657 سيارة نائمة في مرفأ طرطوس منذ عام 1997 حتى اليوم
قضية عمرها ثلاثون عاماً بدايتها كانت العام 1977 عندما قامت شركة هدايا باستيراد 670 سيارة بيك آب سوزوكي وأودعت الحرم الجمركي في مرفأ طرطوس وتم اخراج 13 سيارة .
ثم جاءت برقية من وزارة الاقتصاد بوقف إخراج السيارات موضوع القضية وعددها الباقي /657/ سيارة، وخلال هذه السنين الطويلة تحولت هذه السيارات الى خردة واستمرت قضيتها في المحاكم المختصة بدءاً من المحكمة الإدارية التي قضت بتسليم السيارات الى أصحابها وفق الأصول بموجب القرار 323 تاريخ 1981 ووضع موضع التنفيذ ولكن وزارة الاقتصاد طلبت إعادة المحاكمة وطعنت بالقرار الذي بقي كما هو. وبتاريخ 17/11/ 1988 أرسلت وزارة الاقتصاد كتاباً الى رئاسة مجلس الوزراء تطالب فيه الموافقة على تنفيذ الحكم القطعي وتسليم السيارات الى صاحبها ولم توافق رئاسة مجلس الوزراء على تنفيذ الحكم.
وبقي النزاع في هذه القضية منظوراً أمام القضاء الاداري منذ العام 1978 لغاية 1993، وفي العام 1996 بدأت القضية في القضاء المدني حيث صدر القرار 316 عن محكمة البداية المدنية السابعة في دمشق لعام 1999 ثم صدر القرار الاستئنافي رقم 530 لعام 2001 وبقي لدى محكمة النقض حتى العام 2005 عندما أصدرت القرار 57 العام 2005 بفسخ القرار المطعون وأعيدت القضية الى محكمة الاستئناف التي اصدرت القرار 319 تاريخ 17/11/2006 الذي تم استئنافه الى محكمة النقض مجدداً.
ربما نكون قدمنا موجزاً سردياً عن مراحل القضية أما التفاصيل فقد زودتنا بها شركة مرفأ طرطوس المتضررة الأكثر من بقاء هذه السيارات لثلاثين عاماً حيث شغلت ساحة مساحتها تزيد عن خمسة آلاف متر مربع لم تكن سوى مقبرة لـ 657 سيارة، أما الرسوم التي فاقت الأربعمئة مليون ليرة جراء التخزين فهي لايمكن تحصيلها لأن أنظمة الجمرك تقضي أن لاتتجاوز الرسوم نصف قيمة البضاعة.
القضية كما عرضتها شركة مرفأ طرطوس هي كالتالي:
هذه السيارات مخزنة في ساحات الشركة العامة لمرفأ طرطوس منذ العام 1977، وبتاريخ 30/3/1980 ترتبت على هذه السيارات رسوم بلغت أكثر من ثلاثة ملايين ليرة، وأخطرت الشركة السيد نذير هدايا إنذاراً بتاريخ 7/4/1981 لتسديد المبلغ خلال اسبوع تحت طائلة المطالبة القضائية وقد أجابت شركة نذير هدايا أنها حصلت على قرار صادر عن المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 30/10/1980 برقم 545 قضى بإلغاء القرار الضمني المتضمن منع شركة نذير هدايا من استلام سياراتها ووضعها في الاستهلاك المحلي وأن الشركة جادة في تنفيذ القرار واخراج السيارات ودفع الرسوم المتوجبة للمرفأ.
وقد تحقق للشركة العامة لمرفأ طرطوس بدل خزن وإشغال حتى تاريخ 22/2/1994 أكثر من 8،43 مليون ليرة، وبطلب من وزارة النقل عام 1996 لمتابعة موضوع هذه السيارات قضائياً قامت الشركة العامة للمرفأ بتوجيه انذار عن طريق الكاتب بالعدل في تاريخ 20/7/1996 الى شركة نذير هدايا أكدت فيه ضرورة تسديد الرسوم والبدلات المرفئية المترتبة على هذه السيارات تحت طائلة تطبيق المادة 48 من نظام الاستثمار بالطلب الى مديرية الجمارك بيع هذه السيارات واعتبارها متروكة.
وقد أجاب السيد نذير هدايا في تاريخ 29/8/1996 بكتابه المتضمن أن السيد وزير الاقتصاد بكتابه رقم 32 الموجه الى مديرية جمارك طرطوس طلب عدم التصرف بهذه السيارات لحين صدور توجيهات رئاسة مجلس الوزراء بشأنها وأكدت ذلك مديرية الجمارك بعدم التصرف بهذه السيارات.
