في ميناء طرطوس: إفراج عن بوالص بضائع دون قبض أجورها
مهما كانت الحالة او اللون الذي يرتديه الفساد المهم انه ظهر هذه المرة.. ولم يبق مجرد «قصة عنترة» تتناقلها الالسن دون ان تكترث لها او حتى تفتح تحقيقاً في حيثياتها جهات الرقابة والتفتيش المعنية.
هذه المرة لم يلحق الفساد ان يلبس «قبعة الخفي» او ربما ارادت بعض الجهات الراعية رفع القبعة عنه واظهاره للعيان مكشوفا «لغاية في نفس يعقوب» الذي يهمنا ان تطول يد القانون جميع الفاسدين دون انتقائية حفاظاً على المال العام الذي تجاوزت نسبة الهدر فيه مثيلتها في شبكة مياه الشرب بدمشق.
إنها قضية الافراج عن بوالص شحن بضائع قبل تسديد الاجور للمؤسسة العامة للنقل البحري. بتاريخ 13/11/2005 ابرمت المؤسسة عقد استئجار السفينة (ارواد) مع شركة موفيمار بمبلغ 36 الف دولار دون رسوم المرفأ لشحن بضائع من مرفأي التحميل اوديسيا في روسيا، وكونتسانزا في رومانيا الى مرفأي اللاذقية وطرطوس وقد تم شحن البضائع على السفينة المذكورة والبضائع عائدة لعدة بوالص هي 1 ـ 2 ـ 3 ـ 4 ـ IA من اوديسيا الى طرطوس والبالغة اجورها 31.045 الف دولار يجب تحصيلها في ميناء الوصول (طرطوس) لكن ما الذي حصل.؟
الذي حصل هو انه تم الافراج عن بوالص الشحن المذكورة اعلاه دون دفع اجور الشحن المستحقة للمؤسسة وبشكل مخالف لما ورد في فاكس وكيل الشركة المستأجرة.. وهي مخالفة مسجلة في كتابي فرع المؤسسة بطرطوس المتضمنين انه «لا مانع من الافراج عن بضاعة البوالص الى اصحابها دون الباولون مدفوع من قبل اصحاب البضاعة» والكتابين عليهما ترويسة المؤسسة والمعلومات السابقة مكتوبة بخط يد معاون مدير فرع طرطوس للنقل البحري (م.ص) وتوقيعه وخاتم المؤسسة الرسمي.
ويضيف كتاب الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش رقم 22/27/10/4 خ تاريخ 24/1/2007 انه ونتيجة التحقيق مع معاون مدير الفرع المذكور افاد انه قام بتوقيع كتب الافراج عن البوالص الواردة من ميناء اوديسيا دون معرفة مسبقة باجراءات الافراج لقلة خبرته في هذا المجال وانه لم يجن اي منفعة من وراء ذلك وأنه وقع كتابي الافراج بحسن نية لعدم شكه بوجود أي خلل او مانع يحول دون ذلك خاصة وإن التأخير في الإفراج عن البضائع يكلف المؤسسة غرامات مالية ولا توجد في الفرع دائرة معنية بقبض اجور النقل.
إلا أن الهيئة رأت أن هذه التبريرات التي قدمها معاون المدير لا تعفيه من المساءلة خاصة وإن مدير الشؤون المالية والمكلف بمهام مدير الاستثمار في المؤسسة اكدا قيام معاون المدير بالاتصال بهما حول الموضوع وإعلامهما إياه بعدم الافراج عن البوالص المذكورة سابقاً قبل تسديد الأجور المستحقة عليها وأنه قام بالاتصال بهما في نهاية الدوام الرسمي وكان بامكانه الانتظار لليوم التالي للتأكد من صحة الإفراج او عدمه ولاسيما ان البضاعة هي ترانزيت.
وأوضح كتاب الهيئة ان وكيل الشركة المستأجرة غير مسؤول عن هذه الواقعة لكون عمليةالإفراج وتحصيل الأجور مسؤولية المؤسسة حصراً.. وبذلك يكون معاون المدير قد اتخذ اجراءات خالف من خلالها الانظمة والتعليمات النافذة لدى المؤسسة بالافراج عن البضائع قبل تحصيل الاجور المستحقة عليها ويعتبر ذلك مؤشراً على سوء نيته خاصة وانه من الصعب العودة على اصحاب البضاعة المستحقة لمطالبتهم باجورها كونها بضاعة ترانزيت الى الاردن.
وانتهت الهيئة الى عدة مقترحات معتمدة هي: ـ تحريك الدعوة العامة بحق معاون مدير الفرع لارتكابه افعال الحقت الضرر بالاموال العامة المسندة إليه المحافظة عليها بمبلغ 31.045 الف دولار امريكي.
ـ دعوة وزارة المالية الى إلقاء الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة له وزوجته تأميناً لسداد المبلغ المذكور اعلاه. ـ دعوة المؤسسة الى اتخاذ صفة الادعاء الشخصي والمطالبة بالاضرار المادية والمعنوية التي لحقت بالمؤسسة.
عمران محفوض
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد