الاحتجاجات الفرنسية تتسبب بخسائر اقتصادية فادحة
فاقمت الاضطرابات الأخيرة وأعمال العنف التي تلت حادثة مقتل الشاب “نائل” الضغوطات الاقتصادية على كاهل باريس، التي كانت تعاني مسبقاً من تحديات اقتصادية بسبب جائحة كورونا، والحرب في أوكرانيا، وكذلك أزمة الطاقة، وارتفاع معدلات التضخم، وسياسات التشديد النقدي المتبعة تبعاً لذلك.
لحقت أضرار وخسائر فادحة بعدد كبير من المتاجر الكبرى في عديد من الأحياء، فضلاً عن عمليات الحرق والتدمير التي لحقت بكثير من الحافلات والسيارات والمباني، إضافةً إلى الخسائر المرتبطة بحجم الضرر الهائل بقطاع السياحة على أثر تلك الاضطرابات التي رسمت صورة مرعبة للشارع الفرنسي.
وأشارت التقديرات الأولية لشركات التأمين هناك إلى أن حجم الخسائر قد بلغ أكثر من 100 مليون يورو (109 ملايين دولار)، وذلك وفقاً لرئيس غرفة التجارة في إيكس مرسيليا بروفانس، جان لوك شوفين.
وكشف مدير مكتب السياحة في العاصمة، جان فرنسوا ريال، أنّ 25% من حجوزات الأجانب قد تم إلغاؤها على وقع الأحداث التي تشهدها البلاد، محذّراً من تفاقم الأزمة إذا استمرت تلك الحالة، وبما يؤثر كذلك على دور الألعاب الأولمبية المرتقبة بالبلاد.
وقال الكاتب والباحث علي المرعبي إنّ “سمعة فرنسا الاقتصادية أصيبت بالصدمة، لأن رؤوس الأموال تفتش عن الأماكن المستقرة للقيام بأعمال تجارية وإنشاءات وغير ذلك، بينما حالة عدم الاستقرار وما رافقها من أعمال عنف أدت إلى تجميد عديد من الأعمال التي كان مقرر أن تقوم بها شركات ورجال أعمال من داخل وخارج فرنسا”.
وأوضح المرعبي أّنّ الخسائر المشار إليها دون أدنى شك تؤدي لاهتزاز الوضع الاقتصادي في فرنسا، لا سيما وأنها “تأتي ضمن سلسلة من الأحداث المتتابعة، بداية من العام 2018 وتظاهرات أصحاب السترات الصفراء، ثم أزمة كورونا وتداعياتها الاقتصادية، ومن بعدها الحرب في أوكرانيا وما تحملته باريس من أعباء مالية وعسكرية، ثم جاءت بعدها المظاهرات والإضرابات الشاملة للنقابات العمالية مجتمعة ضد قانون رفع سن التقاعد”.
وذكر الكاتب أنّه لا يعتقد أن يكون الاقتصاد الفرنسي قادراً على الانتعاش بسرعة معقولة على المدى المنظور، مضيفاً أنّ “الأمور ستحتاج إلى بعض الوقت كي يستعيد الاقتصاد الفرنسي دورته الطبيعية ويستطيع التخفيف من أعباء التضخم “.
ووفقاً لتقديرات رسمية، وصلت الخسائر التي لحقت بالمرافق ومؤسسات الدولة إلى 8 ملايين يورو، ينما الخسائر الإجمالية العامة تتجاوز الـ 100 مليون يورو، وذلك نظراً لحجم المتاجر التي تضررت والشركات الكبرى التي لحقت بها خسائر واسعة في هذا السياق.
وفي تصريحات سابقة، صرّح وزير المالية الفرنسي برونو لو مير أنّ نحو 10 مراكز تسوق كبرى، وأكثر من 200 سوبر ماركت و250 متجر تبغ و250 منفذاً مصرفياً تعرضوا للهجوم أو النهب.
وبدوره، المستشار السابق بالبرلمان الأوروبي، عبد الغني العيادي، قال إنّ السياحة قطاع مهم جداً بالنسبة لفرنسا المثقلة بعديد من التحديات والضغوطات، بما في ذلك تفاقم الدين الخارجي، حيث جاءت هذه الأحداث لتشكل ضربة كبيرة للقطاع السياحي الذي يحرك الاقتصاد الفرنسي.
وتمثّل عائدات السياحة (الداخلية والخارجية) أكثر من 8% من الناتج المحلي الإجمالي في فرنسا، في حين لفت المستشار العيادي إلى إلغاء عديد من الحجوزات وسحبها في ضوء الأوضاع الراهنة.
إضافة تعليق جديد