البصل... والزلزال
منذ اللحظات الأولى لوقوع كارثة الزلزال، وعشرات التساؤلات كانت تلاحق مخيلة الكثيرين منا. لكن جميعنا فضل الصمت إجلالاً للأرواح البريئة التي سقطت تحت ركام منازلها، واحتراماً للأيدي التي كانت تزيل الأتربة عارية بحثاً عن ناجين...
اليوم وبقدر أهمية التفكير والعمل لمرحلة ما بعد الزلزال، فإن مراجعة ما سبق الكارثة من سياسات وإجراءات لا يقل أهمية، ويجب ألا يفكر أحد أنه سيتمكن من طمرها تحت ركام ما خلفه الزلزال من خراب ودمار.
في البداية علينا الإعتراف أن هناك حقيقتين لا جدال فيهما...
الحقيقة الأولى وتتمثل في أن التنبؤ بوقوع الزلزال غير ممكن علمياً، حتى وإن توفرت مؤشرات تنفي أو تؤكد وقوعه. وتالياً لا يمكن تحميل أحد مسؤولية عدم التنبؤ بوقوع هذا الزلزال أو غيره.
الحقيقة الثانية وتتعلق بتأثير العقوبات الغربية على إمكانيات وقدرات المؤسسات الحكومية والأهلية، التي وجدت نفسها عاجزة أمام ضخامة الدمار الحاصل وانتشاره الجغرافي.
لكن هاتين الحقيقتين غير مطلقتين بمعنى أن عدم التنبؤ بوقوع الزلزال لا يبرر عدم تهيئة فرق دفاع مدني مؤهلة ومدربة ومجهزة بكل ما تحتاجه، فنحن كنا قبل الزلزال أمام مدن دمرت بالكامل خلال فترة الحرب، ومن المتوقع أن تسقط بعض أبنيتها تحت تأثير الظروف الجوية ويتضرر مدنيون..
وإذا كانت حجة الحكومة هي التمويل، فإن هناك أبواب كثيرة كان يمكن طرقها لتوفير التمويل اللازم والكافي، كالتعاون مع المنظمات الأممية، وهذه أهم من المؤتمرات وورش العمل التي تنظم في فنادق الخمس نجوم.
والعقوبات هي بالفعل مؤثرة على إمكانيات وقدرات المؤسسات الحكومية، لكن مع طول فترة عمليات الإنقاذ ومواجهة تداعيات الكارثة، فهذه العقوبات لا تمنع مثلاً من زيادة كادر الدفاع المدني ورفع تعويضاته ومده بالتجهيزات، فكما أنه يمكننا استيراد الأجهزة الخليوية الحديثة، فإنه يمكن استيراد بعض التجهيزات الحديثة في عمليات الإنقاذ والبحث عن ناجين.
باختصار... السياسات الحكومية لا تتجزأ، فالتي تفشل في مقاربة موضوعية لإنتاج البلاد من البصل، هل تتوقعون أن تكون أكثر حكمة في استشراف الكوارث الطبيعية والإستعداد لها.
رحم الله ضحايا هذا الزلزال وحمى بلدنا من كل أذى.
زياد غصن - شام إف إم
إضافة تعليق جديد