خـطــوة نـحـو اكـتـشــاف أســرار الـكــون؟

شهد العالم، أمس، بداية أكبر وأغلى تجربة علمية في تاريخ البشرية وبحثها عن أسرار الكون والحياة، تمثلت في تشغيل أكبر نظام تسريع لتصادم الجزيئات في العالم، والذي يأمـل العلماء أن يكشف عن الجزيئات الأوليـة للمـادة، في ما يحاكي الانفجار العظـيم الذي أدى إلى نشـوء الكـون بحسـب النظـريات الفيـزيائـية.
وقد احتفل العلماء بنجاح التجربة الأولى بإطلاق حزمة من البروتونات في الساعة السابعة والنصف صباحاً بتوقيت غرينتش استطاعت أن تكمل دورة كاملة داخل مسرّع هادرون التصادمي، ثم تلتها حزمة أخرى في الاتجاه المعاكس.

تهدف التجربة إلى جعل حزمتي البروتونات تبلغ سرعة الضوء تقريبا وتتصادم، ما يمكن أن يؤدي إلى تناثر جزيئات أولية لم يستطع العلماء حتى الآن رؤيتها، في عملية تحاكي الانفجار العظيم وإن بشكل مصغر.
فالكون كان قبل حوالى ٤ مليار سنة عبارة عن كمية صغيرة جدا من المادة ذات كتلة وحرارة عاليتين بشكل لا يمكن وصفه، وقد أدى انفجار هذه الكتلة في الفراغ، أو ما سمي بالانفجار العظيم (Big Bang) إلى تشكيل الجسيمات الأولية والمجرات والنجوم والكواكب، أي الكون كما نعرفه اليوم.
لكن ما نعرفه اليوم عن المادة لا يتعدى أن يكون أربعة في المئة مما كان موجودا إبان الانفجار العظيم. وبالتالي يأمل العلماء من خلال نجاح تجربتهم في كشف نظام الجزيئات الأولية للمادة، التي تتحدث عنها الفيزياء النظرية من دون أن تتمكن من إثبات وجودها بالتجربة حتى الآن. ويتكوّن مسرع هادرون التصادمي من نفق بطول ٢٧ كيلومترا على عمق مئة متر تحت الأرض على الحدود السويسرية الفرنسية يديره المركز الأوروبي للأبحاث النووية (سيرن). ويتوقع أن يحصل التصادم الاول للبروتونات خلال شهر تشرين الأول المقبل. ومن بين أهم الجزيئات التي يأمل العلماء رصدها في التجربة »ذرة هيغز«، التي تعد الحلقة المفقودة في نموذج الجزيئات الثانوية التي تتألف منها المادة. وهذه الذرة مسؤولة عن اكتساب باقي الجزيئات لوزن، ومن دونها لما اكتسب الكون شكله الحالي. كذلك يأمل العلماء الحصول على إجابات حول طبيعة »المادة المظلمة« التي تشكل غالبية كتلة الكون من دون أن يكون بإلإمكان رؤيتها، وعن المادة المضادة، وربما أيضا كشف وجود أبعاد أخرى للمكان والزمان غير الأبعاد الأربعة التي نعرفها، إضافة إلى فهم »الثقوب السوداء« التي تبتلع كل ما يقترب منها في الكون حتى الضوء.
ومع ذلك لا يتوقع العلماء الحصول على نتائج قبل بضع سنوات.

زينب غصن

المصدر: السفير