ثم أقامت شركة نذير هدايا دعوى على وزارة الاقتصاد ومؤسسة سيارات وشركة المرفأ بطلب تعويض أضرار عن سيارات سوزوكي وعددها 657 سيارة وذلك في تاريخ 30/7/1996 لدى محكمة البداية المدنية السابعة في دمشق وقامت شركة المرفأ بتكليف محامي الشركة بمتابعة هذه الدعوى وتقديم الدفوع اللازمة وقد أصدرت المحكمة قرارها القضائي بإلزام وزارة الاقتصاد والمرفأ ومؤسسة سيارات بدفع مبلغ حوالي 14 مليون ليرة للجهة المدعية كتعويض عن الأضرار التي لحقت بها..
تم استئناف القرار من قبل شركة المرفأ وسجلت الدعوى بمحكمة الاستئناف المدنية التاسعة في دمشق برقم أساس 4374 لعام 2000 حيث قدمت الدفوع باعتبار أن شركة المرفأ لم تعارض شركة نذير هدايا من إخراج هذه السيارات وتصفية رسوم الخزن التي ترتبت عليها، والإدعاء على شركة المرفأ غير صحيح وان توقيف تسليم السيارات واخراجها من المرفأ لاعلاقة لشركة المرفأ بها وأن الشركة لم تتسبب بأي ضرر.
وفي تاريخ 1/11/2001 صدر القرار القضائي عن محكمة الاستئناف بحق وزارة الاقتصاد ومؤسسة سيارات بالتكافل والتضامن بدفع مبلغ 58 مليون ل.س لشركة نذير هدايا مع الفائدة التجارية بواقع 5 % ورد الدعوى عن شركة المرفأ لعدم الثبوت.
وقامت وزارة الاقتصاد ومؤسسة سيارات بطعن الحكم عن طريق ادارة قضايا الدولة الى محكمة النقض في دمشق برقم أساس 1833 لعام 2002 وبقيت القضية لدى محكمة النقض لغاية العام 2005 حيث صدر القرار 57 لعام 2005 بفسخ القرار المطعون وذلك لأن محضر الجلسة الذي صدر فيها القرار المطعون فيه لايتضمن اسماء القضاة الذين أصدروا الحكم..
وأعيدت الدعوى الى محكمة الاستئناف المدنية الرابعة في دمشق وسجلت رقم 6778 لعام 2005 وفي تاريخ 7/11/2006 صدر القرار 319 المتضمن ماورد في القرار السابق، وكتحصيل حاصل سيذهب القرار مطعوناً الى محكمة النقض.
وجاء في مذكرة رفعتها شركة مرفأ طرطوس الى رئاسة مجلس الوزراء في تاريخ 23/7/2006 أن بدل الخزن المترتب على هذه السيارات من 2/5/2000 لغاية 8/7/2006 بلغ 375.4 مليون ليرة وان رسم الخزن
لمجموع هذه السيارات بلغ 8،455 مليون ليرة لايمكن تحصيله لأن المادة 170 من قانون الجمارك نصت أنه لايجوز أن يتجاوز بدل الخزن نصف قيمة البضاعة مهما كانت الاسباب واستناداً لذلك يصبح المبلغ المتوجب دفعة لشركة المرفأ هو 29.3 مليون ليرة وفق منطوق قرار محكمة الاستئناف 530 لعام 2001 والقرار الاستئنافي 319 لعام 2006، والقضية الآن منظورة أمام محكمة النقض.
في قراءة هادئة لمضامين هذه القضية تبين الضرر الكبير الذي لحق مؤسسات الدولة جراء إبقاء هذه السيارات ثلاثين عاماً شاغلة مساحات كبيرة لساحات مرفأ طرطوس، وقدرت الشركة رسوم هذه السيارات بأكثر من 455 مليون ليرة كرسوم خزن متوجبة الدفع ولكن ماستحصله شركة المرفأ إذ افترضنا أن القضية انتهت وفق منطوق الحكم الاستئنافي هو 29 مليون ليرة أي نصف المبلغ المنصوص عنه في قرار الحكم لأن أنظمة الجمارك قضت بعدم تجاوز رسوم وبدلات الخزن المرفئية نصف قيمة البضاعة، أي أن خسارة شركة المرفأ تتجاوز 425 مليون ليرة.
هذا من الناحية المادية أما الأمر الآخر الذي لابد من الاشارة إليه هو رفض الجهات العامة تنفيذ أحكام القضاء الإداري لأكثر من سبعة عشر عاماً ومثل هذه القضية التي تحولت الى القضاء المدني تمكث لدى محكمة النقض أكثر من أربع سنوات في المرة الأولى وفي المرة الثانية لانعرف كم سيستغرق النظر بها.
محمد عمران
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد