مصر: حوادث طائفية في المنيا بسبب «شائعة»
شبح الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط يلوح مجدداً في محافظة المنيا في صعيد مصر، على خلفية شائعة بعلاقة غير شرعية جمعت بين شاب قبطي وسيدة مسلمة.
وهي شائعة دفعت بالشاب إلى الهرب مع زوجته وأبنائه خارج القرية في نهاية الأسبوع الماضي، وذلك قبل أن يقوم الأهالي بحرق منزله ومنازل مجاورة، وبتعرية والدته وتركها في الشارع، وسط حكم عرفي (أصدره السكان المحليون) بتهجير جميع أقباط القرية الواقعة أساساً في أكثر المحافظات المصرية كثافة من ناحية السكان الأقباط.
المحاولات الأمنية للتكتم على الحادث الذي وقع مساء الجمعة في قرية الكرم ولم تُكشف تفاصيله إلا مساء أول من أمس بعد تحرير السيدة العجوز محضرا ضد المعتدين عليها، لم تنجح، فانتشرت الرواية عبر المواقع الالكترونية، وأعلنت الاجهزة الأمنية أن ستة أشخاص جرى سجنهم بقرار من النيابة بعد القبض عليهم خلال الأحداث التي وصلت إليها قوات الشرطة عقب مرور أكثر من ساعتين على اندلاعها وعلى حرق المنازل.
وإزء تطوّر الأحداث، أعلن المكتب الإعلامي للرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس، أن رئاسة الجمهورية "تتابع باهتمام بالغ الإجراءات المُتخذة... لحفظ النظام العام وحماية الأرواح والممتلكات"، موضحاً أنّ السيسي "وجّه محافظ المنيا للتنسيق مع القوات المسلحة لإعادة إصلاح وتأهيل جميع المنشآت المتضررة... وأكد أنّ مثل هذه الوقائع المثيرة للأسف لا تُعبر بأي حال من الأحوال عن طبائع وتقاليد الشعب المصري".
من جهة أخرى، فإنّ البابا تواضرس، الذي يزور النمسا في رحلة رعوية علاجية، طالب، في بيان عممه على الأسقافة، بالتزام التهدئة في التصريحات الاعلامية من أجل تجنب اشتعال ازمة طائفية، وذلك بعدما بدأت المواقع القبطية في تصعيد الموقف. بينما تعرض الانبا مكاريوس، اسقف المنيا، لضغوط تطالبه بالاكتفاء بالبيان الصادر عن المطرانية وبعدم الظهور اعلامياً وبمطالبة العائلات القبطية بالتزام التهدئة.
وقد حصلت الكنيسة على وعد غير مباشر من الحكومة بإعادة الأقباط المهجرين إلى القرية خلال الأيام المقبلة في مقابل التزام التهدئة مع صرف التعويضات المناسبة للأسر المتضررة، فيما بدأ اهالي القرية تحركات للمطالبة بتبرئة أبنائهم المحبوسين على ذمة الاتهام بحرق المنازل وخاصة أن أكثر من 300 شخص شاركوا في الأحداث، وليس المقبوض عليهم فقط.
أما الحكومة ممثلة بوزارة الداخلية التي تدير الأزمة خلال الفترة الحالية، فتمارس ضغوطا على الكنيسة لتتنازل والدة الشاب عن المحضر الذي تقدمت به مساء أول من أمس، في مقابل سرعة الحل وصرف التعويضات عن طريق وزارة التضامن الاجتماعي، وهو المقترح الذي ترفضه السيدة بعد تصعيد الأمر إعلاميا، فيما أعلن نواب في البرلمان اعتزامهم التدخل لحل الأزمة.
وعادة ما تحمل العلاقات غير الشرعية بين الفتيات المسلمات والشباب القبطي مشاكل طائفية معها، وخصوصاً أنّ علاقات كهذه تمثّل النسبة الأكبر من أسباب العنف الطائفي في مصر، إضافة إلى التجمعات القبطية لأداء الصلاة، وخاصة في الصعيد. ومن جهة أخرى، فإنّ اعتياد الداخلية تحميل "الإخوان" و"الجماعات التكفيرية" مسؤولية أحداث كهذه، كان قد دفع الامن، بصورة غير رسمية، إلى تحميلهم مسؤولية ما حدث مرة جديدة، وهو ما يعبّر عن عجز واضح عن التعامل مع الأزمة الراهنة التي يرى مراقبون سياسيون أنها لا تحمل أي بعد سياسي وليس لـ"الإخوان" علاقة بها.
وكانت والدة الشاب القبطي، سعاد ثابت، التي اقتربت من إتمام عقدها السابع، قد عاشت لحظات وحشية بعدما جردها المخربون من ملابسها، وتقول بعض التقارير إنها صارت لمسافة قصيرة عارية تماماً قبل أن تنجح إحدى السيدات في تغطيتها. وأثناء التحقيقات، قالت ثابت إنها تخفت داخل احد منازل الجيران، مؤكدة أن نجلها ليس له علاقة بالسيدة المسلمة التي يزعم أهالي القرية أنه على علاقة بها. وقالت إنها أخبرتهم بأن زوج السيدة هو من روّج للشائعة في القرية بغية الطلاق من زوجته دون إعطائها الحقوق المتوجبة عليه. وبررت سعاد ثابت عدم إبلاغها بالواقعة في يوم حدوثها بخوفها من العار والفضيحة. لكن اللافت أنّ عائلة الشاب القبطي كانت قد تقدمت ببلاغ صباح يوم الجمعة، أي قبل وقوع الأحداث، للمطالبة بحمايتها.
أحمد جمال الدين
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد