111ألف أمبولةدوائية تغادرمقلب القمامةإلى الصيدليات وأجساد المرضى
ضبطت شرطة منطقة سمعان في حلب 111 ألف إبرة دوائية مخالفة يجري تداولها في الأسواق بصورة غير نظامية, وبملاحقة خيوط القضية تبين أن كمية الأدوية المذكورة هي من صنع إحدى الشركات الدوائية المحلية وقد تم إتلافها بمحضر رسمي وأرسلت إلى مقلب القمامة في تل الضمان لحرقها لكنها تسربت من هناك وطرحت في الأسواق لتصل إلى أجسام المرضى.
- البداية كانت عندما ضبطت شرطة منطقة سمعان وبتوجيه من العميد عيسى مدير المنطقة 16 ألف أمبولة (إبرة) في منزل أحد الأشخاص في قرية الشيخ سعيد وألقت القبض عليه مع اثنين من شركائه ثم ألقي القبض على سائق تركس يعمل في مقلب القمامة «في تل الضمان» وقد اعترف بأنه حمل كمية من الدواء المراد إتلافه كما دل على أشخاص آخرين قاموا بالفعل ذاته.
وبتوجيه من اللواء عبد الحنان الحجو قائد شرطة المحافظة تم التوسع بالتحقيق والإسراع بالإجراءات المطلوبة, وتم بعد يومين من وقوع الحادثة أي في الرابع من الشهر الجاري القبض على شخصين كانا يعرضان كميات من هذا الدواء بسعر زهيد فجرى استدراجهما ليتبين أن لديهما 10 آلاف أمبولة وبالتحقيق معهما قدما معلومات عن الصيدليات والمشافي التي اشترت منهما الأدوية المعدة للاتلاف, فتم على الفور القبض على عدد من الصيادلة والعاملين في الصيدليات وقد وصل عدد الموقوفين على ذمة هذه القضية إلى 23 شخصاً منهم طبيب واحد وأربعة صيادلة وثلاثة ممرضين وأربعة من أعضاء لجنة الإتلاف وأربعة من عمال الصيدليات وخمسة نباشين من مقلب القمامة واثنان كانا يبيعان الأدوية للصيدليات والمشافي ولايزال أحد عناصر لجنة الإتلاف متوارياً.
- السيد عبد الكريم صابوني أحد مالكي الشركة المصنعة أشار إلى أن كمية الدواء المذكورة هي من تصنيع معمله, وهي معدة للإتلاف لوجود مخالفة في كمية الدواء في كل أمبولة حيث تقل قليلاً أو تزيد عن الكمية المطلوبة وبالتالي فإن الأجهزة الحديثة في المعمل تقوم بلفظها فتضاف إلى الكميات منتهية الصلاحية مع نهاية العام والتي يجري إتلافها جميعاً بإشراف لجنة خاصة مؤلفة من ممثلين من مديرية المالية ومديرية الصحة ومجلس المدينة وهذه عملية روتينية تتم في نهاية كل عام لكن ما جرى هذا العام يستدعي رفع دعوى قضائية على هؤلاء الأشخاص الذين تسببوا بالإضرار بصحة المواطنين وبسمعة الشركة من خلال إقدامهم على إعادة هذه الأدوية إلى الأسواق, ويؤكد السيد صابوني أن مندوب الشركة حضر عملية الإتلاف في المقلب حيث تم سكب المازوت على كومة الأدوية المراد اتلافها وأضرمت فيها النار ولا أحد يعرف كيف تم إنقاذها من الحريق وإعادة تسويقها علماً أن هذه الأدوية تباع ضمن عبوات نظامية ولايجوز بيعها لأنها حتماً ستكون مخالفة أو مسروقة.
ويؤكد مسؤولون في مديرية المالية ماذهب إليه مالك الشركة ويقولون: إن عملية الاتلاف تجري بطلب من الشركة المصنعة من أجل عدم استيفاء الضريبة على هذه الكمية المستبعدة وتقدر قيمتها هذا العام بحوالى 28 مليون ليرة, وقد نظم بها محضر نظامي ونقلت إلى مقلب القمامة بمعرفة أعضاء لجنة الاتلاف وحضورهم إلى مقلب القمامة ومشاهدتهم لها أثناء عملية الحرق علماً أن ممثلي مديرية المالية ليس مطلوباً منهم مرافقة الكمية إلى موقع الإتلاف, وتنحصر مسؤوليتهم في جرد الكمية لدى الشركة المصنعة وتسليمها إلى ممثلي مجلس المدينة لكن يبدو أن زيادة حرصهم أوصلتهم إلى التوقيف!!
ويبين الدكتور أحمد يوزغتلي المدير الفني لمعمل الأدوية أن المعمل مزود بجهاز مراقبة يتضمن ثلاث كاميرات لفحص الكميات الموجودة في كل أمبولة, وعند وجود أي زيادة أو نقصان تستبعد الأمبولة لأسباب فيزيائية بحتة وليس لأي أسباب أخرى، وكل وجبة من الدواء يتم إرسال عينات منها إلى وزارة الصحة لفحصها والموافقة على طرحها في الأسواق وتنظم عملية البيع بفواتير نظامية يمكن الرجوع إليها عند الحاجة.
الدكتور مصطفى سواس نقيب الصيادلة في حلب اعترض على طريقة الإتلاف برمتها معتبراً إياها مضرة بيئياً بحيث يتوجب إتلاف الأدوية بطريقة لا تؤثر على سلامة البيئة, أما بالنسبة للصيادلة الذين تم توقيفهم فيطالب بإخلاء سبيلهم لأن الأدوية التي قاموا بشرائها غير منتهية الصلاحية وتنحصر مسؤوليتهم في شراء الكمية دون فواتير نظامية وهذه مخالفة مسلكية ونضيف بأن أي صيدلي لا يمكن أن يغامر بسمعته من أجل مبلغ تافه من المال. أما الدكتور معن الشبلي رئيس مجلس المدينة فيؤكد أن مسؤولية التأكد من إتلاف كمية الدواء تقع على عاتق كامل أعضاء اللجنة, وليس ممثلي مجلس المدينة فقط والمسألة برمتها قيد التحقيق من الجهات المختصة ويشير د. الشبلي إلى أن عملية الإتلاف الحالية غير مأمونة بيئياً ويتوجب إنجاز محرقة خاصة بالأدوية والمواد الكيماوية.
- القضية بالغة الأهمية لأنها أولاً وآخراً تتعلق بصحة المواطنين, والأشخاص الذين تورطوا فيها أحيلوا إلى الجهات القضائية المختصة لكن ما يتوجب الكشف عنه للرأي العام هو كيف يمكن أن تتسرب كل هذه الكميات إلى السوق مادام هناك ضبط إتلاف رسمي وما هي نسبة ما أتلف فعلاً وهل هي المرة الوحيدة التي تتسرب فيها الأدوية إلى الأسواق بدلاً من إتلافها؟! أسئلة مهمة وموضوعية نأمل أن نجد الإجابات عليها قريباً. يذكر أن بداية تكشف ملابسات العملية بدأت في الرابع من الشهر الحالي عندما تم ضبط بعض الأشخاص يروجون كميات من هذا الدواء بشكل مخالف (دوكما) أي من دون عبوات..
كمال الزالق
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد