الفوبيا الجماعية من الزلزال تستلزم تدخلاً إعلامياً
أفرز الزلزال وتوابعه، التي ضربت محافظات سورية، صدمات واضطرابات نفسية ستترك أثرها بشدة وعلى المدى الآني والمتوسط والطويل على الناجين من الكارثة، وخصوصاً الأطفال منهم، ما يستوجب تدخل الجهات المعنية والاختصاصيين للتخفيف من معاناة هؤلاء.
وأوضح رئيس رابطة الأطباء النفسيين الدكتور مازن خليل أن جهوداً تبذلها الجهات المعنية، وكذلك الرابطة لاحتواء التداعيات التي فرضتها كارثة الزلزال، ولفت إلى أن الاضطرابات النفسية التي قد تتلو الزلزال مباشرة «هي: نوبات الهلع والذهول والجمود، ونوبات افتراقية هيستريائية (عمى، صمم. غياب وعي…) ومتلازمة دوار ما بعد الزلزال، على حين قد يحدث اضطراب الشدة بعد الرض (p. t. s. d) واضطراب الاكتئاب، لاحقاً بعد مرور شهر تقريباً على وقوع الزلزال».
وبين خليل أن «التعامل مع الحالات الأولى، يكون عبر التثقيف النفسي حول ما حدث، وبمعلومات علمية صحيحة، وبالإسعاف النفسي الأولي والدعم النفسي الاجتماعي، أما الحالات بعد شهر فتحتاج إلى علاج نفسي تخصصي».
وأشار إلى ضرورة قيام كل الجهات بالدور المنوط بها في هذه الكوارث «ولكن الدور الأهم يبقى على عاتق وزارة الصحة أولاً، ثم وزارة الشؤون الاجتماعية فوزارة التجارة الداخلية لتأمين الغذاء ثم وزارة الإسكان»، ولفت إلى دور مهم للمنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية (WHO) وصندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، إلى جانب الصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري، إذ إن الكل قام بدوره ضمن القدرات المتوافرة لديهم، وطالبوا بالدعم من الخارج».
وكشف أنه يقوم بالتحضير «لتعاون كبير مع WHO وUNDP وWPA (نظام الوصول المحمي للشبكة اللاسلكية)، لتقديم خدمة العلاج النفسي العميق على الأرض و(أون لاين)»، مؤكداً أن «الفوبيا الجماعية» تستلزم «تدخلاً إعلامياً علمياً دقيقاً لتخفيف الخوف والرعب عند الناس»، وأبدى اعتقاده بأن الأشخاص الذين توفوا بسبب هجمة الهلع «غالباً لديهم مشكلة قلبية ونوبة الهلع أدت إلى إجهاد قلبي أدى إلى الوفاة، لأن نوبة الهلع وحدها من دون مرافقات من النادر أن تسبب الوفاة».
ورأى بأن المجتمع الأهلي «قام بجمع التبرعات العينية والمالية ووفر العناصر التي تعمل على الأرض بالتوزيع والتنسيق والوصول إلى الناس ومساعدتهم»، إثر حدوث كارثة الزلزال.
وعن دور رابطة الأطباء النفسيين في الكارثة، قال رئيس الرابطة إنه جرى التبرع بمبلغ من المال إلى نقابة أطباء سورية «وبالتعاون مع WHO، تم تنزيل كل أسماء الأطباء النفسيين الموجودين في سورية، وعددهم راهناً 65 طبيباً اختصاصياً، مع أرقام هواتفهم على خريطة الخدمات الصحية والنفسية والاجتماعية لتسهيل الوصول إلى الأطباء النفسيين».
وأشار إلى أن أمين سر الرابطة الدكتور محمد شقيري، يحضر مع فريقه الذي يعمل معه «لإقامة تدريب لنشطاء في الجمعيات في كل من حلب واللاذقية حول التعامل مع الناجين من الزلزال، بالتعاون مع الرابطة».
وأضاف: «بالتعاون مع الـundp، يقوم مجموعة من الأطباء النفسيين بقيادة فريق للعلاج النفسي أون لاين ويتدخل على مدار الساعة مع الحالات في المدن المنكوبة ويقدمون لهم الإسعاف النفسي الأولي والدعم النفسي والاجتماعي، حيث تجاوز عدد المستفيدين في المناطق المنكوبة 200 شخص، فكل من يحتاج إلى خدمة اجتماعية يتم توجيهه إلى المكان المناسب الذي يقدم له هذه الخدمة»، مبيناً أن كثيراً من المستفيدين «هم عاملون في المنظمات والجمعيات على الأرض، وهم بحاجة للدعم النفسي التخصصي الذي يقدمه الفريق على أعلى المستويات، ليستطيعوا الاستمرار في العمل وعدم الوصول إلى مرحلة الاحتراق الوظيفي».
وذكر أنه يجري التحضير لورشة عمل «بالتعاون مع جمعية مار إفرام السرياني» حول الزلازل وأثرها النفسي على البالغين والأطفال وكيفية التعامل مع الحالات.
وبالنسبة للآثار النفسية التي قد تسببها الزلازل على الأطفال، أوضح رئيس الرابطة أنه يحدث للأطفال كل أعراض البالغين «من ميل للانعزال، واضطرابات سلوكية، وقد يظهر لديهم سلوك عدواني، والحل بأن نعيدهم بسرعة للحياة الطبيعية وإلى اللعب والدراسة وقضاء الوقت مع الأصدقاء وحضور مسلسلات تلفزيونية بعيدة عن أجواء الزلزال، وعلينا أن نسمعهم إذا أرادوا الكلام عن الزلزال وأن نكون صادقين معهم مهما كانت الحقيقة مؤلمة، وهذا يتطلب شخصاً مقرباً ومحبوباً من الطفل ليبلغه ويستخدم معه أسلوباً لطيفاً في الإبلاغ».
الوطن
إضافة تعليق جديد