«البلوغرز» المصريون يقارنون الوضع في لبنان بحال السياسة في بلدهم
«لبنان الدولة الصغيرة في الحجم الكبيرة في المقام، الكبيرة بأبنائها، الكبيرة في أعيننا، الدولة إللي ما قدرتش تستغني عن ديموقراطيتها، وليه لأ، ما هي الجمهورية العربية الأولى في عالمنا العربي· الدولة العربية التي لا تضاهيها أي دولة كبرى» ويستمر المدون «البلوغر» المصري، الذي يعرف نفسه بأنه «محمد» الطالب الجامعي ابن العشرين عاماً، في توجيه عبارات الغزل ال لبنان وشعبه، وهو المدخل الذي ينطلق منه للبكاء على حال الصمت في مصر.
أظهر المدونون المصريون من أصحاب الميول السياسية إهتماماً واضحاً بالوضع في لبنان خلال الأسابيع القليلة الماضية، وتحديداً منذ بدء اعتصام المعارضة في ساحات بيروت. وتركّز في أغلبه على عنصرين؛ أولهما الإشادة بالتعبير الفعلي عن رغبة شعبية عارمة، والثاني الإحساس بنوع من «الغيرة» سياسياً. وتقارن المُدوّنات الالكترونية بين ما يحصل شعبياً في لبنان، وبين الوضع السائد في مصر من تضييق على قوى المعارضة الشعبية وخنق متنفسات أساليب التعبير السياسي من تظاهرات وندوات واعتصامات وغيرها.
وفي هذا السياق، يتناول «بلوغر» يُسمي مُدوّنته «إيجيبت تايمز» egyptimes الموقف في لبنان بعين الإعجاب. ويتساءل: «هل يمكن تطبيق المعادلة اللبنانية على الواقع المصري؟ هل يمكن تطبيق مبدأ العصيان المدني في مصر؟ إلى متى يستطيع الشعب المصري أن يتحمل توقف الحياة، كل الحياة، الى إشعار آخر»؟ ويدعو إلى اقتباس فكرة الاعتصام الشعبي اللبناني الى مصر، مع مراعاة الفوارق بين حالي البلدين.
تعدّت مُدوّنات أُخرى حال «إيجيبت تايمز» لتصل الى حال أخرى يُعبّر عنها بيان أصدره «الاشتراكيون الثوريون» (إحدى فصائل اليسار المصري) على مدوّنة حديثة لهم جاء فيه «عاشت الثورة اللبنانية... جاوز الاعتصام المجيد لقوى المعارضة في لبنان أسبوعه الثالث للمطالبة بالتغيير ومازال مستمراً. قوى المعارضة التي تضم «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» و«تيار المردة» و«الحزب الشيوعي اللبناني» والعديد من مختلف القوى والطوائف مازالت في الشارع تطالب بالمشاركة في السلطة وبحكومة وحدة وطنية».
اهتمام من نوع آخر عكسه موقع «أرابيست» arabist الشهير، الذي نقل صاحبه مقالاً صحافياً نشرته مجلة «نايشن» Nation الأميركية اليسارية أخيراً، تضمّن تصريحاً لشاب لبناني يبدي فيه قلقه من تحوّل الحال في لبنان إلى مصر أخرى قائلاً: «نحن اللبنانيين كنا نسخر من الدول العربية الأخرى... الآن هم لديهم مدن عظيمة مثل دبي... وأخشى أن ينتهي بنا الحال كمصر حيث طبقة فقيرة جداً وأخرى ثرية جداً، ولا شيء بينهما».
وعلّق «أرابيست» على ذلك المقطع بالقول: «والحكومة المصرية دائماً تشير إلى تخوفها من أن يتحوّل الوضع في مصر إلى شيء يشبه الوضع في لبنان»! وأثار المقال الأميركي والتعليق المصري موجة ساخنة من التعليقات بين صفوف «البلوغرز»؛ فسخر بعضهم من الوضع العربي برمته، وهاجم أخرون النظام في مصر الذي أبعدها عن ممارسة دورها الريادي تقليدياً في دنيا العرب.
- من الملاحظ أن الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان صيف عام 2006، جذبت اهتمام المدونين المصريين الذين نهضوا بتنظيم النشاطات الإلكترونية والفنية والندوات من أجل نصرة الشعب اللبناني. وطغى في ذلك الحين الشعور العام بحجم المصيبة الواقعة على شعب عربي شقيق.
وتداول الجميع صور المذابح البشعة والدمار الذي خلفه القصف الإسرائيلي. وحين بدأت الأمور تهدأ، بدأت المناقشات الإلكترونية حول ما فعله «حزب الله»، وهل أن السيد حسن نصر الله بطل مغوار أم مغامر لم يحسب مغامرته؟ أما الأحداث اللبنانية الراهنة، فعلى رغم نجاحها في جذب اهتمام المدونين المصريين في وجه عام، إلا أن أغلب اهتمام هؤلاء يدور على المقارنة وافتراض تكرار السيناريو اللبناني مصرياً، وتمني خروج الغالبية المصرية عن صمتها. وراهناً، تنصب اهتمامات «البلوغرز» المصريين في شكل رئيس على مواضيع ساخنة في الساحة المحلية مثل التعديلات الدستورية التي اقترحها الرئيس حسني مبارك أخيراً، وأخبار التعذيب في السجون، ومتابعة أخبار المدون المصري عبد الكريم نبيل سليمان الذي احتُجز بسبب كتاباته وغيرها. وتنطلق كثير من تلك المُدوّنات الرقمية من تلك التفاصيل لتصل الى الدعوة إلى تظاهرات عارمة من أجل تغيير حقيقي في مصر، ما يعكس رقص كلماتها على ايقاع الحدث اللبناني الساخن.
أمينة خيري
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد