بيضة التصدير أم دجاجة الإنتاج؟
الحديث عن الصادرات ليس حديثا عاديا ولا يجب ان يكون كذلك لانه يعني الحديث عن جوهر عملية الانتاج فالتصدير هو انتاج في المقام الاول وعدم التصدير معناه الانغلاق فالموت ورأينا كيف رفع اليابانيون بعد هزيمة بلادهم في الحرب العالمية الثانية شعار (التصدير او الموت) وبرعوا في ذلك حتى انهم استطاعوا تصدير ما لا يمكن تصديره.
كلام كثير قيل بقضية التصدير وخطط كثيرة وضعت ولكن ما نصدره مازال فعليا دون مستوى الطموح بل دون -كما نعتقد - امكانات البلاد خصوصا اذا ما اخذنا بالاعتبار القدرة التنافسية لمنتجاتنا في اسواق الجوار ورخص تكاليف انتاجها واليد العاملة وغير ذلك.
يرى معاون وزير الاقتصاد خالد سلوطة انه لا يمكن لاية خطة تصديرية ان تنجح ان لم تكن مدعومة بقاعدة انتاجية وهذا يستدعي تطوير قاعدة منتجاتنا كما وكيفا. ويضيف سلوطة ان صادراتنا لا تعمل في فراغ بل تتأثر بالاجواء الاقتصادية وبقوانين العرض والطلب التي تحيط باسواق الدول الاخرى بدليل ان فرصة تصدير مادة زيت الزيتون السوري كانت اعلى في الموسم الماضي لان الدول الرئيسة المنتجة للزيتون كانت المواسم فيها ضعيفة.
ويضرب سلوطة مثلا اخر عن مادة البيض والفروج حيث ساهمت ازمة انفلونزا الطيور بافلاس 70-80 بالمئة من مربي الدواجن والذين يمثلون في اغلبهم صغار المنتجين وبعد انقشاع الازمة استطاع جزء لا بأس به من هؤلاء العودة الى العمل في القطاع نفسه. ويعتقد سلوطة ان اولوية عمل الوزارة بالنسبة للتصدير تتمثل في تلبية احتياجات السوق المحلية اولا بدليل انها اوقفت تصدير عدة مواد بعد تفاقم الازمة حولها كالبيض والفروج والبطاطا والبصل والبندورة وزيت الزيتون كما انها اعادت النظر بالقرار رقم 1041 والذي كان يسمح للمسافرين باصطحاب ما قيمته 500,000 ل.س دون تنظيم تعهد باعادة القطع الاجنبي الناجم عن عملية التصدير وفق الانظمة المرعية.
ويعول مدير تشجيع الصادرات بوزارة الاقتصاد والتجارة الدكتور عبد اللطيف رمضان على احداث هيئة متخصصة باسم هيئة تنمية الصادرات لرفع عملية التصدير وتفعيلها اذ ما زال قرار احداث هذه الهيئة قيد الدراسة في رئاسة مجلس الوزراء وفي الوزارة.
ويرى رمضان ان جهود التصدير تبقى جهودا فردية وملقاة على عاتق القطاع الخاص بالمقام الاول بينما مهمة الجهات الرسمية المعنية بتشجيع الصادرات تنحصر في دراسة الاسواق ومعرفة ايها الانسب لمنتجاتنا واي المواسم او الاوقات الاكثر طلبا على هذه المنتجات وهكذا فان الكرة ستكون في مرمى شركات القطاع الخاص بعد ان نكون قد مسحنا الاسواق الخارجية وامنا المعلومات المناسبة وانسجاما مع هذه الرؤية ستكون نسبة عضوية ممثلي القطاع الخاص بهيئة تنمية الصادرات اعلى من نسبة ممثلي القطاع العام. ويشير رمضان الى اهمية تحسين الموقف التنافسي لمنتجاتنا لاننا مقبلون على منافسة شرسة مع الشركات الاجنبية بعد الانضمام لمنظمة التجارة العالمية فضلا عن المنتجات الرخيصة المصنعة في شرق آسيا .
كان المدير العام السابق لمركز التجارة الخارجية يوسف اسماعيل من المتحمسين لاعتماد استراتيجية وطنية شاملة للتصدير ولكنها اوقفت بسبب قرارات منع التصدير لبعض المنتجات لان هذه القرارات حسب رأيه تحد من فاعلية التصدير كونها تجعل منتجاتنا تفقد اسواقها من جهة وتحجم الانتاج وتخفف الاسعار من جهة اخرى.
ويرى اسماعيل ان الخلل لدينا هو في تدني القوة الشرائية وليس في الانتاج والتحكم في الاجور اسهل من التحكم بتكاليف الانتاج فالمنتج لن ينتج ان لم يربح. وحول مدى اعتماد شركات القطاع الخاص على جهود دفع الصادرات التي تقوم بها الجهات الحكومية المعنية يقول اسماعيل ان هذه الشركات لن تلجأ لطلب المساعدة الا عند الضرورة القصوى وعند الحاجة لتسهيل عبور الصادرات رسميا ووفق الاتفاقيات والقوانين موضحا ان القطاع الخاص يعرف اسواقه بدقة ويعرف متى واين وكيف يصدر.
اخيرا: يبقى التساؤل ماذا عن المجلس الاعلى للتصدير وماذا عن دوره خصوصا وان المجلس تأسس في حزيران 2005 واجتمع لمرة واحدة في نهاية العام نفسه ثم وضع في العام الماضي جدوالحديث عن الصادرات ليس حديثا عاديا ولا يجب ان يكون كذلك لانه يعني الحديث عن جوهر عملية الانتاج فالتصدير هو انتاج في المقام الاول وعدم التصدير معناه الانغلاق فالموت ورأينا كيف رفع اليابانيون بعد هزيمة بلادهم في الحرب العالمية الثانية شعار (التصدير او الموت) وبرعوا في ذلك حتى انهم استطاعوا تصدير ما لا يمكن تصديره.
أحمد العمار
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد