مصر: شرف استشار «الإخوان» في تشكيل حكومته والمعتصمون طردوا موفد المجلس العسكري
واصل رئيس الوزراء المصري الدكتور عصام شرف مشاورات التشكيل الوزاري الجديد المقرر الإعلان عنه اليوم على أن يؤدي أعضاء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية أمام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي غداً. وفيما أحاط شرف تشكيلته الحكومية بكتمان شديد، علمت «الحياة» أن جماعة «الإخوان المسلمين» استُشيرت في هذا الأمر غير أنها لن تشارك في هذه الحكومة بأي من أعضائها، خلافاً للأنباء التي ترددت في مصر أخيراً. وفي ميدان التحرير واصل مئات المتظاهرين اعتصامهم، فيما شيّع آلاف جثمان أحد شهداء الثورة وافته المنية أمس متأثراً بجروح أصيب بها يوم «جمعة الغضب» في 28 كانون الثاني (يناير) الماضي. وزار عضو المجلس العسكري رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون اللواء طارق المهدي الميدان أمس وسعى إلى تهدئة المحتجين وأكد أن المجلس العسكري يدعم الثورة ويعمل على تلبية مطالبها، غير أن المعتصمين طالبوه بمغادرة الميدان بسبب تأكيده أن الإعلام المصري يدعم الثورة في تغطيته لوقائعها، فضلاً عن ترديد بعض المعتصمين في الميدان أن القوات المسلحة فضّت بالقوة اعتصاماً في مدينة طنطا في دلتا مصر. ولم يكمل المهدي كلمته للمعتصمين واضطر إلى مغادرة الميدان بعد تعالي الهتافات المطالبة برحيله، وأمّن بعض المعتصمين طريق خروجه مع فرد من الشرطة العسكرية كان يرافقه.
وواصل شرف مشاوراته في شأن التعديل الوزاري المرتقب واستقبل أمس المرشحين لتولي منصب نائب رئيس الوزراء الخبير الاقتصادي الدكتور حازم الببلاوي والقيادي في حزب «الوفد» الدكتور علي السلمي، وذلك للمرة الثانية خلال ثلاثة أيام. وصرح مستشار رئيس الوزراء للشؤون الخارجية الناطق باسم مجلس الوزراء محمد حجازي بأن هناك اتجاهاً لتعيين أكثر من نائب لرئيس الوزراء في التعديلات الجارية.
ونفى نائب مرشد جماعة «الإخوان المسلمين» الدكتور رشاد بيومي لـ «الحياة» أن تكون الجماعة طلبت منحها حصة في الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة. وقال: «لم نطلب أي وزارة ولا نريد شغل أي حقائب وزارية»، مشيراً إلى أن الجماعة استشيرت في التشكيل الحكومي الجديد لكنها لم تطلب أي حقائب وزارية. وأكد أن «التشكيل الحكومي الجديد لن يضم أحداً من الإخوان». واعتبر بيومي أن هناك «من لا يتعامل مع موضوع تشكيل الحكومة الجديدة بجديته المطلوبة». ورداً على سؤال عما إذا كان رئيس الوزراء هو من طلب رأي الإخوان في الحكومة الجديدة، أجاب بيومي: «استُشرنا من كل من له مسؤولية في تشكيل الحكومة، ولا نتأخر عن إعطاء المشورة لكن لن يكون هناك أحد من الإخوان في الحكومة؛ لأن المسؤولية تكليف لا تشريف». وأوضح أن الإخوان طرحوا في المشاورات التي جرت معهم مبادئ عامة مطلوبة لتشكيل الحكومة منها «أن يستثنى من هذه الوزارة كل من كان له دور إيجابي في الفترة الماضية، وأن يكون الاختيار قيمياً يعتمد على الكفاءة، وأن يتم اختيار أناس أتقياء».
كما نفى الناشط السياسي المنسق العام الأسبق لحركة «كفاية» جورج إسحاق ما تردد عن توليه حقيبة وزارية في الحكومة الجديدة. وقال إنه التقى والناشط السياسي الدكتور عمرو حمزاوي رئيس الوزراء للحديث في أمور عامة. وأشار إلى أن اختيار السلمي والببلاوي في الحكومة الجديدة «اختيار موفق وبداية تدعو للتفاؤل».
وفي ميدان التحرير واصل المئات اعتصامهم، وفوجئوا بقدوم اللواء طارق المهدي إلى الميدان وطلب الحديث إلى المعتصمين من على إحدى المنصات. وهو حاول الحديث من على المنصة الرئيسة القريبة من سور الجامعة الأميركية لكنه لم يجد مكبرات صوت فيها فتركها واعتلى منصة حزب «الوفد». وأوضح أنه قادم من أجل حض المضربين عن الطعام على العدول من قرارهم، مشدداً على أن المجلس العسكري يدعم الثورة ويعمل على تلبية مطالبها. وأوضح أن السلطات تنظر الآن في الإفراج عن كل المعتقلين في الأحداث التي تلت الثورة، غير أن تأكيده أن الإعلام المصري حيادي ويدعم الثورة لم يرق لبعض المعتصمين الذين طالبوه بمغادرة الميدان ورددوا «انزل.. انزل».
وطلب بعض المعتصمين من زملائهم ترك الفرصة للمهدي لعرض ما يريد لكن آخرين ردوا بأن الجيش فرّق بالقوة اعتصاماً في مدينة طنطا (في دلتا مصر) وهو ما أثار استياء المعتصمين فطلبوا من المهدي مغادرة الميدان. والمهدي هو أول قائد عسكري يزور الميدان من بدء الاعتصام فيه قبل أكثر من 10 أيام. وبعد مغادرته الميدان، أكد المتظاهرون استمرارهم في الاعتصام لحين تلبية كل مطالبهم. وألهبت جنازة أحد شهداء الثورة مصطفى أحمد محمود الذي وافته المنية أمس مشاعر المعتصمين. وأدى مئات منهم صلاة الجنازة على الراحل في مسجد عمر مكرم في أحد أطراف الميدان. ورددوا أثناء تشييع الجنازة شعارات تطالب بالقصاص للشهداء ومعاقبة ضباط الشرطة المتهمين بقتلهم. كما رددوا هتافات منددة بوزير الداخلية منصور العيسوي.
ميدانياً، أحبطت السلطات أمس محاولة ثالثة لاقتحام سجن مركز شرطة بلبيس في محافظة الشرقية (في دلتا مصر) لتهريب المساجين فيه. وقال مصدر أمني إن السجناء كسروا باب الحجز بعد أن اتصلوا بأقاربهم وأصدقائهم للتجمهر أمام المركز لمساعدتهم على الهروب. وأضاف المصدر أن سجينين حرَّضا بقية السجناء على الهرب بعد الاتفاق مع أقاربهم على التجمهر أمام المركز لمساعدتهم، إلا أن الأجهزة الأمنية تمكنت من السيطرة على الموقف، من خلال إطلاق الأعيرة النارية في الهواء وتفريق الأهالي وإحباط محاولة الهروب.
وأعلن رئيس حزب «الكرامة» تحت التأسيس المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية حمدين صباحي تأييده إجراء الانتخابات البرلمانية قبل وضع دستور جديد، حتى تنتهي المرحلة الانتقالية في أسرع وقت ممكن، داعياً كل القوى السياسية إلى التكاتف ونبذ الانقسام، واحترام نتيجة الاستفتاء لعبور هذه الفترة الحرجة. وأكد أن وثيقة مبادئ اختيار اللجنة التأسيسية لوضع الدستور المزمع إقراره تمثل حلاً رشيداً يطمئن قلوب الجميع.
في غضون ذلك، قررت محكمة جنايات القاهرة أمس تأجيل نظر قضية «تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل» إلى جلسة في 10 أيلول (سبتمبر) المقبل. ويُتهم في القضية وزير البترول السابق سامح فهمي ورجل الأعمال الهارب في إسبانيا حسين سالم وخمسة من قيادات قطاع البترول السابقين، بتصدير الغاز لإسرائيل بأسعار زهيدة كبَّدت الدولة قرابة 715 مليون دولار. وجاء قرار التأجيل لتنفيذ طلبات دفاع المتهمين والاطلاع على العقود المتعلقة بتصدير الغاز، واستصدار شهادة بما تم من تحقيقات في شأن بعض البلاغات.
أحمد رحيم
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد