج ، إثر ذلك، واجه المحققون العميل الروسي بالمعطيات الجديدة، إضافة إلى بعض الأمور الأخرى، فأقرّ بأنه جاء إلى لبنان في مهمة معينة، نافياً علمه بهوية المشغل، وأكد أنه “مواطن روسي يعمل في عالم الأقفال وكيفية التعامل معها، وأنه يعرض سيرته الذاتية على مواقع التواصل الاجتماعي وخدماته لمن يرغب”.
كما أضاف أنه تلقى رسائل من جهات لا يعرفها، عرضت عليه العمل. ومن ثم تواصل مع الجهة التي لم يقدر على تحديد هويتها، لكنه قبل ما عرضته عليه من عمل ضمن مهمة مطابقة لمهنته مقابل المال.
فيما طُلب منه السفر إلى بيروت في المرة الأولى عام 2021 لتصوير بعض الأمكنة في الضاحية الجنوبية في بيروت، زاعماً أنه لم يكن يعرف أنها تخص حزب الله، وأن من طلب منه القيام بالمهمة لم يشر إليه بأن الأمر يتعلق بالحزب.
كما أنه زار لبنان ثانية عام 2022، وطلب إليه التوجه نحو مكان فيه منشأة تجارية للتأكد من وجود مولد كهربائي وجرافة، وأن يعمل على حرق المولد والابتعاد عن المكان. لكنه اكتشف وجود إجراءات وكاميرات مراقبة، فأبلغ مشغليه بتعذر التنفيذ.
حسب تصريحات العميل الروسي فإن المشغل كان يرسل إليه مبلغاً من المال قبل السفر، وأنه كان يتلقى الأموال عبر تحويلات، وأنه وُعد بمبلغ كبير في حال تنفيذه المهمة التي كانت مقررة في زيارته الأخيرة.
من جهة أخرى، أقرّ الموقوف الروسي بأن مشغليه زوّدوه بمعطيات حول الهدف المقرر أن يصل إليه، وحددوا له التوقيت، وأطلعوه على صور تخص نوعاً من الأقفال، وطلبوا منه التدرب على فتحها بطريقة خاصة، وفي وقت سريع، وأن يعمد بعد دخول المنشأة إلى الاتصال بهم عبر هاتف كان بحوزته، ليبلغه المشغلون بما هو المطلوب حينها.
فيما أكد أنه لا يعرف شيئاً عما يوجد في هذا المكان، وليس عنده أي تقدير حول ما الذي كان مطلوباً منه تنفيذه.
روى الموقوف كيف انتقل إلى الضاحية، وكيف استعان بالإحداثيات الموجودة لديه، ووصل إلى المكان، وبعد تثبته من دقة العنوان، توجه إلى الباب المقفل، وبدأ عملية فتحه بواسطة أدوات خاصة كانت بحوزته.
الموقوف واجه صعوبة، ما جعله يستهلك نحو ساعة من الوقت قبل أن ينجح في فتح الباب، لكن صدم عندما وجد أن الباب يقوده إلى باب آخر، وباشر عملية تفحصه، والتمعن في نوع القفل الموجود في الباب الثاني، قبل أن يبدأ محاولة فتحه.
لكنه سمع فجأة بعض الأصوات القريبة منه، فارتبك، وتصرّف على أساس أنه سيتم كشفه، فجمع أغراضه وغادر الموقع مستقلاً سيارة أجرة إلى الفندق حيث يقيم، وهناك عمل على جمع أغراضه وقرر السفر.
وحسب صحيفة “الأخبار” اللبنانية فإن المواطن الروسي لم يكن يعلم أنه بات تحت أعين عناصر الأمن العام الذين تثبتوا من هويته وجواز سفره، وانتظروه عند نقطة الجوازات حيث تم توقيفه قبل صعوده إلى الطائرة عائداً إلى روسيا.
وكالات
إضافة تعليق جديد