سرمدا سوق حرة في سوريا.. ماذا يباع فيها؟
خلال سنوات الأزمة ظهرت بلدة «سرمدا» شمال سورية كمنطقة تجارة حرة يباع ويشترى فيها كل شيء من السلاح مروراً بالحشيش وصولاً إلى السيارات الجديدة والمستعملة والمسروقة.
المنطقة الحرة في سرمدا تحظى بحماية جميع الفصائل على اختلاف ايديولوجياتها حيث تجد الجميع في أسواقها يتجولون يشترون ويغادرون من دون خطورة أو رقابة، وكأنهم في نزهة تسوق مسائية في أحد المولات العملاقة.
تبدو سرمدا وكأنها ليست من سورية لا حاضراً ولا ماضياً، فهي لا تشبه محيطها الذي أنهكته الحرب، والناس يأتون إليها بينما يغادرون محيطها، كما أنها في الوقت ذاته لا تعاني من فقدان السلع من أسواقها كحال جيرانها، وعلى العكس تماماً، هي مركز توريد مختلف أنواع السلع إلى الداخل السوري.
هذا لا يعني أنها تماماً خارج دائرة الصراع، فهي تتعرض للغارات الجوية أحياناً، وقد رفع تنظيم «داعش» رايته فيها في العام 2013، واشتبك أهلها وتجارها مع جبهة «النصرة» في العام الماضي، عندما خرجوا في تظاهرة ضد التنظيم، قيل حينها إن سبب التظاهرة هو خوف التجار من أن يؤثر وجود عناصر النصرة في محيطها على تجارتهم.
سرمدا، التي يعني اسمها «الأزلي»، تقع على بعد 30 كيلومتراً من مدينة ادلب قرب الحدود التركية، وكانت على مراحل التاريخ مركزاً تجارياً هاماً جعلها قبلة للطامعين فيها، نظراً لموقعها الجغرافي الهام جداً ودورها الاقتصادي.
السلاح في البلدة الخارجة عن سيطرة الحكومة لا قيود عليه، فهو يباع لكل من يريد، من دون سؤال وبطريقة عشوائية، حيث تجد هناك أسلحة متنوعة خفيفة وثقيلة، وهي من صناعة دول مختلفة، فمنها ما هو أميركي ومنها ما هو روسي وكذلك ألماني، يقول «حكمت» وهو من العاملين في سرمدا: «يباع السلاح بكثافة عندنا، ويأتي الناس من مختلف المناطق السورية (الخارجة عن سيطرة الحكومة) لشرائه وبكميات كبيرة، هناك بيع بالمفرق (بالقطعة) وبيع بالجملة، وبيع آليات ثقيلة، وكل ذلك يتم بالدولار من دون أي عملة أخرى».
تعد سرمدا أهم مورد لسيارات الدفع الرباعي للفصائل المسلحة، خصوصاً التي يتم وضع «الدوشكا» عليها، والتي باتت تسمى بسيارات «الدوشكا»، إضافة إلى آليات مصفحة محلية الصنع، وبعض الآليات العسكرية الأخرى التي تستخدم في نقل الجنود والمفخخات، وهي أيضاً محلية الصنع، وهي سيارات يابانية وأميركية ...إلخ من السيارات التي يستخدمها «داعش» و «النصرة» و «أحرار الشام» وغيرهم من الفصائل. وبحسب المصادر، فإن سرمدا هي من تبيع كل هؤلاء.
ظروف التجارة في سرمداً جعلتها أيضاً مقصداً للصوص الذين يبيعون مسروقاتهم فيها، حيث تجد فيها السيارات والدراجات المسروقة وأثاثات المنازل... إلخ، لكن لا أحد يحاسب عن هذه المسروقات.
وقد كان لافتاً وجود سيارات مقودها من الجهة اليمنى، وهو نموذج مغاير لثقافة السيارات في سورية، والتي تعتمد المقود اليساري، وهذا يشير بوضوح إلى أن عمليات الاستيراد تتم إلى المنطقة بسلاسة من دون قيود دولية أو إقليمية.
يباع الحشيش والمواد المخدرة في سرمدا بطريقة شبه علنية، يقول «حكمت»: «لا توجد ضوابط على ما يباع هناك، إنها منطقة حرة بعيدة عن أي رقابة تجارية».
المواد في سرمدا، أرخص بكثير من باقي المناطق السورية، حيث تسجل أسعار الأسلحة قيماً منخفضة نسبياً، وكذلك أسعار السيارات الجديدة والمستعملة، على اعتبار أنها تتجاوز الجمارك والضرائب المعمول بها في مختلف الدول، وكذلك فإن قسماً منها مسروق وقسما آخر مصنع محلياً.
سكان البلدة تضاعف عددهم خلال الأزمة السورية، وارتفعت على إثر ذلك تكلفة إيجارات المنازل، وسجلت أعلى مستوى لها في جميع المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة في مختلف الجغرافية السورية.
سلطة المال هي الأقوى في سرمدا، هنا لا أحد يستطيع أن يعلي صوته فوق صوت المال، وعلى ما يبدو، إن تجار سرمدا اشتروا الحرية بالمال وجعلوا من لا يؤمنون بالحرية من الفصائل ينصاع لهم ويحمي تجارتهم وحريتها قبل حريتهم.
بلال سليطين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد