تلوث ضوضائي
الضجيج من الأصوات العالية التي تزيد من المعدل الطبيعي المقبول الذي يسبب للإنسان أذى، قد ينجم عنه تأثيرات صحية ضارة.. الضجيج قديم بالنسبة للإنسان، إذ تشير الكتابات على بعض الألواح الطينية التي وجدت في مدن بابل وسومر، إلى أن الإنسان يشعر بالسأم والملل من المدينة التي تعج بالضوضاء، وكان يمنع في المدن الإغريقية والرومانية إصدار الأصوات ليلاً، وكانت تنقش الشوارع بمواد تقلل من أصوات العجلات وحوافر الخيل، خاصة في الشوارع التي يقطنها المفكرون والأدباء.
هذا ما قاله الدكتور استالين كغدو، رئيس الجمعية السورية للوقاية من حوادث الطرق، في بحثه خطورة التلوث الضوضائي المروري في المدن، الذي قدمه في ندوة استراتيجية المرور والنقل في مدينة دمشق التي جرت مؤخراً.
- وأضاف: أما في عصر النهضة الصناعية الحالي فقد تزايدت حدة الضوضاء بسبب اعتماد الإنسان على الآلة في تدبير معظم شؤونه واحتياجاته اليومية، وتعتبر وسائل النقل المختلفة من سيارات وقطارات ودراجات نارية والتي تكتظ بها المدن بشكل مضطرد ومرعب، من أهم مسببات الضوضاء وأكثرها ضرراً على صحة الإنسان، حيث يقدر عدد السيارات التي تمر في شوارع المدن الكبرى بـ 4000 سيارة في الساعة، وفي ذروة الازدحام يصل العدد إلى 6000 سيارة، وما يزعج في هذه السيارات ليس هديرها فقط، إنما صوت المنبهات والمزامير التي تستخدم بشكل فوضوي ودون حاجة لها في معظم الأحيان، خاصة من قبل فئة الشبان الذين لا يدركون نتائجها الضارة على صحة الناس، وما تسببه من إزعاج للمواطنين سواء كان ذلك مباشرة أو على المدى البعيد.
وأشار إلى أن هناك الملايين من الناس في أنحاء العالم يصابون بنقص السمع من جراء التعرض الدائم للضجيج، ويقدر عددهم بـ 50 مليون إنسان، خاصة الذين يعملون في مهن وصناعات صاخبة، أو الذين يقطنون قرب الشوارع المزدحمة بالسيارات، والأذية هنا دائمة غير قابلة للتراجع بسبب تخرب الأهداب العصبية في الأذن الداخلية التي تنقل الأصوات إلى مركز السمع في الدماغ، ويترافق نقص السمع عادة بالطنين واضطراب التوازن الدائمين.
- ونوه إلى ضرورة إيجاد طرق لتخفيف عدد السيارات في شوارع المدن الكبرى بتشجيع وسائل الركوب الجماعية، مثل الباصات الكبيرة والحافلات الكهربائية والقطارات تحت الأرض /المترو/، وتشجيع ركوب الدراجات العادية، والاعتماد على المشي في الذهاب إلى العمل إذا كان قريباً، وعند قضاء الحاجات الشخصية البسيطة، وزيادة عدد الحدائق والمساحات الخضراء النباتية التي تخفف من شدة الضجيج، وتأمين الخدمات الضرورية في الأحياء البعيدة عن مركز المدينة لتجنيب استخدام السيارات للتوجه إلى المدينة لتأمينها، إضافة إلى ذلك يجب توسيع أرصفة المشاة، وأن يكون هناك مسرب خاص للدراجات الهوائية، وتأمين مراكز لوقوف السيارات داخل أو قرب الحدائق الكبيرة، وإبعاد السيارات الكبيرة /الشاحنات/ من الدخول إلى المدينة، وبناء جدران أو أشجار عالية حول الطرق السريعة لعزلها عن المناطق المأهولة، ومراقبة شدة أصوات المزامير عند الفحص الدوري للمركبات، وتنسيق السيارات القديمة التي تلوث البيئة بالضجيج والغازات الصادرة عنها، وتطبيق قانون السير وخاصة المادة 24 منه المتعلقة بالأبواق، لأن السائق أصبح يستخدمها بصورة ملفتة وأصبحت ظاهرة في سورية، ومصدراً مزعجاً لصفو الحياة في المدينة وإزعاجاً دائماً لقاطني المدن والمارة، ويلاحظ ذلك جلياً عند الإشارات الضوئية وأماكن التقاطعات، وفي الأماكن المزدحمة في المدن.
يجب إجراء حملة إعلامية مكثفة لتوعية المواطنين بعدم استخدام المزامير بشكل عشوائي، وبيان الأضرار الناجمة عنها، ومدى الأذى الذي تسببه للبيئة من الناحية الصحية، سواء للشخص المخالف نفسه أو لغيره للقضاء على هذه الظاهرة غير الحضارية والمزعجة لراحة الناس في كل مكان.
أحمد زينة
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد