مقدمة كتابنا "المختصر المفيد في حرب الشعب السوري العنيد"
السوريون يموتون من قلة المعرفة، ولو كان تاريخ المجتمعات التي يعيشون فيها اليوم معروفاً لهم لما وصلوا إلى كل هذي الفوضى التي نحن فيها؛ ولو كانو يعرفون كيف صوملت الوهابية السعودية الصومال وأفغنت أفغانستان لما احتضنو بيض الأفاعي التي فقست في ديارهم وتسببت بدمارها وتشريدهم ..
في هذا الكتاب، الجديد في شكله، من حيث مشاركة القراء الذين كنت المحرض لهم عبر موقع «الجمل» الإلكتروني، وكانو الدافع لاجتهادي في قراءة ما سيأتي، نلاحظ أن ذيول حرب الجمل التي بدأت قبل 14 قرناً لم تنتهِ بعد.. إنها حرب المسلمين لأجل السلطة وليس لأجل الرب، الحرب التي فرقت أمة الإسلام إلى مئات الفرق والشيع السياسية قبل أن تتحول إلى مذاهب عصبية عبر تراكماتها التاريخية..
إنه كتاب الشعب في الحرب والسلم.. كتاب مُختلف مؤتلف بلا رتوش، واضح وغامض، يخوض في اللامفكر فيه كما لو أنه كتاب ثقافة جديدة قديمة يفيد منه الباحث ولا يملّه القارئ العادي.. وهو استكمال لكتابي السابق «عام من الدم» مع نقلة جديدة لفهم يوميات حربنا المجنونة التي تُشاركنا فيها كل ذئاب الأمم المتصارعة فوق أرضنا العتيقة.. أخرجته بطلب من القراء المشاركين والمعلقين على نصوصي، والذين تعلمت منهم بعدما ملأوا الفراغات المناسبة لتوضيح المشهد السوري المشتعل.. وبهذه المناسبة اعترف أن موقع "الجمل" قد وفر لي هذه الميزة الفريدة من حيث نخبة المعلقين الذين لا نرى مثلهم في المواقع الإلكترونية الأخرى على شهرتها واتساع انتشارها..
يغور هذا الكتاب في أسرار دمشق خصوصاً وتأثيرها على بلاد الشام عموماً، إذ يعيد قراءتها فيعري ناسها وأديانها وأسواقها وحكامها عبر اختزال تاريخي تجتمع فيه كل العصور التي شكلت شيفرتنا الوراثية، منذ كانت دمشق بحيرة ماء ووجه الرب يرفّ فوق وجه الغمر وصولا إلى طوفان الدم هذا.. إنه جهد أيام وشهور، كلمة بكلمة وسطراً بسطر لنخبة من قومي تجمعوا على وليمة النص لينتجوا منه أنواعاً جديدة وغنية، وآمل أن أتعرف يوماً على كل المشاركين فيه بأسمائهم الصريحة..
وهذا الكتاب، بما يحويه، اختبار للرقابة أيضاً فيما لو خرج إلى النور، وإذا لم تفعل، فهذا يعني أننا سنعود إلى بداية الدائرة، حيث أفعى الزمن تبتلع ذيلها لتعيدنا اليوم إلى ما كنا عليه بالأمس.. فالتاريخ جينوم ممتد لا ينفصل عنا ولا نستطيع منه فكاكاً.. بالكراهية ننمو وبالحب نزهر، وحياتنا ثمرة خطيئةٍ باهرة نعض تفاحتها بأسنان شهوتنا للحياة، نبتلعها ثم ندفنها في معدة النسيان، والأيام عطشى لا ترتوي، كما العين لا تشبع من نظر وأنثى من ذكر ولسان من هذر وسيف من شهوة للحم والغدر، نحن كائنات الرمال التي لا يبللها مطر المعرفة فيأكل النسيان أيامنا ويتركنا في لجة التيه الذي لا يفوز باجتياز محنته إلا قلة من الذئاب الحكيمة..
أخيراً، أكرر نصيحة الرب القدير في دعوته للقراءة باعتبارها أول الصلاة ومنتهى النجاة والتواصل المبدع مع النص المحرض، وإنها لمتعة كبيرة في أن يرى الكاتب عقله ونقيضه موزعين في سطور قرائه..
نبيل صالح دمشق 16\ 11 \ 2013
يقع الكتاب في 640 صفحة من القطع الكبير وهو من إصدارات موقع "الجمل"
ريع الكتاب لصالح مؤسسة "دعم" جرحى الحرب
التعليقات
أثرت فينا الحماسة يا حادي
التجديد العاقل
"وكانو الدافع لاجتهادي في
بعد أن فات الاوان
تحية ومحبة وتقدير!
لا ولله الحمد أسكن في قطاع
شكراً للنبيل
ننتظر اقامة سوريانا التي نريد
الآلام ترسم الصّفحات ..ومعايدات ..وأشياء أخرى.
إذا لم ير هذا الكتاب النور
تحية
مقدمة كتابنا "المختصر المفيد في حرب الشعب السوري العنيد"
هل حان زمن بلسمة الجراح
ترجمة
الكتاب الجديد
-قرأتك وتابعتك باهتمام وأنا
إضافة تعليق جديد