هل تحرر الجامعة الطلاب من قيود المدرسة؟
«حدث في مثل هذه الأيام أنني اجتزت امتحانات البكالوريا بنجاح»، «تنذكر وما تنعاد»، «أساها ما بينتسى»... بهذه العبارات يعبر طلاب عن فرحتهم باجتياز المرحلة الثانوية التي كانت بالنسبة للكثيرين منهم كابوساً يومياً يعكر صفو حياتهم. هؤلاء يعبرون في الوقت نفسه عن فرحتهم وتفاؤلهم بالحياة الجامعية الجديدة التي تبدأ أواسط أيلول (سبتمبر) المقبل. وبقدر ما تحمل المرحلة الثانوية من ذكريات صعبة في نفوسهم، تعتبر المرحلة الجامعية بالنسبة إليهم عالماً وردياً يستطيعون فيه قضاء أوقاتهم بلا حسيب ولا رقيب.
يفسر بعضهم لهفته لدخول الجامعة بكونها مرحلة تحرره من قيود كبيرة وتنقله إلى مراحل أخرى يشارك هو نفسه فيها بصنع مستقبله. بداية كانت مرحلة الثانوية بالنسبة للبعض صعبة، إذ سادتها لغة الوعيد والتهديد تارة من قبل الكادر التعليمي وأخرى من قبل الأهل. «كان شعوري عندما أحضر درس العلوم وكأنني مثل شخص ذاهب إلى مثواه الأخير من شدة الخوف من أستاذ المادة الذي كنا نلقبه «بعاقد الحاجبين»، يقول عمران ديوب. فبينما لغة التحذير حاضرة بقوة في المدارس، تغيب في الجامعة الى تترك الحرية التامة للطالب الذي يشعر بأنه صاحب قرار وبأنه أكثر استقلالية وتتلاشى مخاوفه من المحاضرات لأنه هو من يقرر إما يحضر هذه المحاضرة أو يتجاهلها. «أشعر بأنني انتقلت من عالم الصغار إلى عالم الكبار»، يضيف عمران.
وليس فقط التحرر من لغة الوعيد هو السبب في الحلم والتفاؤل بالحياة الجامعية، بل هناك أسباب أخرى لا سيما للفتيات اذ تتيح لهن عرض أنوثتهن ونقاط القوة في أجسادهن كما يقول بعضهن. وهذا أمر قد يساعدهن على التقاط العريس المناسب. ومعروف إن اللباس المدرسي تم تغييره أخيراً من الزي العسكري الكاكي إلى القميص الرمادي والزهري ومع ذلك لم يشبع رغبة الفتيات اللواتي ابتكرن أساليب «موضوية» ضمن البذلة الواحدة كتضييق البنطال والقميص وإضافة الخرز وغيرها ومع ذلك بقيت محاسنهن غير بارزة. إلا إن هذه الابتكارات لن يكون لها لزوم مع الجامعة حيث اللباس المقور والتنورة والأظافر الملونة والكعب العالي. «تخلصت من رتابة أيام المدرسaة, والالتزام باللباس المدرسي وصراخ الموجهة عليّ بسبب تطويل أظافري»، تقول رنا علوش.
ويرى آخرون في الحياة الجامعية فرصة التخلص من حالة الطوارئ المفروضة على الطالب أثناء الحياة المدرسية وخاصة أيام البكالوريا لدرجة إن بعض الطلاب كانوا يصفون حالة البيت بأنها أشبه بالحرب التي تستنفر فيها معظم وحدات الجيش خوفاً من تمكن العدو من إصابة هدف ما. وهذه هي الحال بالنسبة الى كفاح ديب الذي استنفرت قواته الخاصة (أسرته) لمراقبته وعدم السماح له بتضييع وقته وتحديد أوقات نومه وتناوله وجبات طعام مخصصة تساعد على التذكر والفهم. «لم يكن مسموح لي التكلم مع فتيات كي لا أنصرف عن دراستي وأغرق في علاقة عاطفية غير واضحة المعالم كما كانت تصفها أمي»، على حد تعبير كفاح. وربما هذا أوجد رد فعل لدى كفاح المتلهف لبدء العام الجامعي الذي يسمح له بالخوض في تجارب عاطفية يعيشها ويتعلم منها.
غير إن ضمان المستقبل واحترام الآخرين يبقيان في مقدم الأسباب عند الشباب الحالم بالحياة الجامعية. ويعتقد بعضهم بأن الجامعة كفيلة بإعادة ثقة الطالب بنفسه التي افتقدها أثناء البكالوريا بسبب تحكم الجميع به وفرض الآراء عليه من دون السماح له بالإفصاح عن أفكاره الخاصة لا بل مصادرتها. «بعد نجاحي بالبكالوريا أشعر بالاحترام من الجميع لا بل يأخذون رأيي في معظم المواضيع المهمة وكأن نجاحي بالبكالوريا رفعني لدرجات عظمى»، يقول مهند نعمان.
ويضيف: «الشاب الشرقي يتربى على إنه رجل البيت وفجأة يتناسى الأهل ذلك أثناء البكالوريا وهذا يولد شعوراً لديه بضرورة استرجاع وجاهته الاجتماعية بعد الانتهاء من المرحلة الثانوية».
عفراء محمد
المصدر: الحياة
التعليقات
تحديث المناهج الدراسية
إضافة تعليق جديد