لجنة تقصي الحقائق تدين الأجهزة الأمنية
خلصت لجنة تقصّي الحقائق، التي ألّفها الرئيس الفلسطيني محمود عباس لمعرفة أسباب انهيار الأجهزة الأمنية وسقوط قطاع غزة في أيدي حركة «حماس»، إلى أن البنية الأساسية لهذه الأجهزة كانت خاطئة وأنها تعرضت لاختراقات كبيرة من «حماس» وغيرها بحكم الفقر.
وسلّمت اللجنة تقريرها النهائي إلى عباس أمس، وذلك بعد شهر من الاستجواب والاستماع لعشرات من القادة العسكريين والتنظيميين والأمنيين على مدى ما يزيد على 120 ساعة.
وتعهّد الرئيس الفلسطيني، بعد تسلّم التقرير، تقديم قادة «فتح» الميدانيين الكبار، الذين فشلوا في التصدي لاستيلاء حركة «حماس» على غزة، إلى محاكمة عسكرية، وتعهد أيضاً «التطبيق الحرفي» للتوصيات التي جاءت في تقرير ينتقد بقسوة أداءهم. وقال «سيعاقب كل من فشل في عمله، وأولئك الذين أدوا واجبهم سيكرمون»، مشدّداً على أنه «لن يكون هناك أي استثناءات».
وقال أحد أعضاء لجنة التحقيق، مستشار عباس نبيل عمرو، في مؤتمر صحافي، إن تقرير اللجنة، الذي جاء في 200 صفحة، لن ينشر في وسائل الإعلام على الأقل في الوقت الراهن. وأضاف أن «اللجنة استمعت إلى الرئيس محمود عباس وكان هذا بمثابة دعوة للجنة إلى ألا تترك أحداً مهما كانت مهمته أو منصبه». وذكر أن اللجنة رأت أن ما جرى في غزة «انقلاب مثّل وصمة على جبين الفلسطينيين الذين كانوا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الحلم الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية».
وقال عمرو «ما جرى في غزة كانت له مقدمات»، مشيراً إلى أنه «كان هناك تهديد دائم من حماس عند رفض أي من قراراتها واعتبار ذلك وصفة لحرب أهلية». وأضاف أن «البنية الأساسية لأجهزة الأمن كانت خاطئة ولم تكن نافعة، ولم يكن بالإمكان الرهان عليها»، مشدداً على أن العمل الآن سيبدأ بتغيير هذه القاعدة. وتابع «كانت هناك اختراقات في أجهزة الأمن بحكم الفقر، وإجراءات إسرائيل حولتها (الأجهزة) إلى عاجزة وغير قادرة على العمل».
وأوضح عمرو أن «الاختراقات كانت من حماس وغيرها. ولم تكن هناك قيادة ميدانية وهذا مؤسف ومخيف، إذ لا يمكن أن يترك الضابط يعمل باجتهاده فقط».
وقال عمرو إن عباس كان قد أصدر قراراً بتأليف لجنة قيادة للأجهزة في غزة وهي لم تعمل. وأضاف أن «البطولات كانت فردية وهناك من غار على رتبته فيما غاب العمل الجماعي».
ورأى عمرو أن التقرير سيكون اللبنة الأولى لبناء مؤسسة أمنية عصرية، مشيراً إلى أن «هذه المؤسسات تحولت إلى إقطاعيات ومناطق نفود لقادتها». وقال إن مبدأ الثواب والعقاب تم إقراره من خلال تنزيل رتب ووضع خطة لوقف التجنيد العشوائي من اجل لقمة العيش، مضيفاً «لا تجنيد فصائلياً. لا تجنيد من اجل لقمة العيش. هذا قرار لا رجعه عنه. الرئيس مصمّم على إجراء تغييرات كبيرة».
وذكر عمرو أن التقرير طال بعض الشخصيات في المستوى السياسي، مشيراً إلى أن «جميع الإخوة في فتح كانوا متعاونين مع اللجنة وهناك إحالة لأعداد كبيرة من المتهمين إلى القضاء العسكري والمدني بحسب الأوضاع المتعلقة بكل حالة».
وطالب عمرو بتأليف لجنة تحقيق وطنية لمساءلة حركة «حماس» عما قامت به، على اعتبار أن اللجنة الحالية كانت مختصة بما جرى في الأجهزة الأمنية وحركة «فتح»، ولا علاقة لها بـ«حماس».
وضمت اللجنة، التي يرأسها الأمين العام للرئاسة الفلسطينية الطيب عبد الرحيم، إلى جانب عمرو، عدداً من المسؤولين العسكريين والسياسيين والقانونيين.
وكان رئيس ديوان الرئاسة الفلسطينية، رفيق الحسيني، قد أعلن أول من أمس أن عباس «صادق على قرارات اللجنة بتوقيع العقوبة على المقصرين، الذين أجمعت عليهم كل الدلائل والشهود والمستجوبين وباعترافهم، إما بإحالتهم إلى التقاعد مع تنزيل الرتبة أو بالطرد من الخدمة العسكرية». وذكر أن اللجنة ستحيل ما يقرب من 60 منتسباً من الرتب العسكرية كلها إلى القضاء العسكري.
وقالت مصادر مقربة من الرئيس الفلسطيني إن التقرير دان القيادي الفتحاوي محمد دحلان، وإن عباس كان سيقيله لو لم يقدم استقالته بنفسه.
ولم يتأخر رد «حماس» على التقرير، إذ رأى القيادي في الحركة سامي أبو زهري، أنه يؤكد تورط الأجهزة الأمنية في المسؤولية عن الأحداث الأخيرة التي جرت في غزة.
وقال أبو زهري إن «التقرير يؤكد أيضاً حالة الفساد الكبير الذي اتسمت به هذه الأجهزة وما ترتب على ذلك من ظلم وإرهاب في الشارع الفلسطيني، وتورط رشيد أبو شباك ومحمد دحلان في هذه الأحداث».
وأوضح أبو زهري أن «الرئيس الفلسطيني غير معفى من المسؤولية عن هذه الأحداث بصفته القائد العام لهذه الأجهزة، وبحسب التقرير فإن الرئيس الفلسطيني يتحمل المسؤولية عما جرى من أحداث في غزة».
وبخصوص الدعوة إلى تأليف لجنة وطنية للنظر في الأحداث، قال أبو زهري إن «حماس» «رحبت ولا تزال ترحّب بوصول لجنة تقصي الحقائق التي ألّفتها جامعة الدول العربية، وأن الحركة وضعت ملفاً ضخماً من الوثائق والصور التي تثبت تورط هذه الأجهزة في جرائم كبيرة ضد الشعب الفلسطيني».
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد