وقائع من تلاعب اردوغان بالمحاكمات القضائية في تركية

10-12-2011

وقائع من تلاعب اردوغان بالمحاكمات القضائية في تركية

فجأة، استفاق رجب طيب أردوغان وقرر التعاطف مع الشعب السوري، الى حد مشاركته آلامه وأوجاعه، حتى نسي أنه رئيس وزراء تركيا وليس سورية، رئيس وزراء دولة فيها الكثير ممن يتألمون ويبكون، ويتوجعون بسببه، ويبدو ملف المحاكمات الهزلية التي تشهدها تركيا – أردوغان خير مثال لمعاناة الكثيرين من هؤلاء.
سنعرض في هذا التقرير بعض نماذج مهزلة القضاء التركي في زمن حزب العدالة والتنمية، ليبدو ولوهلة أن الكاتب الالماني كافكا المعروف بتركيزه على تناقضات الحياة الإنسانية حي يرزق، وهو يقيم الآن في أنقرة... إنه يتألم، لكنه لا يفرط بأمله كما يفعل رئيس الوزراء...
نماذج الاحكام الهزلية
رئيس الحزب الاجتماعي الديمقراطي، وهو حزب مغمور، وأحد أصدقائه كانا يتكلمان بالهاتف، فسأل أحدهما الآخر عن مكانه، فأجابه ممازحاً: «نحن في "المقر الثوري" تعال وانضم إلينا» وكان يقصد بالمقر الثوري مقهى صغيراً يقع بالقرب من ساحة في أنقرة يجري فيها اعتصام عمالي يشاركون به. السلطات الأمنية التي كانت تتنصت عليهما قامت باعتقالهما والصاق تهمة "تأسيس وقيادة تنظيم ارهابي غير شرعي باسم المقر الثوري" بل إن القضية كبرت جداً وأصبحت مادة للتشويه الإعلامي من قبل وسائل الإعلامية الموالية للنظام.
- في نفس القضية قام أحد المتهمين، وكان مخموراً ربما، بمهاتفة صديق له، قبل أن يتم اعتقال كليهما، وقال: «أنا أزمّر (أعزف بالزمر) اسطنبول» فاتهم بتوجيه رسائل بالشيفرة والتحضير لأعمال تخريبية في اسطنبول.
- الباحث سونير يالتشين أول من كشف عن ظاهرة الاغتيالات المسجلة ضد "مجهول" التي يقوم بها تنظيم غير شرعي يستغل امتداده ضمن الأمن والجيش والأحزاب السياسية. وهو التنظيم الذي اتهم لسنتين بمحاولة الانقلاب على الحكومة فيما عرف بقضية أرغنكون. يالتشين نفسه اعتقل بتهمة التآمر على الدولة، وخرجت الصحافة الموالية بحملة تشويه ضده "كان الذراع الإعلامية لمنظمة أرغنكون" أي أنه اتهم بالانتماء لنفس التنظيم الذي كان أول من كشفه، بل تعرض للتهديد من قبله، بل تم اغتيال أحد الضباط الذين ساعدوه في عمله البحثي.
- طالما الحديث مفتوح عن قضية أرغنكون فما رأيكم بأن أصحاب السوابق وزعماء العصابات وكبار ضباط النظام الأمني السابق الذين تم اعتقالهم على خلفية القضية هم حالياً مفرج عنهم، ويتابعون المحاكمة من الخارج، وأنه لم يبقى معتقلاً ضمن إطار القضية إلا الصحافيون؟
- قامت أجهزة الأمن الأردوغانية بعمليات اعتقال واسعة جداً من حوالي عامين وحتى الآن ضمن قضية اتحاد المنظمات الكردستانية المتهم بأنها "الذراع المدينية لحزب العمال الكردستاني" (الحمد لله هذه المرة، وعلى خلاف قضية المقر الثوري" قرأوا شيئاً عن الماركسية وعلموا أن في تقاليدها شيئاً اسمه التنظيم المديني كما في حالة المقاومة الفييتنامية ضد الاحتلال الأمريكي مثلاً) الغريب أن تنظيماً ارهابياً بلغ عدد المعتقلين في إطاره حتى الآن أكثر من 4000، وما زالت حملات الاعتقال تتجدد كل فترة، فإن الأكثرية الساحقة من المعتقلين ليسوا مقاتلين وليس لهم أية علاقة بحمل السلاح؛ إنما هم كتاب وأكاديميون وصحافيون ومحامون وناشطو حقوق إنسان أكراد.
- يشار بويوك أنيت رئيس هيئة الأركان السابق، ضابط علماني متشدد. كان ما يزال رئيساً للقوى البرية، وهو ما يعني في العرف التركي أنه سيستلم رئاسة الأركان في أقرب ترفيعات. الحكومة المذعورة قامت بعملية تشويه إعلامي كبيرة جداً دون جدوى. وفي النهاية قامت بما يلي: تصادف أن اعتقل شاب يساري متشدد يعرفه بويوك أنيت، فقال عنه: «أعرفه، قد كان صبياً صالحاً» الحكومة استغلت الأمر واتهمت الضابط بـ "عرقلة مجرى التحقيق والتأثير على الاجراءات القضائية" على خلفية تصريحه.
- حنفي أوجي ضابط متقاعد كان مدير الأمن باسطنبول، يميني متشدد عرف عنه تشدده وقسوته في قمع اليساريين طويلاً، ومن جهة أخرى علماني متشدد قاوم أثناء خدمته المد الأصولي ضمن أجهزة الأمن. الأصوليون ينتقمون الآن منه بطريقة لافتة: تم اعتقاله واتهامه بقيادة منظمة "المقر الثوري" المذكورة أعلاه. وحالياً اليساريون يقبعون في الزنزانة مع جلادهم السابق في نفس القضية، بل بحسب الاتهام هو قائدهم في التنظيم وليس فرداً عادياً، وأعلى مرتبةً حتى من ذاك الذي توقف الآن عن التزمير.
- قضية جمعية منارة البحر التي تحدثنا عنها  تم الإفراج عن المتورطين في عملية الفساد المموه بأنه عمل خيري إسلامي. ومن جهة أخرى لم يفرج عن ثلاثة من الصحافيين المعتقلين ضمن إطار قضية أرغنكون رغم أنهم في الانتخابات التشريعية الأخيرة نجحوا، بما نالوه من تعاطف شعبي، بالوصول إلى مجلس الشعب. أي يفترض أنهم يتمتعون الآن بالحصانة الدبلوماسية.
- منذ أيام أغارت قوى الأمن على مطبعة جريدة معارضة. وخرجت الصحافة الموالية بخبر مفاده: "العثور في المطبعة على تفاصيل خطة تستهدف انهاك أردوغان" السؤال هنا هو لماذا يقوم هؤلاء الناس باعداد خطتهم في المطبعة، أليس لديهم، كما كانت الصحافة الموالية تزعم، مقر ثوري يمكن أن يعدوا الخطط فيه ويزمروا كما يشاؤون؟
السؤال بعد هذه النماذج هو: كم قرر كافكا أن يقيم في أنقرة؟

سومر سلطان

المصدر: عربي برس

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...