ذكرياتنا الأليمة كالكتب يمكننا تقليصها كلما أعدناها إلى الرف

17-03-2010

ذكرياتنا الأليمة كالكتب يمكننا تقليصها كلما أعدناها إلى الرف

هل تظن أن التخلص من الذكريات إلى الأبد، أمر مستحيل؟ العلماء يخالفونك الرأي، فهم يعدون من يعاني من الاضطرابات النفسية الناجمة عن الأزمات أو مرض الرهاب أو القلق المزمن، بشفائه، ربما إلى الأبد.
وفيما يعمل بعض الباحثين مع قدامى المحاربين والناجين من حوادث السير وضحايا الاغتصاب على استبدال ذكريات مرضاهم بذكريات أقل إيلاماً، عبر استخدام عقاقير تقلّص التوتر، يدرس علماء آخرون من جامعة «هارفرد» الاميركية تطوير العلاج السلوكي، بطريقة تمكنه من تغيير ذكريات الأشخاص الذين يعانون من الخوف المزمن من حوادث وأمور معينة.
ويوضح عالم النفس في «هارفرد» روجر بيتمان أن هدف دراستهم «ليس محو الذكريات، بل تحجيمها أو إزالة الخوف المرافق للذكرى»، شارحاً آلية العلاج السلوكي.
والمطلوب أولاً، «تحديد الذكرى السيئة»، كعضة كلب أصيب بها المريض في الصغر. تتطور الحادثة بعد زمن لتخلق عنده رهابا من الكلاب أو الحيوانات عموماً. على المريض عندئذ أن يكتب الحادثة بتفاصيلها على ورقة، على أن يعيد قراءة ما كتبه في بداية كل جلسة علاج.
بعدها يتعين «سحب الذكرى»، حيث يعمل العلاج على نقل الذكرى من المنطقة الخاصة بتخزين الذكريات في الدماغ، ثم يقوم المعالج باستعادة المشاعر التي أحسها المريض عندما تكونت الذكرى في الأصل، وغالباً ما تتراوح هذه المشاعر بين الخوف والانزعاج.
ثالثاً، تبدأ عملية «التغيير»، حيث يقوم الطبيب المعالج بتعريض المريض لكل ما يثير الخوف (صور كلاب مثلاً). ثم يُدرَّب المريض على التعاطي مع هذه الذكرى بطرق مختلفة، أحياناً بمساعدة العقاقير وأحياناً عبر العلاج السلوكي.
أما الخطوة الرابعة فتتمحور حول «التخزين»، حيث يتعين على المريض أن «يخزّن» الذكريات المعدّلة في المنطقة المخصصة لتخزين الذكريات في دماغه. ثم يعاد العلاج برمته من أجل ترسيخ الذكرى الجديدة.
وقد أظهرت الدراسات أن بعض المرضى باتوا أقل معاناة من الخوف بعد عام من العلاج.
وكان العلماء يعتقدون أن الذكريات كـ»الصور الفوتوغرافية» حيث تكون التفاصيل راسخة «كالوثيقة المسجلة»، لكن علماء اليوم باتوا أكثر ميلاً إلى الاعتقاد بأن «الذكريات تُخزّن بالطريقة ذاتها التي يرتّب فيها الإنسان مكتبته»، بمعنى أنه في كل مرة يريد فيها المرء استعادة إحدى الذكريات بإمكانه «تغيير معالمها» قبل إلى «إعادتها إلى المكان ذاته على الرف».
وتعتمد تقنية «استبدال الذكريات» الجديدة على تقنية قديمة أكثر شيوعاً تعرف باسم «الانقراض»، حيث يتم إخضاع المريض، لمرات متتالية، لحوادث شبيهة لتلك التي خلقت لديه الذكرى السيئة، ولكن في ظل ظروف «أقل تهديداً» من الظروف التي عاشها في الحادثة الأصلية، من أجل مساعدته على مواجهة مخاوفه وتقليصها مع مرور الزمن.
لكن الطبيبة النفسية في جامعة بنسلفانيا ادنا فوا تقول إن مرضى تقنية «الانقراض» غالباً ما يستعيدون مخاوفهم لاحقاً، ولكنها أضافت إن تطوير هذه التقنية قد يقلص نسبة «الانتكاس» عند المرضى.


المصدر: السفير نقلاً عن «وول ستريت جورنال»

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...