المتاجرة بالموت.. والمقابل «اللي بيطلع من خاطرك»
ركن أبو داني سيارته إلى جوار الرصيف وسط اختناق مروري في منطقة البرامكة (كراج بيروت القديم) وأمامه مباشرة باص النقل الداخلي، وبينما كان أبو داني يتلفَّت بحثاً عن مكان فارغ فوق الرصيف يركن فيه سيارته ويترجَّل إلى عمله سيراً على الأقدام، تفاجأ بمواطن سقط على سيارته وافترش مُقدّمة السيارة ثم سقط أرضاً وبدأ يتمرَّغ أمامه موحياً للآخرين بالألم الشديد.. هذا الموقف ومع احتشاد جمهور من الناس خلال ثوانٍ معدودة، جعله عاجزاً عن الحركة ومغادرة السيارة لفترة من الزمن.
يقول أبو داني: «الرجل عمره فوق الستين، وتمرُّغه على الأرض جعل الناس يظنُّون أنني صدمته فعلاً، علماً بأنَّ السيارة لم تتحرَّك مطلقاً من مكانها.. المهم حاولت إقناعه مع الناس بنقله إلى المستشفى، فلم يرضَ، وفضَّل الجلوس على الرصيف بحجة أنه لم يعد يستطيع السير، فما كان مني ألا أن ركنت السيارة في مكان لا أخالَف عليه، وعدت إلى الرجل العجوز الذي مازال جالساً على الرصيف، وعندما استفسرت منه عن موقفه هذا وقيامه برمي نفسه على السيارة، اعترف بأنَّ نظره ضعيف، ثم بعد حين اعترف بأنه كان مشتَّت الذهن، وبعد برهة طلب ألف ليرة لشراء طعام لمنزله».
والمشكلة هنا، أنَّ هذا الفعل تكرَّر مع العديد من الأشخاص الذين تحدَّثوا عن قصص كما الخيال، والقانون هنا يدين السائق تحت بند (المسبّب)، وإذا ما ادَّعى الطرف الآخر ودفع سلفة الادِّعاء التي لا تتجاوز 30 ليرة، وهي كالقشة التي قصمت ظهر البعير، فإنَّ المدَّعى عليه (السائق) سيُزجُّ في السجن استحقاقاً للحق العام، وهذا في حال أسقط المدَّعي حقه الشخصي.
لذا يفضِّل العديد من السائقين الذين يتعرَّضون لمثل هذا الموقف عدم الدخول في غمار شكاوى فرع المرور، وإرضاء من احتال عليهم بمبلغ من المال مهما بلغ. ومن هنا، وُجِدَ أناس يغامرون ويتاجرون بالموت، وحسبهم الاحتيال والتجنِّي على الآخرين.
يقول المحامي مهند السنجقدار: «هناك شيء اسمه خبرة تحديد مسؤولية في كلِّ حوادث السير، والقاضي ليس غافلاً أو جاهلاً حقائق الكثير من الأمور، ولكن هناك أمور تكتيكية وفنية لا يستطيع التعامل معها، لذا هناك مَن يسمَّى «مساعد القاضي» ومهمته مساعدة القاضي في إصدار الحكم. وفيما بعد يحقُّ للسائق، وعند ثبات براءته، رفع دعوى ضرر وإساءة ضد المدَّعى عليه، والمطالبة بالأضرار المعنوية والأضرار المادية».
رياض أحمد
المصدر: بلدنا
إضافة تعليق جديد