مصر: انتخابات فارغة وقتيلان برصاص الشرطة
شهدت المحافظات المصرية امس، واحدة من اغرب العمليات الانتخابية المحلية، التي جرت من دون اشراف قضائي، وخرجت بمشاركة شبه معدومة، وفاز 70 في المئة من المرشحين فيها حتى قبل ان تفتح صناديق الاقتراع، وذلك في وقت عاشت منطقة المحلة الكبرى اجواء هادئة عقب يومين من التظاهرات، بعدما تحركت الحكومة المصرية لتطويق «انتفاضة مصغرة» سقط فيها قتيلان برصاص قوات الامن التي زادت رصيدها من عمليات الاعتقال.
ونزل بعض المصريين الى مراكز الاقتراع لاختيار 52 الف عضو في المجالس المحلية في 26 محافظة. ولكن مرشحي الحزب الحاكم فازوا بالتزكية بـ44 الف مقعد قبل اجراء الانتخابات بسبب عدم وجود منافسين لهم، خاصة بعدما انسحبت جماعة الإخوان المسلمين ودعت الناخبين إلى مقاطعة الانتخابات، احتجاجا على استبعاد السلطات لمعظم مرشحيها، ولعقد الانتخابات في آلاف الدوائر التي صدرت اوامر قضائية تمنع الانتخاب فيها.
وخلال النهار «شبه الانتخابي»، طالب شيخ الازهر محمد سيد طنطاوي المواطنين «بالحرص على التوجه الى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم». وقال «انني اؤيد ادلاء الناس بأصواتهم لان ذلك شهادة ويجب على كل مواطن ان يؤدي هذه الشهادة». كما اشار الى «رفض الاسلام لاي أعمال خارجة عن القانون واعمال شغب تضر بمصالح المواطنين والدولة وتؤذيهم في حياتهم اليومية وتسبب لهم متاعب كبيرة»، في اشارة الى احداث المحلة الكبرى التي الغيت الانتخابات فيها بعدما توافق المتنافسون على توزيع المقاعد.
وقال مراقبون حقوقيون ان الانتخابات شهدت اقبالا ضعيفا جدا من قبل الناخبين، مشيرين الى ان نسبة المشاركة النهائية قد لا تتجاوز الـ3 في المئة. وذكر مدير «مرصد حالة الديموقراطية في مصر» أحمد فوزي، ان نسبة الاقتراع كانت منخفضة للغاية بسبب احساس المصريين بانها «انتخابات عديمة الجدوى». واضاف ان «مراقبي المرصد في تسع محافظات سجلوا نسبة حضور لم تتجاوز 1 في المئة في افضل الاحوال».
واعلنت المنظمة المصرية لحقوق الانسان انها قررت الامتناع عن مراقبة هذه الانتخابات بسبب «غياب التنافسية فيها وغياب الاشراف القضائي عليها». اما «الجمعية المصرية لدعم التطور الديموقراطي»، فاكدت انها «تابعت الانتخابات في 24 محافظة اذ لم تجر عمليات اقتراع في الفيوم والاسماعيلية بسبب فوز جميع المرشحين بالتزكية»، مشيرة الى ان مراقبيها الذين بقوا خارج اللجان لاحظوا مع ذلك «عمليات تزوير لبطاقات التصويت».
وكانت انتخابات المحليات ارجئت لمدة عامين في العام 2006 بعد الاختراق الذي حققه الاخوان المسلمون في انتخابات مجلس الشعب. وبموجب تعديل دستوري ادخل في العام ,2005 فان اي مرشح لانتخابات رئاسة الجمهورية يجب ان يحصل على تاييد 250 عضوا منتخبا من مجلسي الشعب والشورى والمجالس المحلية من بينهم 140 على الاقل من اعضاء مجالس المحافظات.
وفي موازاة العملية الانتخابية، ظلت احداث المحلة الكبرى تتصدر المستجدات. وقال شهود ان قوات الأمن قتلت الفتى أحمد علي مبروك (15 عاما) فجر اليوم خلال مداهمات لمنازل في المدينة. وذكر هؤلاء إن مبروك كان يقف في شرفة منزله حين أصيب بثلاث رصاصات في الرأس والرقبة ثم سقط من الشرفة وقد فارق الحياة. وأضاف هؤلاء ان الجنود فروا من المكان بعد تجمهر بعض السكان الذين خرجوا من بيوتهم على صوت إطلاق النار.
وقالت مصادر أمنية وقضائية إن مصاباً بطلقة في الرأس توفي أيضاً. وقال شهود إن حوالى 2000 من المحتجين تجمعوا مساء أمس أمام أحد قسمين للشرطة في المدينة مطالبين بالإفراج عن المحتجزين. وقال شاهد إنهم هددوا باللجوء للعنف من جديد إذا لم يفرج عن المحتجزين.
واعلنت مصادر قضائية ان النيابة العامة وجهت الى 331 شخصا اعتقلتهم في المدينة تهم «التظاهر والتجمهر والشغب والإتلاف العمد والإحراق لبعض مؤسسات الدولة ومقاومة السلطات». وأضافت المصادر إن قوات الأمن ألقت القبض على آخرين خلال ليل الاثنين الثلاثاء.
ورغم ان الحياة بدأت تعود الى طبيعتها في المحلة الكبرى، التي تعد من اكبر مراكز صناعة النسيج في مصر، الا ان اثار الصدامات كانت لا تزال واضحة امس اذ يغطي الزجاج الشوارع التي لم يتم بعد ازالة الاطارات المحروقة منها. وقد اقامت قوات الامن حواجز امنية لاغلاق كل الشوارع المؤدية الى قسم شرطة المحلة حيث جرت التحقيقات مع المعتقلين فيما تجمع قرابة خمسين من اهاليهم في الخارج بانتظار معلومات عن ذويهم.
وكانت وزيرة القوى العاملة عائشة عبد الهادي توجهت الى المحلة الكبرى والتقت العمال لتمهيد الطريق لرئيس الوزراء احمد نظيف الذي وصل بعدها الى المدينة برفقة وزيري الاستثمار محمود محيي الدين والتضامن علي المصيلحي ورئيس اتحاد عمال مصر حسين مجاور (مقرب من الحكومة). وقد اعلنت عبد الهادي في شركة مصر للغزل والنسيج انها قررت صرف مكافأة فورية لـ27 الف عامل تعادل اجر 15 يوما. ووجه أحمد نظيف الشكر الى العمال على وقفتهم ضد «أعمال التخريب وعدم تجاوبهم مع الاضراب».
بدوره، وجه الأمين العام للحزب الوطني الديموقراطي الحاكم صفوت الشريف «التحية باسم شعب مصر إلى عمال المحلة الذين كانوا على قدر المسؤولية والوطنية.. ولم يخرجوا وراء محاولات التخريب أو يتأثروا بقلة خارجة عن القانون». ووصف «ما قامت به القلة المندسة في المحلة وأفعالهم باللصوصية والاجرام والسرقة والتي لا تمت للاخلاق بصلة». وطالب بمحاسبة «مرتكبي هذه الجرائم بكل حسم»، مشددا على ان «الفوضى لا تحقق الإستقرار».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد