ستون عاماً على النكبة وسنظل في الشام نسمي أبناءنا بيسان والجليل
الجمل ـ رفيق قوشحة : ستون عاماً على مجزرة كفر قاسم .. وكأن ذلك لم يحدث سوى البارحة الجمعة .
هذا الجرح المفتوح في وجدان الفلسطيني الذي يواجه عدّوَه حتى الآن كما لو أن الدبابات الإسرائيلية اجتاحت فلسطين في آونة أخيرة .
ما هذا العناد الخلاّق؟ ما هذه البطولة السامقة المجبولة بالدم .. ومنه دماء الأطفال الزكية من محمد الدرّة إلى رهط الصبية في رام الله ونابلس والخليل وبيت المقدس الذين تجاوز عددهم في 2006 فقط الـ 120 طفلاً شهيداً؟.
عاشت الثورة الفلسطينية كثيراً من المنعطفات الخطرة التي لم يكن آخرها اتفاق أوسلو الشهير الذي نقل منظمة التحرير الفلسطينية من تونس إلى رام الله وغزة.
وعلى مدى عقود سيطرت فتح على الشارع الفلسطيني وبقيت المنظمات الفلسطينية اليسارية ( الشعبية – الديمقراطية – القيادات العامة – جبهة النضال ... وغيرها ) حاضرة في الشارع بأقلية معروفة لم تستطع توسيع نطاقها الجماهيري لأسباب كثيرة منها أن كاريزما أبو عمار قائد فتح التنظيم الأكبر وأساليب عمله التي يمكن أن نصفها بأي شيء أبقت لحركة فتح مكان الصدارة بين فصائل المنظمة ...
وفي الحديث عن العمل الحزبي الميداني لم تخل مسيرة فتح بالدرجة الأولى من شيء من الغوغائية ومظاهر الفوضى أحيانا .. ولكن كل ذلك كان تحت جناح "أبو عمار"
ومع الاحترام الكبير لكل منجز هذه الثورة فإن الحديث عن مظاهر الغوغائية هذا تجلى في كثير من منعرجاتها قبل أن تصعد حماس وتسحب هذه الغوغائية الفصيلين الكبيرين إلى الصدامات الإعلامية العلنية أولاً ثم إلى صدامات مسلحة جدية أجبرت السعودية على تنظيم اتفاق مكة الذي لم يؤت ثماره بشكل جدي حتى تاريخ هذه اللحظة ...
ولكن !
بعيداً عن السياق التنظيمي وتفاعلات العلاقات بين الأحزاب السياسية والمنظمات في منظمة التحرير الفلسطيني وتفاعلات كل ذلك مع الشارع الفلسطيني فإنه ما يثير العجب تلك الروح الجبارة .. الثورية .. الإنسانية العميقة التي ما زال منذ ستين عاماً يحملها الفلسطيني في الشارع ؟!.
ثمة ما يجب تأكيده بأن كثيراً من حركات التحرر الوطني نجحت في الوصول إلى أهدافها التحررية خلال سنوات أو عقود ، لكن أن يتفاعل الفلسطينيون مع العدو بهذه الصلابة والقوة والعنفوان سواء كان ذلك تحت لواء فتح أو حماس أو الشعبية أو الديمقراطية فإنه مما يثير الإعجاب حقاً.
العجوز التي تجاوزت السبعين تزغرد عند وصول خبر استشهاد ابنها الشاب في صباح يوم زفافه بينما خطيبته تندب حظها بأن زفـّـُوه لها في كفن من حيث كانت تنتظر عريساً على صهوة حصان ! ثم تعيد الكرّة .. وتزغرد .. " سألقاه هناك .. في ديار الحق " وتــــــــزغرد أيضاً؟.
إذا كان ثمة فتح .. وحماس .. وفصائل اليسار الفلسطيني ومليون فتح وحماس .. فإن شيئاً واحداً سيقود الفلسطينيين إلى القدس محررةً .. هو هذه القدرة الجبارة على التشبث بروح الكفاح والمقاومة .
هذا العناد الخلاق ؟؟ واعتبار فلسطين فوق كل شيء.
نحن أيضاً .. سنظل في الشام نسمي بناتنا المولودات .. بيسان ..و جليل ... ومريم (تيمناً بالقدس) وسنظل نعتبر فلسطين كما نحبها .. من النهر إلى البحر وأن إسرائيل "مجرد كذبة لا تمتلك مقومات استمرارها كـدولة.وأنه سيقتلها العناد الخلاق وعنصريتها من داخلها وأن هذه الروح النبيلة التي يملكها ويصر عليها أهلنا في فلسطين تستحق ليس فقط أن نرفع لها القبعة .. بل هي تستوجب أن ننحني بجباهنا مطولاً أمامها بوقار كبير ونحن على ثقة بأنها هي التي ستقود هذا الشعب العظيم إلى انجاز حلمه بإعادة الحق إلى أصحابه
الجمل
إضافة تعليق جديد