مصانع التفريخ الفلسطينية تتحدى آلة القتل الإسرائيلية
أن تكون امرأة ما والدة لطفلين في المساء لتستيقظ في الصباح أما لسبعة عقب ولادة خمسة توائم هي قصة من الخيال، ولكنها بالنسبة للسيدة الفلسطينية أنوار كبابو هي واقع حياة بدايتها معاناة ونهايتها سعادة.
ففي السادس عشر من أغسطس/آب 2005 أنجبت أنوار (28 عاما) من شفا عمرو داخل أراضي 48 خمسة توائم بصحة جيدة بعد عملية قيصرية أنهت سبعة أشهر من الحمل الشاق.
وتقول الوالدة إن المواليد بعد رهق الحمل والولادة بدوا كالأفراخ، لكنهم اليوم صاروا عصافير تغرد وتزقزق وتملأ المنزل سعادة، وإن انخفض عددهم لأربعة جراء وفاة أحدهم.
وتؤكد أنوار أنها ما زالت تذكر صورة أبنائها الخمسة عندما شاهدتهم للمرة الأولى عقب الولادة، وكانوا نائمين واحدا بجانب الآخر لكل منهم رقم حسب الترتيب التالي: معاذ (1.22 كيلوغرام) ثم هزار (860 غراما) ثم نادر (940 غراما) ثم ميخائيل (960 غراما) وفي الأخير كانت دينا( 727 غراما).
وقبل الولادة الخماسية بأيام كانت مدينة شفا عمرو قد تعرضت لمجزرة نفذها مستوطن أودت بحياة ثلاثة من مواطنيها الشقيقتان هزار ودينا، والشاب ميخائيل، مما حدا بالأبوين تخليد أسماء الضحايا بأسماء أبنائهم.
وتقول أنوار إنها أرادت هي وزوجها حسني المساهمة بتخفيف معاناة عائلات الشهداء، علاوة على إيصال رسالة معنوية هامة مفادها "هنا باقون نرد على القتل بالمزيد من الحياة".
وترتسم ابتسامة عريضة على وجه الأم وهي تستذكر عملية الولادة ذاتها، حينما كان الأطباء يستخرجون من أحشائها التوائم واحدا تلو الآخر وهم يعدون في حركات دعابية: واحد، اثنان، ثلاثة.
وتؤكد أنوار أنها مدينة بالشكر لعائلة زوجها وأقاربها الذين هبوا لمساعدتها وزوجها في مواجهة الوضع الاستثنائي الناشئ، وتوضح أنها اعتمدت على نظام الورديات والتناوب على السهر بمساعدة شقيقات زوجها.
وتستعيد أنوار الليالي الطويلة بعد الولادة مشيرة إلى أن اللحظة الأصعب في تجربتها كانت في بكاء التوائم سوية وبدون سبب، لكن اللحظة الأكثر إيلاما كانت عندما فجعت بوفاة أحد التوائم الخمسة بعد أربعة أشهر من ولادتهم.
وهي تحرص الآن على اقتناء الملابس ذاتها لأبنائها غير المتشابهين، كي تبرز حقيقة كونهم توائم رغم خوفها من عيون الحساد وتعليقات المارة و"كلام الناس".
وتعبر أنوار الفلسطينية عن سعادتها وهي ترى "العصافير كبرت واكتست ريشا وتملأ المنزل حياة".
وديع عواودة
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد