“برد العجوز” أو “المستقرضات” لماذا يخاف كبار السن من شهر شباط؟
في الموروث الشعبي تمتزج القصة والخيال بالحقيقة والواقع، فتروى الحكاية وتبقى جيلا بعد جيل، بحلة متجددة، تحمل نفس المضمون الممتع والمثير للفضول، كحكايات الجدات التي لانمل سماعها.
و”للمستقرضات” أو “برد العجوز”، وهي آخر أربعة أيام من شباط وأول ثلاثة أيام من آذار، حكاية متوارثة، وبسببها يخاف العجائز من شهر شباط وينتظرون رحيله كل عام.
وتقول الحكاية، بحسب مصادر متعددة “تعود قصة هذه الأيام، إلى عجوز خرجت ترعى أغنامها في أحد الأودية خلال الأيام الأواخر من شهر شباط، حيث لم تهطل خلالها الأمطار وكان الجو صافياً ودافئاً وبدأت تردد “فات شباط الخباط وما أخذ مني لا نعجة ولا رباط، وضربنا على ظهره بالمخباط”.
فسمع شباط كلامها وغضب غضباً شديداً واستنجد بابن عمه آذار: آذار يا ابن عمي ثلاثة منك وأربعة مني نخلي وادي العجوز يغني، معنى ذلك أن شباط طلب من آذار أن يتعاونا معا للانتقام من العجوز .
وتكمل الحكاية بأن “آذار استجاب لشباط فأتت في الأيام المحددة أمطار غزيرة شكلت سيلاً جرف العجوز وأغنامها، وتضيف الحكاية أن العجوز وقد جرفها السيل لم تخشَ ماسيحدث لها بل كان همها أغنامها”.
وأصبحت العجوز تقول: “شباط مالو رباط وآدار غدار”، وفرح شباط لأنه جعل العجوز تعترف بقوته.
وتأخذ الحكاية معنى آخر في قرى الساحل السوري، فبرد هذه الأيام المحمل بالمطر يهدد كبار السن بالموت، وينتظر الكثير منهم مضي أيام المستقرضات و “رية العجائز” ليحتفلوا بعام جديد كتب لهم، حسب اعتقادهم.
ويقول ربيع، شاب من طرطوس، إن “أحد عجائز قريته يجاهر كل عام بأنه لا يخاف من شباط، لكنه مع ذلك لا يخرج من بيته طوال الشهر ولا يظهر إلا في منتصف آذار، نشيطاً كأنه شاب في مقتبل العمر أو كأنه حصل على عمر جديد”.
ويضيف ربيع “الملفت أنه بلغ من العمر 116 عاماً، ولايزال يذهب إلى الحلاق ويقول أن سبب طول عمره عدم زواجه حتى الآن”.
وتروي بثينة عن جارتها العجوز ذات الثمانين عاماً “كلما أمطرت في شهر شباط ترتعب أم حسن، وإذا أصيبت بأي عارض مرضي بسبب البرد تظن أنها ستموت، فإذا مضى شباط عادت إلى نشاطها”.
وتعتبر سليمة ذات السبعين عاماً أن “في هذا الكلام بعض المبالغة، وهي لا تخاف من رية شباط، لكن كبار السن بشكل عام أكثر تأثراً بالبرد لضعف مناعتهم، وأمراض الشتاء الكثيرة كلها تهدد حياتهم”.
وفي مصادر أخرى تروى الحكاية بشكل مختلف بعض الشيء فيذكر الباحث “خير الدين الأسدي”، في موسوعته الكاملة أنه “كانت هناك عجوز كاهنة من العرب تخبر قومها ببرد سيقع أواخر فصل الشتاء، سوف يتلف الماشية لديهم”.
ويتابع “ولكن لم يكن أحد من أبناء قومها يصدقونها، ثم حدث ما حذرتهم منه فعلاً، وأتلف الماشية وغيرها، فسموها لذلك “أيام العجائز”.
ليس العجائز وحدهم من يحسبون لبرد الشتاء حساب ويتمنون مضييه على خير، فاليوم للسوريين جميعاً نفس الأمنية، بأن يمضي الشتاء بقسوته على خير في ظل أزمات تأمين وسائل التدفئة كل عام.
إضافة تعليق جديد