دببة الكابوتشينو: بداية لاختفاء الدب القطبي
يدفع ذوبان الجليد وتدخل الإنسان في المجال الحيوي للدب القطبي إلى مغادرة بيئته، فيلتقي دببة من سلالات أخرى ويحدث تزاوج بينهما، كما حصل في أوسنابروك الألمانية، حيث نتج عن إحدى الزيجات ولادة دببة الكابوتشينو. فهل ينذر هذا بانقراض الدب القطبي؟
في يوم مشمس، لكنه قارس البرودة في حديقة الحيوان في مدينة أوسنابروك، كان الوضع هادئا في قفص الدببة، حيث يشرف تورستن فاوبل على الدب «تابس» وشقيقته الدبة «تيبس» منذ ولادتهما قبل حوالي عشرة أعوام.
تورستن يعرف الدب وأخته قلباً وقالباً، وكلاهما يمثل حيوانا متميزا ليس بالنسبة له فقط وإنما أيضا لزوار حديقة الحيوانات الذين يلاحظون على الفور شيئاً غريباً، حيث ان فراء كل من «تيبس» و«تابس» ليس بني اللون مثل الدب البني، ولا أبيض اللون مثل الدب القطبي، وإنما لونه يشبه لون الكراميل وله لمعة خفيفة. ولهذا السبب أُطلق على «تابس» وأخته «تيبس» اسم «الكابوتشينو»، وهما ينتميان إلى سلالة جديدة تماما من الدببة نشأت من خلال «حادث» صغير وقع في حديقة حيوانات أوسنابروك.
غرام بين دب قطبي ودبة بنية
في العام 2004، كان إيداع الدببة من السلالات المختلفة مع بعضها البعض أمراً لا يزال شائعا في بعض حدائق الحيوانات. وفي أوسنابروك على سبيل المثال، وُضعت دببة سوداء ودببة بنية مع أخرى سوداء آسيوية وقطبية بيضاء في مجموعة كبيرة واحدة.
وبحسب فاوبل، فإن «هذا الأمر ينجح إذا تعودت الحيوانات على بعضها البعض في سن مبكرة جدا». وكان هذا تحديدا هو السبب في مولد دبي الكابوتشينو. ويقول فاوبل: «بعدما مات الدب البني استغل الدب القطبي الفرصة، وحدث تزاوج بينه وبين الدبة البنية زوزي من دون أن يدري أحد»، وبالنتيجة ولد كل من «تيبس» و«تابس».
وتعيش أيضاً دببة هجينة مثل «تيبس» و«تابس» في الطبيعة، فبعد عامين من ولادتهما، اصطاد الأميركي نيلسون هيد في العام 2006 دبا بدا أنه قطبي. ولكن تحليلات الحمض النووي أثبتت أنه أول دب هجين «بيزلي» في الغابة المفتوحة، ويسمى أيضا «غريزلي»، وتعني الكلمة رمادي اللون. وفي العام 2010 جاء الدور على الدب الثاني، وكان «دب كابوتشينو» فعلا، ويبدو أنه الجيل الثاني من تزاوج أحد الدببة الـ«غريزلي» مع دب قطبي.
هل تغير المناخ هو السبب؟
أسباب هذا الانجذاب بين الدب الغريزلي والدب القطبي في القطب الشمالي هي أقل ما تكون أسبابا رومانسية على عكس علاقة الغرام التي نتج عنها «تيبس» و«تابس». ويتخيل العلماء وجود أسباب عديدة لحدوث ذلك. ومن بين هؤلاء البروفيسور ميشائيل بوير، مدير حديقة الحيوانات في أوسنابروك، الذي تعامل عن كثب مع ظاهرة الدببة الهجينة. ويرى أن تداخل سلالات الدببة يزداد في بيئتها أكثر وأكثر.
«ذوبان طبقات الجليد سيدفع الدب القطبي في المستقبل إلى التوجه نحو البر أكثر وأكثر»، كما يقول البروفيسور بوير. وإذا ما استمر ذوبان جروف الجليد في الصيف، فإنه لن يعود بإمكان الدببة القطبية قطع هذه المسافة الطويلة من أجل اصطياد الفقمات هناك، «وستبقى معظم الدببة على ساحل البر، وهناك ستلتقي طبعا دببة من نوع غريزلي»، بحسب بوير.
لكن ذوبان الجليد ليس هو فقط ما يدفع إلى اختلاط سلالات الدببة، حيث ان دببة الغريزلي ستضطر بمرور الوقت إلى مغادرة أراضيها الطبيعية في شمال كندا أكثر وأكثر. وهنا يتحمل الإنسان المسؤولية عن ذلك، لأن اندفاعه وتدخله في البيئة الطبيعية للدببة يدفعها إلى مغادرة أراضيها.
وعلى المدى الطويل يمكن أن يكون هذا الاختلاط خطيرا بالنسبة للدببة القطبية، يقول بوير. ويضيف: «إذا ذابت قمم الجليد القطبية تماما مرة واحدة، فإنه لن يكون على الأرض في خلال فترة وجيزة أي دب قطبي على الإطلاق». وهذا سيحدث عندما يتزايد تآكل المجال الحيوي للدببة القطبية والدببة الرمادية.
(عن «دويتشه فيلله»)
إضافة تعليق جديد