لماذا يكره الرجال اليوغا؟
يتنفس الممارسون لتمارين اليوغا في استديو خاص في مدينة واشنطن الأميركية جيداً، ينحنون، يلتوون، ويمددون أجسادهم لعلهم يصلون إلى حالة أفضل من الراحة ومن السعادة.
وبالفعل، يغادر هؤلاء وهم أكثر حيوية ونشاطا ويشعرون بأن أجسادهم أصبحت أكثر ليونة ونظرتهم إلى الحياة أضحت أكثر تجدداً وإشراقاً.
لكن في مقابل ذلك، هناك ما يثير الدهشة. فمن أصل 24 شخصاً كانوا في القاعة، لم يكن هناك سوى أربعة رجال.
ويعترف أصحاب صالات اليوغا والمدربون في واشنطن بأن هذا الأمر مألوف جداً في كل أوقات النهار. ويضيفون أن نسبة النساء اللواتي يمارسن رياضة اليوغا تفوق بكثير نسبة الرجال. وقد أفادت دراسة سابقة أجرتها مجلة «يوغا جورنال» في العام 2012 بأن من أصل 20,4 مليون شخص يمارسون اليوغا في الولايات المتحدة، يوجد فقط نسبة 18 في المئة من الرجال.
وتقول برانيتا أكولا، التي اعتادت على ممارسة تمارين اليوغا في يوم عطلتها، إن «زوجها أحس بالضجر عندما حاول في إحدى المرات أن يشاركها هوايتها»، مضيفة أنه «لم يعط الفرصة لنفسه للاستمتاع بما يقوم به».
وأكولا تشبه الكثير من النساء اللواتي يمارسن هذه الرياضة الشهيرة ويرغبن بأن يتشاركن مع أزواجهن هذه المتعة الفريدة. لكن الاعتقادات الخاطئة حول اليوغا تقف دائماً في الطريق. هي ليست رياضة «لائقة» بالرجال، يجب أن تتمتع بكثير من الليونة الجسدية لممارستها، أجسام الرجال غير قابلة للالتواء كخبز «البريتزيل»، إنها تعتمد كثيراً على الانفعالات والمشاعر، وغيرها من الأسباب التي يطلقها الرجال لتبرير عدم اقتناعهم باليوغا كهواية «ذكورية».
ويقول أدريان هيومل، الذي يدرب «اليوغا بيكرام» التي تعرف أيضا باسم «اليوغا الساخنة» وهي نوع «شاق» نسبياً من اليوغا، إن ما يحصل هو أن الرجال الذين لا يعرفون شيئاً عن اليوغا يعتقدون أن هذا التمرين قريب جداً من رياضة «الأيروبيكس» أو «البيلاتس»، ويعتقدون أيضا أنها رياضة «أنثوية» للغاية.
في الواقع، لقد أثبتت الدراسات أن ممارسة اليوغا بانتظام تساعد على تخفيف آلام أسفل الظهر المزمنة وتقوية عضلات الظهر. كذلك أفادت دراسات أخرى بأن اليوغا تنظم ضربات القلب وتخفض ضغط الدم المرتفع. كما أنها تساعد على إزالة التوتر والاكتئاب والقلق. وهي بالإجمال تحسن اللياقة البدنية كما أكد المركز الوطني الأميركي للطب البديل. إلا أن الأبحاث المتعددة لم تستطع حتى الآن أن تثبت أن اليوغا قد تساعد على الشفاء من داء التهاب المفاصل أو مرض الربو. ويقوم المركز حالياً بتمويل أبحاث لمحاولة معرفة ما إذا كان لليوغا دور إيجابي في علاج أمراض السكري والإيدز ومرض تصلب الأنسجة.
ويقول الطبيب في منطقة مانهاتن في ولاية نيويورك لورين فيشمان إنه يستقبل بعض المرضى الذين يشتكون من العديد من الأوجاع وغالباً ما يصف لهم اليوغا كدواء.
وقام فيشمان بتأليف العديد من الكتب حول اليوغا وحول استعمالها كعلاج مكمل للطب وليس كعلاج بديل. فقد قام بدراسة فنون اليوغا منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي ولاحظ أنها رياضة تطورت في الهند منذ قرون عدة على أيدي «الرجال». وهو يقول في هذا الصدد: «لقد حدث نوع من التغيير. فعندما وصلت اليوغا إلى الولايات المتحدة أصبحت نوعاً من الرياضة الناعمة التي لا تثير حس المنافسة والمواجهة».
بدوره، يرفض مدرب اليوغا داني بول النظرية القائلة إن اليوغا هي رياضة مخصصة للنساء. وهو يقوم بتدريب رياضيين على ممارسة اليوغا؛ ومن أبرز تلامذته لاعبو كرة قدم أميركيون معروفون أمثال شانون شارب وتيري إيفانز وبراندون مارشال وويلي روف.
ويقول بول إن الرياضيين يحبون اليوغا لأنها تساعدهم على التركيز قبل المباراة كما أنها تزيل التشنج. ويضيف انه «عندما يقول الرجال إن اليوغا تشعرهم بالضجر، أعتقد أنهم يشعرون بشيء آخر»، معتبراً أن «الأنا عند الرجال تتعرض للصدمة لأنهم لا يستطيعون أن يقوموا ببعض الوضعيات أو ما يسمى أساناس بلغة اليوغا».
وأخيراً، يقول إيان ميسهالوف، وهو صاحب مركز «فلو يوغا» في مقاطعة ميتشيغين، إن «الجانب الروحاني من اليوغا قد يشكل مصدر إلهام للكثيرين، ولكنه قد يكون كابوساً بالنسبة للبعض الآخر، مضيفاً انّ «هذا البعض الآخر هو بمعظمه من الرجال».
ويشرح أنه ينبغي أن نقدم اليوغا للجمهور الذكوري بطريقة تمكنهم من فهمها حتى وإن كانت بحد ذاتها رياضة رقيقة أو روحانية.
السفير نقلاً (عن «واشنطن بوست»)
إضافة تعليق جديد