الخطاطون والمصورون حركة بلا بركة بسبب تطور الطباعة
من حق المرشح أن يمارس حملته الاعلانية للتعريف بنفسه وبرنامجه الانتخابي , وأينما توجهنا في شوارع المدينة وساحاتها العريضة والضيقة تتزاحم الصور وتتصلاق اليافطات , حتى على واجهات المدارس والأبنية والجوامع والمواقف العامة والأعمدة والتي تختلف بالألوان والحجوم والخطوط والخلفيات وضمن هذه الفوضى الاعلانية والمنافسة لابد أن يخطر على البال السؤال عن هولاء الذين يقفون وراء كواليس الدعاية أي أصحاب المهن من خطاطين وكتاب يافطات ومصورين وأصحاب مطابع الذين لهم دور فاعل في تحريك هذه الحملة ...
كيف ينظرون اليها وما المشاكل التي تحدثوا عنها ... وهل حقاً هي موسم ينتظره البعض كل أربع سنوات ?
الخطاط رفيق رواس عمره 60 عاماً ورغم عراقته وتاريخه الطويل في هذه المهنة فلم يأته هذا الموسم إلا عشرون يافطة ويبرر ذلك بقوله : يظهر أن الناس لم يعد يهمهم الجودة في العمل , بل يبحثون عن الأرخص ولو على حساب العمل .. فقد وصل سعر كتابة اليافطة إلى 100 ل.س فقط , وأنا آسف على ما وصلت إليه النظرة تجاه الخط الأصيل ومن يعمل بهذه المهنة والتي دخل إليها الكثير من المتطفلين الذين يعتمدون اليافطة المطبوعة والمحضرة عن طريق الكمبيوتر . وبهذه الطريقة يمكن تحضير 200 يافطة خلال ثلاثة أيام في حين يحتاج الخطاط الذي يعتمد القلم والحبر ونوع الخط .. لاساعة كاملة لكل يافطة .
ولأننا نعيش في عصر كل شيء ما شي .. فإن الوسطاء يلعبون دورهم في هذه الحملات الاعلانية ويحتكرون جزءاً من المبالغ لأنفسهم وقد يكون ذلك أحد أسباب أرخص الفواتير المزورة . وقال : نحن كخطاطين أساسيين في دمشق أصبح عددنا قليلاً ولايتجاوز ال 12 خطاطاً . وقد تكون الحملة الانتخابية فرصة لبعض الاسماء المعروفة في هذه المهنة .
وعن نفس الموضوع قال الخطاط علي محمود : الانتخابات تؤمن الاستمرارية لهذه المهنة وهي موسم ننتظره كل أربع سنوات وفي الطريقة اليدوية لايتجاوز الربح 500 ل.س على اليافطة التي تحتاج لثلاثة أيام من العمل . أما الطريقة الحديثة التي تعمتد على الطباعة فتقدم مرابح أكثر وبسرعة أكبرر .
ولاشك هناك أشخاص لهم اسمهم ومكانتهم في السوق يحضرون أنفسهم للعمل قبل البدء بالحملة الانتخابية , فيحضرون القماش والعصي ومواد الكتابة , بالاضافة إلى الورش التي ستعمل على الطباعة وعلى تعليق اليافطات والصور في الاماكن والمواقع التي يحددها المرشح .
وقد يتفق عدد من المرشحين للعمل عند خطاط معين وفي ذلك توفير للمال والجهد بالنسبة لهم .. ومن جهة ثانية نوع من الدعم الانتخابي للنجاح .
ونحن نعلم أن هذه المهن تأثرت كثيراً هذا العام بعد أن تم تحديد مصاريف الناخب ولكن من هي الفئة التي تأثرت أكثر ? .. نقول وحسب تعبير عدد كبير من أصحاب المهن وبخاصة المصورين وأصحاب المطابع : هناك مرشحون ينفقون الشيء الكثير على طباعة الصور واللوحات الطرقية بشكل اسرافي كبير فقد وصلت مبالغ أحد مرشحي احدى القوائم إلى 200 مليون ليرة سورية ? منهم من حجز المطبعة لمدة شهر كامل ومنهم من حجز جميع ساحات دمشق والشوارع الكبيرة المؤدية إلى مركز المدينة . بالاضافة إلى الخيم الانتخابية المنتشرة هنا وهناك .
في حين بعض المرشحين فكروا بأخذ القروض لمتابعة حملتهم الاعلانية الانتخابية ولأن المصارف هذا العام لم تمنح القروض للمرشحين فقد اضطر هؤلاء للاستدانة أو رهن بيوتهم وأراضيهم .... وفي ظل هذا التفاوت الكبير بين مايسرفه المرشح صاحب رأس المال وبين المرشح الضعيف مادياً على الحملة الانتخابية تحدث بعض المصورين ومنهم جورج كناني وصاحب استوديو ياسين عن عملهم في هذه الفترة معتبرين ذلك موسماً يستفيد منه عددكبير من العاملين في المهنة وعلى الأغلب يتم الاتفاق مع مديري الأعمال ....فهم من يختار المصور والوقت والملابس التي يجب أن يرتديها المرشح وشكل الخلفية .....وفي بعض الأحيان تتفق المطبعة مع عدد من المصورين ....وأصبح معروفاً أن هناك أسماء لها شهرتها بتصوير الشخصيات المرشحة وقد يستفيد المصورون من موضوع المضافات والخيم حيث يطلب منهم تصوير فوتوغرافي أو تصوير فيديو لكل أيام الضيافة كنوع من الذكرى وتحدث هؤلاء عن جانب آخر في هذه المسألة وهو موضوع معالجة الصور بالفوتوشوب وهي طريقة تعيد شكل المرشح من ال 60 سنة إلى 25 سنة وعن الصور الموجودة في لوحات الفليكس وعن الخانات والصور الموجودة في الصحف والمجلات الخاصة أو على السيارات الاعلانية التي تدور في الشوارع وكل هذا العمل يعود بالأساس إلى المصور الذي أصبحت مرابحه أقل بسبب زيادة عدد المصورين .
أما عن السؤال الخاص إذا كان وجود القوائم يؤثر على المبالغ التي يجب أن يتقاضوها: فقد قال بعضهم طبعاً وجود القوائم يعني انخفاض التكاليف ....حيث توزع ال 500 ألف فرضاً على أربعة أو ستة أشخاص حسب أفراد القائمة وذلك ينطبق على المضافات وعلى اللوحات الاعلانية والمطابع وكل مايتعلق بمصاريف الحملة ومع ذلك فإن هؤلاء المرشحين من أصحاب القوائم لم يلتزموا بقانون الانتخابات الخاصة بالدعاية ومن خلال جولتنا هذه بين أصحاب المهن : تبين لنا أن الكمية والقياس والسماكة والألوان هي من اختيار المرشح واختصاص المطبعة والسعر يختلف باختلاف هذه العناصر فقد قال السيد علاء الداية صاحب احدى المطابع : ان عدد الصور واختيار الجودة والسماكة في الورق تعود للامكانات المادية للمرشح وليس للمطبعة مع أن هناك منافسة ومكاسرة للأسعار وبعض المطابع تقبل بأسعار ميتةوبذلك تضرب السوق لأنها تقدم نفس الجودة بأسعار رخيصة جداً .
وقال نحن هذا العام لم نستلم سوى مرشح واحد ولم نطبع سوى عشرة آلاف صورة مع القوائم و مع أن بعض المطابع فرغت نفسها لهذا الموسم ....وبالطبع المرشح الذي يخصص 100 مليون لحملته الانتخابية لن يؤثر عليه مليون واحد للمطبعة ....أما مسألة القياسات تبدأ من ال 5 سم إلى 7 سم إلى 100 سم ومع ذلك هناك أفضلية في البحث عن المطبعة الحديثة بحثاً عن السرعة والتوفير .
ونحن ضمن هذه الأجواء لابد أن نشير إلى أنه ليس أصحاب المهن هم المستفيدين الوحيدين من الحملات الانتخابية فهناك مصانع الأقمشة وأصحاب اللوحات الاعلانية والبلديات ومؤسسة الكهرباء ومؤجرو الكراسي وبائعو الزينة والقهوة والعصير ومؤسسة الاعلان والعديد من ورش العمل .
و السؤال الذي يبقى في الذاكرة :هل سيؤثر ذلك على قرار المواطن في اختيار مرشحه ومن سيتكفل بتنظيف منظر المدينة والشوارع ..!!
ميساء الجردي
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد