مظاهر «ربيعية» وسط الشتاء تقلق خبراء البيئة في فلسطين

12-01-2015

مظاهر «ربيعية» وسط الشتاء تقلق خبراء البيئة في فلسطين

خلال مشاهدته الأزهار البريّة، المنتهية رؤوسها بورود لونها أحمر قان، وهي تنتشر على مساحات واسعة من الأراضي المجاورة لمنزله، انتابت الفلسطيني محمد سليم فرحة ممزوجة بالدهشة، فهذه الزهور المعروفة باسم «شقائق النعمان»، والمرتبط نموّها بقدوم فصل الربيع، الذي يبدأ فلكيا عند الاعتدال الربيعي (الذي يكون عادةً في 21 آذار)، أثارت استغراب سليم.
ويقول سليم إنّه شعر بارتياح لرؤية الزهور البرية، التي تبعث رؤيتها على الراحة النفسية، إلا انتشارها في فصل الشتاء، وتحديدا في كانون الثاني، وقدوم فصل الربيع على الأزهار مبكراً هذا العام قبل أوانه، أصابه بـ «الحيرة».
ويتابع سليم «جميل أن ترى فصل الربيع في الشتاء، والأزهار البرية منتشرة في كل مكان، لكنه في الوقت ذاته أمر مثير».
ويشعر الحاج الخمسيني فايز أيوب بفرحة، وهو يلمح مساحات الأرض شرق مدينة غزة، المغطاة باللون الأخضر والزهور البرية.
ويقول «الكثير من النباتات البريّة، والزهور، ظهرت مبكرا هذا العام، إنّه مشهد يبعث على السرور».
ويبدو المشهد، في الضفة الغربية، أكثر وضوحاً، إذ تنتشر الزهور البرية بكثافة في المناطق الريفية، وبين الجبال.
غير أنّ نمو أزهار الربيع المبكر، وتفتح الأزهار البرية في غير موعدها، لا يبدو مفرحاً بالنسبة إلى عماد الأطرش، الرئيس التنفيذي لـ «جمعية الحياة البرية» الفلسطينية، التي تتخذ من بلدة بيت ساحور قضاء بيت لحم جنوب الضفة الغربية مقراً لها.
ويُضيف الأطرش أنّه من الغريب القول إنّ المشهد الجميل، والرائع الذي تشكلّه الزهور البرية، في الشتاء، أمر يبعث على القلق.
ويتابع: «للأسف، هذا الظهور المبكر، يرتبط بظاهرة التغير المناخي، وبحسب دراسات معمقة لجمعية الحياة البرية، فإنّ هذا النمو السريع في الأزهار البرية، وظهورها في غير محلها، ناتج من تغيرات في المناخ وارتفاع درجات الحرارة».
ويرى الأطرش أن ذوبان الجليد، في الكثير من مناطق العالم، وارتفاع درجات الحرارة، ساهما في تغير المناخ، واضطراب سقوط الأمطار.
وطرأت تحولات واسعة على الغطاء النباتي في الأراضي الفلسطينية، بحسب الأطرش، وهي تؤثر، وفق تأكيده، على طبيعة المناخ في فلسطين، والحياة البرية فيها.
ويستدرك بالقول: «المناخ يتغير، والربيع يأتي هذا العام مبكراً، وفي الأعوام المقبلة، قد لا نشهد أي ربيع، مع ارتفاع الحرارة، وهو ما قد يتسبب بخلل في الحياة البرية، وحياة الطيور وهجرتها»، محذراً من أنّ «الأمر ليس عاديا، بل إنه مربك، فالكثير من النباتات ظهرت في غير موعدها».
والتوقيت المثالي لنمو الأزهار البرية في فلسطين، هو نهاية شباط، ويلفت الأطرش إلى أن الأمر يحتاج إلى دراسات معمقة، لمعرفة ما قد يصيب الغطاء النباتي من تحولات مستمرة.
ويُضيف الأطرش: «منطقة الشرق الأوسط كلها تشهد حالات مناخية يمكن وصفها بالمتطرفة، من انحباس مطري، إلى ارتفاع حاد في درجات الحرارة، وذوبان لأنهار الجليد، وهذه العوامل كلها تؤدي إلى تغير في الغطاء النباتي».
وأكد الأطرش أن ثمة خطراً على الحياة البرية، وأنواع الزهور المختلفة في الأراضي الفلسطينية، مع تغير المناخ عاما بعد آخر.
ويشير كتاب صدر حديثا حول التنوع الحيوي عن «جمعية الحياة البرية» إلى أن نباتات فلسطين العضوية الطبيعية تتمثل بـ128 عائلة نباتية، بينها 14 من السرخسيات، و124 من النباتات الزهرية.
ومن أهم هذه الزهور البرية، شقائق النعمان وما تعرف بـ «الدحنون»، وهي من الأزهار البرية ولها فروع مزغبة تنتهي برؤوس تحمل وردة غالباً ما تكون حمراء وفي داخلها بذور سوداء.
ومن الأزهار البرية، النرجس البري، والأقحوان، بالإضافة إلى نبتة تُسمى بـ «عصاة الراعي»، والسوسن.
وتنتشر بعض النباتات التي يقوم الفلسطينيون باستخدامها كوجبات غذائية، ومن بينها الخبيزة، وهي نبتة صغيرة برية خضراء، بالإضافة إلى نبتة الرجلة (البقلة)، والحمصيص وهي نبتة تشبه الملوخية.


 («الاناضول»)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...