نتنياهو يسعى إلى منع التأييد الدولي لحكومة الوحدة الفلسطينية
استبق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إعلان الحكومة الفلسطينية الجديدة ليطلب من الأسرة الدولية عدم المسارعة للاعتراف بها والتعاون معها. وقد أعلنت أوساط إسرائيلية أن حكومة نتنياهو قررت قطع العلاقات مع الحكومة الفلسطينية الجديدة حال تشكيلها، وهو قرار أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن السلطة تملك الردود عليه.
وفي مستهل جلسة الحكومة الإسرائيلية الأسبوعية دعا نتنياهو الأسرة الدولية إلى عدم الاعتراف بحكومة التوافق الفلسطينية الجديدة التي يشاع أنها ستعلن اليوم. وأعلن أن حكومة فلسطينية تستند إلى حركة حماس «لن تعزز السلام وإنما ستعاظم الإرهاب».
ومعروف أن هذه الحكومة هي التي تم الاتفاق على تشكيلها بعد اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس في غزة قبل حوالي شهر ونصف الشهر. وقد شكل إعلان المصالحة نوعاً من الرد الفلسطيني على تفجير إسرائيل للمفاوضات التي أشرف على إدارتها وزير الخارجية الأميركي جون كيري في الأشهر التسعة التي سبقت تفجيرها.
ولا تعتبر الحكومة الفلسطينية الجديدة موضع خلاف فقط بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في رام الله، بل هي موضع خلاف شديد أيضاً بين إسرائيل والإدارة الأميركية.
وفي الوقت الذي رفضت فيه إسرائيل بشكل قاطع إعلان المصالحة وتشكيل الحكومة الجديدة، فإن الإدارة الأميركية اشترطت ذلك بتلبية الحكومة الفلسطينية لاشتراطات الرباعية الدولية وفي مقدمتها الاعتراف بإسرائيل ونبذ الإرهاب. ولم تجد نفعاً مساعي إسرائيل لدفع الإدارة الأميركية إلى التشدد أكثر مع الحكومة الجديدة أو اشتراط أن تغير حماس ذاتها مواقفها وتعلن اعترافها بإسرائيل.
وكان الموقف الأوروبي مغيظاً بشكل خاص لإسرائيل لأنها لم تكتف باشتراطات الرباعية بل رحبت بوحدة الفلسطينيين وتشكيل حكومة جامعة.
وكانت إسرائيل حتى وقت قريب تعتقد أن في وسعها، عبر جملة من الضغوط والتهديدات، منع تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة. وقد وسعت من تهديداتها بعدما تبين لها أن تقديرها الأولي بشأن ضعف فرص تشكيل هذه الحكومة نظراً إلى عمق الخلافات بين فتح وحماس كانت تقديرات خاطئة. ومعروف أن التحليل المهني لوزارة الخارجية الإسرائيلية، كما نشر في الصحافة العبرية، أشار تقريباً إلى استحالة التوافق على الحكومة وإلا أن اللجوء إلى إعلان المصالحة كان مجرد خطوة تكتيكية يراد منها ممارسة الضغط على إسرائيل.
وفي كل الأحوال فإن الموقف الرسمي الإسرائيلي من حكومة الوحدة الفلسطينية الجديدة والخطوات الواجب اتخاذها ضدها ليس موضع إجماع داخل حكومة نتنياهو. وقد اقترح وزير البيئة، من حزب «الحركة» بزعامة تسيبي ليفني، عمير بيرتس على الحكومة التزام ضبط النفس و«عدم إغلاق الأبواب لأنه يصعب جداً بعد ذلك إعادة فتحها ثانية».
وبحسب بيرتس فإن «علينا فحص برنامج الحكومة الفلسطينية الجديدة وليس رفض التحاور معها، ومن الأفضل أن نضع محمود عباس أمام اختبار القدرة على دفع حماس للاعتراف بإسرائيل وبشروط الرباعية».
وليس صدفة أن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز سيجتمع مع الرئيس عباس في الفاتيكان، بحضور البابا، الأسبوع المقبل، الأمر الذي يضعف حدة مطالبة نتنياهو للأسرة الدولية بمقاطعة الحكومة الجديدة.
وكان الرئيس عباس قد أبلغ ناشطين فرنسيين التقى بهم في رام الله أن الفلسطينيين سوف يردون على كل خطوة إسرائيلية. وأشار إلى «أننا سندرس الخطوات الإسرائيلية وسنرد على كل واحدة منها. وإذا قررت إسرائيل عدم تسليمنا أموال الضرائب فسوف نردّ».
ومعروف أن خطوات إسرائيل العقابية ضد السلطة الفلسطينية مقيّدة بالضغوط الدولية والقانون الدولي. وتكفي هنا مثلاً الإشارة إلى رأي قانونيين ومستشارين إسرائيليين بشأن مطالبة شركة الكهرباء الإسرائيلية بقطع الكهرباء عن مناطق السلطة الفلسطينية بسبب الديون المتراكمة. ويتحدث هذا الرأي عن صعوبة فعل ذلك من دون أن تتهم إسرائيل جدياً بانتهاك القانون الدولي بوصفها لا تزال قوة الاحتلال.
وترى أوساط فلسطينية أن التأييد الأميركي للحكومة الجديدة مضمون، خصوصاً أن الإدارة الأميركية دعت رئيس الحكومة المكلف رامي الحمد الله لزيارة واشنطن بعد تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة. فقد وصلت الدعوة لهذه الزيارة يوم الخميس الماضي، بعد إعلان عباس تكليفه، وهو ما يشير، في نظر هذه الأوساط، بشكل واضح إلى نية الإدارة التعاون معه وعدم مقاطعة حكومته.
من جهة أخرى أعلن أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري ينوي الاجتماع بالرئيس محمود عباس قريباً.
وقد استنكر الحمد الله، دعوة نتنياهو، المجتمع الدولي إلى عدم الاعتراف بالحكومة الجديدة. وأكد الحمد الله أن حملة التحريض التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية تهدف إلى التهرب من الالتزامات والتنكر للاتفاقيات، والعمل على ترسيخ الاحتلال بالوسائل كافة.
وحذّر مجلس الوزراء من تصعيد الحكومة الإسرائيلية لمخططاتها وممارساتها بالمزيد من التوسّع الاستيطاني، واحتجاز عائدات الضرائب الفلسطينية، وتقييد حرية الحركة، وإطلاق العنان للمستوطنين، مؤكداً أن هذه الممارسات لن تزيد شعبنا إلا تمسكاً وإصراراً على الصمود والنضال حتى نيل حقوقه الوطنية المشروعة كاملة غير منقوصة.
وردّ المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، على دعوة نتنياهو للمجتمع الدولي إلى عدم الاعتراف بحكومة الوفاق الوطني الفلسطيني الجديدة، «إن المجتمع الدولي بأسره سبق وأن شجّع ورحّب وقدّم التهاني لعباس على خطوته الكبيرة الهادفة إلى توحيد الوطن والشعب».
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد