بين العقل العاطفي والعقل الدستوري مسافة تشمل كل السوريين
القاضي أسامه محمود غزال: في كتابه (النظرات) وفي معرض حديثه عن العظمة قال مصطفى لطفي المنفلوطي: أحب عليا ًقوم حتى كفروا بحبه..وأبغض عليا ً قوم حتى كفرواببغضه...وماذلك إلا لأنه رجل عظيم.
في المزاج الشعبي العام في سورية، كثيرا مانجد مواطنا يجأر بصوت عال إذا تعرض لظلامة ما ويهدد بأنه لن يتوانى عن عرض هذه الظلامه على رئيس الجمهورية،حتى ولوكان الموضوع من الضآلة والصغربحيث يدخل في اختصاص أي موظف من الفئة الخامسة.
ذلك أن الحدس العاطفي العفوي لكثير من المواطنين يجعلهم يعتقدون أنهم لن ينالوا حقهم إلا من الرئيس شخصياً
وهذه النظرة العاطفية تأصلت في سورية منذ عهد الرئيس حافظ الاسد، ولعل خير مثال على ذلك ماذكرته السيدة بثينه شعبان في كتابها (عشر سنوات مع الرئيس حافظ الاسد) حين ترقبت في سبعينيات القرن الماضي حضور الرئيس لحفل تخريج دفعة من الضباط، فاعترضت موكبه صارخة بأعلى صوتها إنها تريد مقابلته، فأومى لمن حوله: أن اسمحوا لها بالاقتراب، ففعلت وعرضت عليه ماتريد، وفي اليوم التالي دعيت الى مقابلة شخصية معه، وماهي إلا ايام مرت كي تحصل بعدها تلك الصبية اليافعة المتفوقة في دراستها على ماتريد.
يستطيع أي مواطن عادي في سورية أن يروي المئات من الحوادث عن الخالد حافظ الاسد، وكذلك مثلها عن الرئيس بشارالاسد، الذي اعتاد أن يختلط مع ابناء شعبه،حتى ظن بعض العامه في كثير من الاحيان انهم يقابلون رجلا" يشبه الرئيس الى حد الدهشة، ثم تزداد دهشتهم عندما يدركون انه الرئيس بعينه، فقد نزل الى الاسواق الشعبيه والمطاعم ومعه عائلته، بلابطانه وبلاحجّاب، يستمع الى الناس ويسجل اوجاعهم ومشاكلهم،ولاتمر أيام قلائل إلا ويكون الحل الذي تاه عنهم طويلا ًقدعرف طريقه اليهم .
منذ عشرات السنين همس بعض اصحاب النفوذ في أذن الراحل حافظ الاسد أن قاضيا" من القضاة في تلك المدينه لايحبه الناس، فابتسم الرئيس وقال لهم: انه قاض، والقاضي يحكم بين الناس،ومن الطبيعي أن يحبه البعض وأن يبغضه البعض الآخر،فهو اذا جنح للحق - وهو كذلك- أحبه المظلومون وأبغضه الظالمون، فلاتعودوا لمثلها.
نحن اليوم أمام رئيس أحبه الكثيرون من أبناء شعبه وأبغضه آخرون،أحبه ابناء سورية.. الذين هم ملح أرضها وعجينة عزتهاوكرامتها، وأبغضه كل من اعتاد أن يحمل الوطن في حقيبة سفر، ويحمل بالأخرى فساده ونفاقه وخزيه وعاره...
وهذا مافطن إليه أسياد المؤامره على سورية،فسخروا إمكانات طائلة للتأثير على الشريحة الأولى، تارة عبر الطائفيه والمذهبية وتارة عن طريق استغلال الحاجه والفقر،وطورا ً عبر إذكاء روح الانتقام لدماءٍ هم سفكوها وألقوا إثمها على الدولة.
كان الوطن في نظر بعض أبنائه يتمثل بشخص الرئيس، فهو رمزه وعنوانه ودلالته: سوريه أبيه لأن رئيسها أبي لايقبل الخنوع والسوري أشم مرفوع الهامه أينما حل، لأن رئيسه لم يركع امام عتاة الجبابره... ولكن عندما فعل التزييف والتضليل فعله في عقول هؤلاء ونجح المتآمرون في خداع بعض ابناء سورية, فقد أبغضوا الرئيس الاسد وأبغضوا معه الوطن. فقتلوا اخوانهم ودمروا بناهم التحتية ومرافقهم وأحرقوا مدارسهم ومشافيهم وأصبحوا - وهم الذين كانوا أباة - أجراء عند سعودي وضيع مازال حتى الآن يعالج عقمه بشرب بول الناقه.. ويسف مسحوق قرون التيس كي يستعيد فحولة ضائعة..!!! وكان الوطن في نظر بعضهم - وهم الكثرة - هو الأم والحبيبه. هوالرابية والجدول، وهو كرم الزيتون وبيدر الحصاد، وهو المدرسة التي على جدرانها خط اسمه وهو وقفة العز وتراب الارض الممزوج بعرق ودماء آبائهم وأجدادهم...
هؤلاء رأوا رئيسهم ينزل مع عائلته وأطفاله الى شوارع دمشق، مفتوح الياقة باسما ً مشرقا ً رغم كل المخاطر واحتمالات الغدر.. رأوه يتقاسم معهم رغيف خبز قرب مدفأة حطب على خط النار... قدمه مقاتل مقدام تشع عيناه فخرا ً،فأثبتوا في مستنقع الموت رجلهم وقالوا لها من تحت أخمصك الحشر ولسان حالهم يقول: لو لم نكن اسودا ً لما انجبنا هذا الاسد ..الرئيس في نظرهم أبي.. لأنه ابن سوريه الأبية.. الرئيس في نظرهم عزيز وكبير وعريق، لأنه أبن اصيل من أبناء سوريه العزيزة والكبيرة والعريقة.
هؤلاء كانوا يحبونه لأنه شريف ودمث ومثقف ومهذب،فأصبحوا يحبونه كذلك،لأنه شجاع وحكيم محنك وحليم. وينضم اليهم في كل يوم كثير ممن أنزلقوا في مهاوي المؤامرة التي حيكت اساسا" كي تغيب عقول السوريين.
لن أتوجه بكلامي للسوريين الصغار الذين غيروا لهجاتهم وارتهنوا زوجاتهم وبناتهم فهم مشغولون جدا ً.. بمداعبة كلب راقصة ما وتلميع حذاء أمير ما... هم مشغولون جدا ً باسترضاء محاسب هنا وتملق حاجب هناك.
إنما احكي للسوريين الكبار... حيث توجدون.. لكم أنا احكي... على اختلاف اللون.. والعيون.. والأعمار...
ياأخوتي: علينا جميعا ًان نميز بين مهمة رئيس الجمهورية وواجبه الدستوري في إدارة السلطه، وهو مايتمثل بالحفاظ على كيان الدولة ووحدة أراضيها واستقلالية قرارها واستمرارية مؤسساتها وحماية أمنها. وهو مابرع فيه بعبقرية قل نظيرها. وبين مهمة سلطة الادارة، وهي تتمثل بتأمين حاجيات الناس وتسيير المرافق العامه والادارات وتقديم الخدمات للمواطنين وسوى ذلك من المهام الملقاة على عاتق الحكومة والوزارات المختصة والادارات ذات الصلة
فلاتثقلوا كاهل الرجل، ولاتلقوا على منكبيه بكل كبيره وصغيره،ولاتتعاملوا مع الوطن على انه نهر جار،لكل منا أن يغرف منه مايشاء.
دعونا جميعا ً نتخلى عن الذهنيه الفهلويه التي تحدث عنها صادق جلال العظم (يوم كان رجلا ً جديرا ً بالاحترام) في مؤلفه (النقد الذاتي) تلك الذهنية التي يريد صاحبها ان يحصل على كل المكاسب، دون أن يتحمل أدنى المسؤوليات، والتي ترى أن الحذق الفطين هو من يعرف كيف يستفيد من المغانم ويسخر موقعه لتحقيق مآرب شخصية حتى لو أدت المنفعه التافهة التي يحصل عليها إلى ضرر كبير للوطن،
وبدل أن نكتفي بكيل المدائح لرجال الجيش العربي السوري الذين يحققون المعجزات تعالوا نؤازرهم ونساندهم في تضحياتهم، كل منا في موقعه.....
فمن يوقف هدر الطاقه الكهربائية والتعدي على الشبكة يناصر الجيش فعلا ً لاقولا ً ومن يتوقف عن احتكار المواد الغذائية يناصر الجيش فعلا ً لاقولا ً
ومن يرفض المضاربة بالعمله الوطنيه والاستحواذ على القطع الاجنبي،لغرض تحقيق الارباح من تصريف العمله. يساند الجيش فعلا ً لاقولا ً ومن...ومن...ومن... أن بعض من أصابتهم هذه الحرب العبثيه بجراح دامية طالت شغاف قلوبهم.. يقعون مرة أخرى ضحية تجار الأزمة.. وتجارالدم... وتجار الخراب فلنكن جميعا ً أوفياء لتلك الدماء الطاهرة.
ولنكن جميعاً مناصرين حقاً لهذا الرئيس الذي يناصرنا على أعدائنا وأعداء الوطن
إضافة تعليق جديد