التغيير المناخي وتداعياته المستقبلية سفر الإنسان «محنة»والحيوانات المهاجرة تفقد البوصلة
يشعر المسافرون عادة بالإحباط، وكثيراً ما يعربون عن تململهم، عندما يتأخر موعد إقلاع الطائرة بسبب سوء الأحوال الجوية، لكن هذا الأمر قد يصبح اعتيادياً، وسيناريو من المستحسن التعايش معه في المستقبل القريب.
فقد أصدر الفريق الحكومي الدولي المعني بالتغير المناخي خلال العام الحالي خامس تقرير له حول «آثار وإستراتيجيات التكيف ومواطن الضعف المتصلة بتغير المناخ العالمي»، الذي اعتبر صراحة أن السفر في المستقبل «سيكون بمثابة محنة».
ففي وقت تشير فيه الاتجاهات الحالية إلى ارتفاع أعلى في متوسط درجات الحرارة، توقع التقرير الدولي «تزايد تواتر الظواهر الجوية المتطرفة ذات الصلة بالتغيير المناخي، كموجات الحرارة والعواصف والفيضانات الساحلية، بمجرد ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية درجة واحدة فقط»، معتبراً ذلك «السبب وراء المزيد من تأخير الرحلات الجوية، وإثارة المشاكل لأعداد أكبر من المسافرين، بل إثارة مخاطر أكبر خلال السفر».
وفي التفصيل، تأخذ الرحلات الجوية بعداً أكثر خطورة إذا كانت وجهة المسافر الشواطئ أو الشعاب المرجانية. فمع ذوبان الجليد في أكثر المناطق القطبية في العالم، تزحف المحيطات إلى مستويات أعلى، «ما يعني أن المناطق الساحلية والمنخفضة من الممكن أن تعاني من الغرق والفيضانات وتآكل السواحل والشواطئ، فضلاً عن تلوث المياه المالحة من جراء إمدادات مياه الشرب»، بحسب ما أكد التقرير.
من ناحية أخرى، تواجه الشعاب المرجانية الملونة في البحار عملية «تبيض» أو تحول إلى اللون الأبيض، كرد فعل للتغيرات الواقعة في المياه، كما أن ذوبان ثاني أوكسيد الكربون، وهو غاز الدفيئة، في بحار العالم ومحيطاته، يجعل مياهها أكثر حموضة.
وإذا كان التغيير المناخي يثير المشاكل للمجتمعات البشرية، إلا أن تأثيره على «مسافرين آخرين» لا يقل سوءاً، وهذا ما تطرقت إليه «اتفاقية الأنواع المهاجرة»، المكرسة للحفاظ على الأنواع المهاجرة في العالم، والتي عقدت آخر ورشة عمل لها في مدينة «ليمون» في كوستاريكا خلال الشهر الحالي.
وتواجه الحيوانات المهاجرة التحديات ذاتها التي يواجهها البشر: اختيار موعد السفر، خط السير، مكان الأكل والراحة، ومدة البقاء في مكان الهجرة قبل العودة إلى الموطن الأم، وهي قرارات قد يتمكن الإنسان من الاستغناء عنها، ولكنها تعتبر مسألة «حياة أو موت» بالنسبة للحيوانات المهاجرة، التي تشكل رمزاً قوياً للتراث الإنساني الطبيعي المشترك، والتي تهاجر في كثير من الأحيان عبر القارات. ومن هذا المنطلق، يشكل الشتاء الأكثر دفئاً ورطوبة، أمراً واقعاً سيفرض على الطيور المهاجرة في أوروبا الهجرة إلى مناطق التكاثر في أوقات سابقة عن مواعيدها المعتادة، ما سيسفر عن انخفاض عددها وتقلص نطاقاتها، ما قد يجر إلى نتيجة كارثية، ألا وهي الانقراض.
وعلى سبيل المثال، تمتد هجرة أنواع من الفراشات عبر أجيال متعددة، لتعبر مسافات شاسعة عبر القارة الأميركية الشمالية. لكن التغير المناخي يلقي بظلاله على المواطن الشتوية الحالية لها في أميركا الوسطى، ما يجعلها أكثر عرضة للتجمد، وقد يؤدي في المستقبل إلى حالات موت كارثية.
وفي الوقت نفسه، يهدد الجفاف الشديد واحدة من أكبر الهجرات في العالم، التي تنطوي على سفر مئات الآلاف من الحيوانات البرية وغيرها، عبر سهول «سيرينغيتي» في أفريقيا، كما تعاني أكبر أنواع الأسماك على كوكب الأرض، أي الحيتان وأسماك القرش، من الأخطار بسبب التغيير المناخي، والتي قد تتسبب في المستقبل في انخفاض حاد في أعدادها، نتيجة انخفاض درجات حرارة المحيطات العالمية.
وفي هذا الصدد، أكد المستشار العلمي لاتفاقية الأنواع المهاجرة لقضايا التغيير المناخي كولن غالبريث أن «التغيير المناخي هو أحد التهديدات الأكثر أهمية للأنواع المهاجرة والنظم الإيكولوجية التي تعتمد عليها»، داعياً المجتمع الدولي إلى «ضرورة اتخاذ إجراءات دولية عاجلة لمواجهة التهديدات المعقدة الناجمة عن هذا التغيير».(عن «وكالة الأنباء العالمية»)
وكالات
إضافة تعليق جديد