شروط بيع الدولار أغلقت أبواب «ثراء» الصرافين
لم تمنع الازدحامات الكثيرة التي شهدتها شركات الصرافة على مدى الأشهر القليلة الفائتة، إلا صدور قرار من البنك المركزي حدّد بموجبه ضوابط جديدة لبيع القطع الأجنبي بحيث لا يزيد عن 5000 دولار ولمرة واحدة في العام لأغراض الادخار، أو1000 دولار لأغراض تلبية الحاجات الشخصية.
وليقطع من جهة ثانية الطريق على أرباح كبيرة وغير مشروعة كانت تجنيها شركات الصرافة، حيث قال مصدر مطلع في إحدى هذه الشركات أن البنك المركزي كان يعطي الشركة 700 ألف دولار يومياً لتوزعها على 1000 مواطن وبمعدل 1000 دولار للشخص، لكن الشركة لم تكن توزع أكثر من 350 ألف دولار، وتتقاسم المبلغ المتبقي مع شركاء لها في السوق السوداء. وهذا ما سبب الازدحامات على شركات الصرافة في الفترة الماضية ومنع الكثيرين من تقاضي مبلغ 1000 دولار كما هو مقرر لهم. ويحمّل مراقبون ماليون البنك المركزي مسؤولية أيضاً في فوضى شراء الدولار، ويرون بأن خطوته اليوم بتخفيض سقف الدولار المباع جاءت متأخرة، وتعد هي الثالثة التي يقرها البنك المركزي لتخفيض قيمة القطع المباع عن طريق المصارف وشركات الصرافة، فهو سمح بداية ببيع 100 ألف دولار سنوياً على شكل إيداع مع فوائد في بداية العام 2011، وبعد اكتشافه لخلل في عملية البيع والشراء، خفض الكمية بعد ستة أشهر إلى 10 آلاف دولار، واليوم يخفضها إلى 5 آلاف دولار وبشرط إجباري هو إيداعها لمدة 6 أشهر ودون فوائد. وكان يجدر بالمركزي تقليص كمية الدولار المبيع إلى 5000 حينما كان سعر الدولار الرسمي لا يتجاوز 54 ليرة ونظيره في السوق السوداء 70 ليرة أي بفارق 16 ليرة بين السعرين، أما الحديث عن تقنين الدولار اليوم بعد أن تقلصت الفوارق بين السعرين إلى نحو 6 ليرات فقط، فلم يعد يحمل ذات الأهمية، ما يعني أن الآلية غير المحسوبة ببيع الدولار سببت بهدر كم كبير من القطع الأجنبي.
ورغم الحديث عن أن قرار المركزي المذكور كان مسبباً رئيسياً بارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء منذ يومين من 73 وحتى 75 و76 ليرة والتي يتوقع أن ينشطها القرار أكثر، فإن بعض التجار ينفون هذه العلاقة إذ يرون بأن ضعف الحركة التجارية ساهم بالأصل بانحسار نشاط السوق السوداء، وإن دخول لاعبين جدد محل هؤلاء التجار لن يتسبب بضغط كبير على الدولار لأن الطلب سيكون لأغراض شخصية وادخارية صغيرة.
واستبعد عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق أبو الهدى اللحام في تصريح للوطن أن يؤثر القرار على أي عمل تجاري أو اقتصادي، لكنه سيقلل معروض السوق من الدولار وهذا الإجراء ضروري بنظره بعد أن شهدت الفترة الماضية عشوائية في بيع الدولار، بحيث تهافت الناس يومياً لشراء القطع لأغراض المضاربة مستغلين الفرق بين سعره النظامي وسعره في السوق السوداء.
ورغم أن الضوابط الناظمة لبيع الدولار التي وضعها المركزي وضعت حداً للصيارفة والمضاربين، إلا أنها ستسبب بأرباح جيدة للذين يثبتون أحقية بالحصول على الدولار ويحققون شروط البنك المركزي، حيث يؤكد اللحام بأنه يمكن لمن أودع 5000 دولار في البنك أن يحقق أرباحاً تزيد عن 10% وحتى إن لم يحصل على فوائد من البنك، إذ يمكن له أن يسحب الوديعة بعد 6 أشهر ويبيعها بسعر السوق أو حسب النشرة الجديدة الرسمية للبنك المركزي على أسوأ احتمال والتي تتواصل ارتفاعاتها منذ أشهر. علماً بأن الأرباح التي حققها الذين اشتروا الدولار حينما كان سعره الرسمي 48 ليرة وصلت اليوم إلى 45% بعد أن ارتفع سعره الرسمي اليوم 68 ليرة. وهذا الفرق حقق لهم إيراداً كبيراً لم تحققه أي تجارة في ظل ظروف الأزمة، وكذلك فإن الأمر نفسه سيتكرر اليوم فالذين يودعون الدولار اليوم بسعر 68 ليرة سيسحبونه بعد 6 أشهر مستفيدين من سعر الرسمي الجديد للدولار، أو من سعره في السوق السوداء.
ويضيف اللحام: رغم انطواء القرار الجديد على تعقيدات مثل تسجيل قيمة القطع الأجنبي المبيع على جواز السفر وختمه ووجود بطاقة طائرة وإيداع المبلغ بمصرف واحد، إلا أن التجاوزات التي حصلت في الماضي تجعل من كل هذه الأمور اضطرارية في الفترة الحالية التي نمر بها، لكن لابد من حلول أخرى مستقبلاً وأكثر جدوى من قرارات منع بيع الدولار، مثل توحيد سعر صرفه بين جميع النشرات، واقترابه من سعر السوق الحقيقية وفق آليات مدروسة ومحدّدة.
رغد البني
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد