الغرام الهندي الإسرائيلي إلى العلن مفاوضات لإبرام صفقات عسكرية ضخمة
أخرجت زيارة «تاريخية»، هي الأولى من نوعها لوزير دفاع إسرائيلي إلى الهند، العلاقات الإستراتيجية التي نسجت في السنوات الأخيرة بين الدولتين من الأدراج ووضعتها مباشرة في الواجهة وتحت السماء.
ويصعب الحديث عن أن تطور العلاقات هذا تم بين ليلة وضحاها أو أنه تعبير عن حدث فجائي، بقدر ما يشير إلى تغيير في استراتيجيات الدولتين. ففيما تتخلى الهند، بأشكال مختلفة، عن تأييدها التاريخي للموقف العربي، تحاول إسرائيل تكريس سياسة الابتعاد عن الغرب الأوروبي والتطلع نحو الاقتصاديات الجديدة في الشرق.
وقد اعتبر المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هارئيل، أن صورتين نشرتا أمس الأول، عبرتا عن التغيير الإستراتيجي الذي نقل الغرام الإسرائيلي الهندي من السر إلى العلن. وتظهر الصورة الأولى رئيس الحكومة الهندية نارندرا مودي، يزور جناح الصناعات الجوية الإسرائيلية في معرض «أورو أنديا» الكبير في بنغالور. كما تظهر الصورة الثانية لقاء مودي بوزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون بعد افتتاح المعرض.
وفي نظر هارئيل، تلقي صور تجول مودي وتركيزه على الجناح الإسرائيلي الضوء على العلاقات التي غدت علنية بين الحكومتين.
وكانت الصحف الإسرائيلية قد تعاملت باهتمام منذ مطلع الشهر الحالي مع زيارة يعلون المقررة إلى الهند، معتبرة أنها تاريخية. فهذه هي المرة الأولى التي يزور فيها وزير دفاع إسرائيلي الهند منذ إنشاء العلاقات بينهما. ومن المقرر أن يجري يعلون لقاءات مع نظيره ومع عدد من كبار المسؤولين الهنود.
وأعلن يعلون أن «للزيارة أهمية كبيرة لاستمرار تعزيز العلاقات مع قوة عظمى كالهند. فالهند صديق حقيقي لإسرائيل وشراكة المصالح ستسهم جداً للدولتين والمؤسسات الأمنية فيهما، اللتين تتمتعان بعلاقات ممتازة. وبالنسبة إلى إسرائيل فإنه شرف كبير لها أن تقيم علاقات مع قوة عظمى مهمة كالهند. وحكومة إسرائيل تضع هذه المهمة في مكان عال جدا في سلّم أولوياتها».
وتعتبر زيارة يعلون نوعاً من الرد على زيارة وزير الدفاع الهندي لإسرائيل في شهر تموز الماضي، حيث بحثت صفقات عدة. ومعروف أن العلاقات الأمنية بين الحكومتين تطورت تطوراً كبيراً حتى بات في الهند أكبر ملحقية عسكرية لإسرائيل في العالم بعد الملحقية العسكرية في واشنطن.
وتبني الصناعات العسكرية الإسرائيلي كثيراً من الآمال على هذه الزيارة، خصوصاً بعد تلكؤ تنفيذ عدد من الصفقات سابقاً جراء شبهات بأعمال فساد. وهناك تأكيد على أنه عدا الصفقات التي أبرمت، تجري في الآونة الأخيرة دراسة صفقات جديدة عدة. وقد بدأت العلاقات الأمنية بين الدولتين في التطور قبل عقد من الزمن تقريباً، لكنها اتخذت في العامين الأخيرين منحى تصاعدياً حاداً. وغدت الهند الزبون الأمني الرقم واحداً لإسرائيل وبلغ حجم الصفقات بينهما أكثر من مليار دولار سنوياً. وحصة الهند من الصادرات العسكرية الإسرائيلية تبلغ حوالي 15 في المئة.
وتحاول أوساط هندية وإسرائيلية خلق شراكة تقوم على مصالح مشتركة واسعة الانتشار. إذ إن الهند تتطلع إلى الفوز بشراكات مع عدد من الصناعات الإسرائيلية، ما يحقق لها تكنولوجيا وتمويلاً تفتقر إليهما. كما أن إسرائيل تتوق إلى احتلال حيز في سوق كبير كالسوق الهندي في إطار التطلع إلى شراكات أيضاً مع السوق الصيني والياباني.
ومؤخراً، جرى الحديث عن أن إسرائيل تتحول إلى مزود رئيس لتكنولوجيات تسليحية متطورة. فقد أبرمت في تشرين الأول الماضي صفقة لشراء آلاف الصواريخ المضادة للدروع من طراز «سبايك» التي تنتجها شركة «رفائيل» بقيمة نصف مليار دولار. كما تجددت المباحثات لإبرام صفقة لبيع الهند صواريخ «باراك» البحرية، بعدما تم تجميد هذه الصفقة لسنوات.
وهناك مفاوضات لإبرام صفقة لبيع طائرات إنذار مبكر تحمل منظومات «أواكس» من صنع الصناعات الجوية، كصفقة استمرار لعملية سابقة جرت قبل حوالي عقد من الزمان. ومنذ فوز رئيس الحكومة الهندي الحالي مودي في الانتخابات الهندية في أيار الماضي، يقود خطاً موالياً لإسرائيل. وقد التقى مودي على خلفية الدورة الأخيرة للجمعية العمومية للأمم المتحدة برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في نيويورك.
ومنذ تولي مودي رئاسة الحكومة أيضاً، تعزز التعاون بين إسرائيل والهند وتكررت زيارات مستشار الأمن القومي الإسرائيلي يوسي كوهين لنيودلهي حاملاً، على الأغلب، رسائل من نتنياهو لمودي.
وتعددت اللقاءات بين كبار المسؤولين الهنود والإسرائيليين وبينها لقاءات على مستوى وزراء الخارجية والاقتصاد. وبرغم أن تطور العلاقات الهندية مع إسرائيل سابق لوصول مودي إلى الحكم، فالحكومات السابقة دأبت على عدم إظهار حجم العلاقات الأمنية والإستراتيجية لتجنب إغضاب العرب.
عموماً، تبدي إسرائيل اهتماماً واسعاً بتعزيز علاقاتها مع دول أخرى في آسيا، وخصوصاً مع اليابان وكوريا الجنوبية والصين. وقد زار رئيس الحكومة الياباني شينزو آبي إسرائيل الشهر الماضي وأبرم صفقات عدة، وقيل في حينه إن اليابان تتطلع إلى الاستفادة من منهج التطوير الإسرائيلي.
وتنظر إسرائيل إلى دول آسيا هذه عموماً، باعتبارها اقتصاديات كبيرة صاعدة سيكون لها دور في العلاقات الدولية لاحقاً، وهي أقل إزعاجاً من دول أوروبا في ما يتعلق بالقيم الأخلاقية والإنسانية التي تنتهكها إسرائيل سواء باحتلالها أو باعتداءاتها.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد