عاشقان شريكان في جريمة قتل بشعة ومنديل الورق يكشف الجريمة
يُقال، في عالم الجريمة: «القاتل لابدَّ أن يترك خلفه خيطاً رفيعاً في مسرح جريمته يتعلَّق به المحققون، كدليل واضح يدين الجاني على جريمته، حيث بات راسخا أن لاجريمة كاملة».
«همّ البنات للممات» -يقول المثل الشعبي- وما أكبره من هم على رأس الملايين في بلداننا الشرقية. وهنا وقع الهم على أبي أحمد (رجل في الخمسين من عمره متزوج وله 6 بنات دون أبناء ذكور)، الذي طرح، في إحدى المرات، فكرة زواج ابنته (سعاد) الكبيرة من شاب يُدعى لؤي -وهو يقطن في نفس الحي الذي تقطن فيه عائلة أبي أحمد في إحدى مناطق ريف دمشق- لأنه يعتبره ابناً له، وهو بذلك يضمن مستقبل أسرته في حال أصابه أيّ مكروه.
لم يكن في نية لؤي الزواج بـسعاد، بحسب محضر ضبط الشرطة؛ فهي لم تكن بجمال شقيقتها ابتسام (الصغيرة)، التي كان لؤي يعشقها ويحبّها منذ سنوات. وكيلا يخسر لؤي عشيقته ابتسام، وافق على زواجه بسعاد، فشكر أبا أحمد وامتنَّ له هذه الأبوة والثقة الغالية فيه.
تمَّ الزواج فعلاً، وانتقل لؤي ليقيم في منزل حميه الكبير. وبعد عام من الزواج، توفيت حماته، وأصاب المرض أبا أحمد، الذي توفي بعد ذلك، وأصبح لؤي، بحسب تفاصيل محضر الضبط، صاحب البيت والمحل والمتصرف الأول والأخير بأملاك والد زوجته. وهنا كانت ابتسام تعرف أنَّ لؤي مازال يحبّها ويعشقها، وكانت تبادله هذا الحبّ من بعيد وبصمت أيضاً. ولكن، بعد أن توفي والداها، وجدا أنَّ كتمان هذا الحب أصبح أمراً لاجدوى منه، بل مستحيلاً، فتصارحا وأصبحا يقضيان أوقاتاً طويلة مع بعضهما في البيت وخارجه.
وبعد فترة من الزمن، اكتشفت الزوجة سعاد أمرهما. ومايثير الدهشة، أنهما لم ينكرا ذلك، حتى وصل الأمر بهما إلى الإسراف في مظاهر الحب هذا؛ من قلة الاحتشام أمام سعاد، التي لم تترك وسيلة إلا واتبعتها لردع زوجها، ولكنها لم تنجح.
وفي يوم الجريمة، عادت سعاد إلى البيت، حيث كانت تقضي بعض حوائجها، ففوجئت بزوجها وشقيقتها وهما في وضع شائن في صالون المنزل؛ وكأنَّ الأمر اعتيادي بالنسبة إليهما؛ حيث لم يهتز لهما جفن، ولم يخجلا من فعلتهما. وهنا جُنَّ جنون سعاد، فركضت إلى المطبخ وأحضرت سكيناً كبيرة وهجمت عليهما محاولة طعنهما، إلا أنهما سارعا إليها وأمسكاها. وعلى الفور، أحضرت شقيقتها ابتسام حبلاً وربطاها به وراح العاشقان يضحكان ويتقهقهان أمامها. ودار حوار بين لؤي وابتسام عن الطريقة التي سيقتلان بها سعاد.
سمعت سعاد حوارهما الوقح. ومع أنها كانت تستطيع الصراخ، إلا أنها لم تفعل، وراحت تسبّ وتشتم وتصفهما بأقذر الألفاظ؛ ما أثار زوجها لؤي، الذي هجم عليها وهي مربوطة بالحبل، وراح يطعنها في جميع أنحاء جسدها وعلى مرأى من شقيقتها ابتسام، التي كانت تشجّع لؤي على الخلاص منها. وأكدت التفاصيل أنَّ الشريكين في عملية القتل جلسا وهما يتأملان منظرها الذي تكسوه الدماء، حتى لفظت أنفاسها الأخيرة.
قام لؤي، بعد ذلك، بتنظيف البيت من آثار الدماء والعراك وترتيبه بشكل جيد، ثم حمل الاثنان الجثة إلى الحديقة، وحفرا حفرة لها ودفناها فيها. وفي اليوم التالي، ولتبرير سبب اختفاء سعاد، بدأ لؤي يخبر الجميع في المحل ويخبر الجيران بأنه سيسافر مع زوجته وشقيقتها إلى إحدى المحافظات لمدة شهر كامل بغية السياحة والاستجمام. وهنا كلف أحد العمال بإدارة المحل ريثما يعود. وبالفعل سافر لؤي وابتسام تاركين الجثة في حديقة المنزل.
وبعد مرور 3 أيام، سمع الجيران نباح مجموعة كبيرة من الكلاب الشاردة كانت في حديقة منزل أبي أحمد وهي تحاول نبش تراب الحديقة، حيث أثار الأمر استغرابهم. ومع وصولهم إلى المكان، اشتموا رائحة كريهة جداً صادرة من الحديقة، فقاموا، على الفور، بالاتصال بفرع الأمن الجنائي في ريف دمشق.
وبحضور دورية إلى المكان، قامت بحفر التراب في الحديقة بحضور الطبيب الشرعي، ظهرت جثة سعاد. وأثناء البحث والتحري والتدقيق في منزل ومسرح الجريمة، تمَّ العثور على منديل ورقي يحمل آثار دماء داخل المنزل في سلة المهملات. وبتحليل الدماء على المنديل، تبيَّن أنها للمغدورة سعاد.
وبالتحقيق في الموضوع، تمَّ إلقاء القبض على الزوج القاتل وعشيقته. وأمام فرع الأمن الجنائي في ريف دمشق، اعترفا بالجريمة، وقاما بتمثيلها كما وقعت بالفعل. وقال لؤي، في محضر اعترافه، إنه نسي، بعد أن نظَّف السكين بمنديل الورق ودفنها مع الجثة، المنديل في سلة المهملات، الذي كان الدليل الوحيد على هذه الجريمة البشعة. واعترف لؤي بأنه كان يخطط للتخلص من زوجته منذ مدة طويلة.
أسعد جحجاح
المصدر: بلدنا
إضافة تعليق جديد