الحص للسنيورة : المشكلة في حضنك
سلّم رئيس الوزراء اللبناني السابق سليم الحص، أمس، الى رئيس الجمهورية اللبناينة إميل لحود، نسخة من مبادرته التي اقترحها لتسوية الازمة الراهنة في البلاد، وتداول معه في مضمونها. وقد شرح الرئيس الحص لرئيس الجمهورية اللبنانية الاسباب التي أملت عليه اقتراح هذه المبادرة والأسس التي ترتكز عليها. كما جرى عرض التطورات السياسية الراهنة في البلاد ومواقف الأطراف منها.
- وصدر عن المكتب الإعلامي للرئيس الحص البيان الآتي: تعليقاً على ما أكدته مصادر حكومية لبنانية من أن رئيس الحكومة أبلغ الرئيس الحص خلال لقائه معه موقفه من المبادرة، من ان المبادرة «تؤدي الى زيادة الشرخ القائم في البلد والى انقسام في المؤسسات»، ويهمّ المكتب الاعلامي للرئيس الحص الاشارة الى انه أودع الرئيس السنيورة خلال لقائه معه (امس الاول) رداً مكتوباً على تعليقه على مبادرته، وقد جاء في مضمونه ما يأتي:
«كان ردّك على مبادرتي لتسوية الأزمة غير مقنع في مضمونه واسلوبه. إنك تردد القول إن حكومتك شرعية ودستورية وإن لا شائبة تشوب وضعك الحكومي، إنك بكلامك هذا انما توحي ان وضع حكومتك صحيح، معافى، سليم، فلا تدرك ان الوضع الحكومي عليل، أشوه، سقيم، كيف لا تشعر بالعلة وقد خرج من حكومتك فريق وازن بكامله؟ كيف تكون اليد سليمة إذا بترت منها أصابع؟
انت تقول إنك شرعي ودستوري، ومئات الألوف من الناس يقولون بخلاف ذلك ألا يعني هذا شيئاً لك؟ هل يكفيك ترداد القول إنك امام هذا المشهد لا يطرف لك جفن؟ إنك تتذرع بثقة المجلس النيابي. أصوات الجماهير التي غصت بها الساحات والشوارع تصرخ في وجهك أن هذا المجلس هو الذي يحتاج إلى الثقة وقد حان أوان امتحانها وتجديدها.
إنك تزعم أنني أعطي رئيس الجمهورية من الصلاحيات ما لا يملك دستورياً. الواقع ان رئيس الجمهورية اسوة بعدد كبير من رجال السياسة والقانون، ناهيك بالجماهير، ذهب أبعد من ذلك فأعلن أن حكومتك فقدت شرعيتها سنداً الى الفقرة «ي» من مقدمة الدستور، وفقدت دستوريتها سنداً الى المادة 95 من الدستور باختلال التوازن الفئوي فيها، لا بل إن حكومتك لم تتورع عن خرق الدستور مباشرة بمخالفة نص المادة 52 في التعاطي مع المحكمة ذات الطابع الدولي. أما الطعن بشرعية التمديد لرئيس الجمهورية فيجب أن يذكّرك بان الكتلة التي تنتمي اليها انت هي التي كانت في الحكم يوم التمديد، وهي التي أحالت مشروع التمديد على مجلس النواب، وهي التي صوّتت الى جانبه، ولا تشريف لكم بالتذرع أنكم خضعتم للضغوط، سواكم صوّت ضد التمديد ولم يصبه أذى.
تقول إن ليس من حق رئيس الجمهورية إعلان ان حكومتك، بعد ان فقدت شرعيتها ودستوريتها، باتت في حكم المستقيلة، الرئيس يعتبر الحكومة اليوم وكأنها غير موجودة، لا يعترف بأي قرار صدر عنها ولو كان من باب تصريف الاعمال، فبين أن تكون الحكومة عديمة الوجود وأن تكون في حكم المستقيلة مسافة ذات مغزى كبير من زاوية المصلحة العامة. فالحكومة المستقيلة تقوم بتصريف الأعمال، فتعنى في شؤون البلاد والعباد اليومية ريثما يتم تصحيح الوضع الحكومي فتستعيد الحكومة كامل عافيــتها وفعاليتها. أما إذا كانت الحـكومة في حكم غير الموجــودة فإن ذلك يضــع البلاد في مأزق لا يحتــمل، حيث يفــتقد المواطن حتى القرارات البسيطة ذات طابع تصــريف الاعمال من مثل إحالة جريمة على المجلس العدلي وتعيين موعد لانتخابات فرعية او نقل اعتماد، هذه فضيلة اعلان الحكومة في حكم المستقيلة في الوضع الراهن. الحكومة ميتة فعلياً بصرف النظر عمن قتلها او عن الحيثيات.
عليك أن تعترف أن حكومتك في وضع غير صحي، لنعمل نحن اللبنانيين معاً على تصحيحه، وإن كان التصحيح متاحاً في نظرك بوسائل مغايرة. تختلف عما نطرح، فهات ما عندك ولا تدع المبادرات تتبدّد هدراً، كما كان مصير المبادرة العربية. أما ان تكون مرتاحاً الى وضعك ولا يرف لك جفن، فهذا غير مقبول وغير مفهوم إطلاقاً. المشكلة هي في حضنك.
اما الحديث عن ان الحكومة تحظى بثقة الاكثرية النيابية وان مجلس النواب هو المرجع الدستوري لبت الوضع الحكومي فليس في محله، إذ لو ان هذا المجلس النيابي هو الجهة الصالحة لما كان مؤتمر الحوار الوطني. إن كل الذين شاركوا في هذا المؤتمر إنما أقروا عملياً ان المؤسسات، وخاصة مجلس النواب ومجلس الوزراء، ليست فاعلة، وقد استعيض عنها بمؤتمر الحوار.
إن الرئيس الحص يسعى من خلال مبادرته إلى اطلاق «مسار حل» يمكن ان يؤدي الى صيغة توافقية ما حول المواضيع التي يدور حولها السجال اليوم، بعد ان وصلت المبادرة العربية إلى طريق مسدود، وهو يصرّ على ان البلاد لا يجوز أن تترك اسيرة المراوحة القاتلة فيما تنشط المؤامرات لتفجير الفتن الفئوية».
- في هذا الوقت كان وفد من «منبر الوحدة الوطنية ـ القوة الثالثة» ضم اعضاء الامانة العامة الدكتور حيان حيدر والسيدة اقبال الشايب غانم والسيدة اليزابيت ربيز واسامة العرب، يسلم الرئيس حسين الحسيني نسخة من المبادرة، في إطار الجولة التي يقوم بها المنبر على القيادات الرسمية والسياسية لعرض المبادرة.
وعرض الدكتور حيدر بعد اللقاء النقاط الخمس للمبادرة، وقال: الرئيس الحسيني كان مشجّعاً جداً، وأعطانا ملاحظاته حول هذه الموضوعات، وأبدى كل رغبة في المساعدة لإيجاد الحلول للخروج من الازمة.
سئل: الى اي مدى يمكن نجاح هذه المبادرة بعد فشل مبادرات داخلية وخارجية؟
أجاب: هذا يدعو الى جواب شخصي وليس جواب «القوة الثالثة»، نحن فوجئنا بأن مكتب رئاسة الوزراء رفضها فوراً واعتبرها لا دستورية بتكوينها وموادها. وعلى الرغم من ذلك لم يتوان الرئيس الحص، لم يتوقف عند هذه الحساسيات.
قيل له: الرئيس السنيورة طرف أساسي، في حال لم يوافق فإن هناك إشكالية كبيرة؟ فقال: ليس طرف اساسي فقط بل طرف اساس، ومدعو الى ايجاد الحلول للخروج من المأزق قبل اي طرف آخر، المشكلة في حضن الحكومة ورئاستها، وعلى أي حال في أي دولة في العالم على الحكومة ايجاد الحلول للشعب وللمآزق التي يتخبّط فيها البلد.
وعن الموقف في حال فشل كل المبادرات، قال: يقول الرئيس الحص كلما مات الامل اخترعوه، ونحن علينا ان نخترع الامل، ولسنا اكبر من الدول والمراجع الدولية التي تأتي الى لبنان لتجرب المجرب، ولكن علينا كمواطنين مسؤولين في لبنان وفي مصيرنا، إيجاد الحلول ولن نكلّ ولن نمل.
وأصدر عضو الامانة العامة «للقوة الثالثة» محمد نديم الملاح بياناً اعتبر فيه ان المبادرة هي مبادرة إنقاذية لحل الازمة وقد ترضي الجميع. فلبنان قائم على صيغة لا غالب ولا مغلوب، ولنرحم الناس من الخطاب التصعيدي.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد