العلاج المناعي: سلاح جديد لمواجهة السرطان
يساعد العلاج المناعي المصابين بالسرطان عن طريق حثّ جهاز المناعة في الجسم على مكافحته، بدلاً من مواجهة الخلايا السرطانية بطريقة مباشرة (مثل العلاج الكيميائي). يقول المتخصص في أمراض الميلانوما (سرطان في الجلد) والعلاجات الكيميائية الدكتور جد ولشوك، لصحيفة «نيويورك تايمز»، إن هناك تغيراً جذرياً في كيفية التفكير بعلاج السرطان. يترقّب الأفراد اليوم، مئات التجارب السريرية عن العلاج المناعي وحده أو مع علاجات أخرى لمواجهة السرطان.
يضمّ الجهاز المناعي شبكة من الخلايا والأنسجة ويفرز بعض المواد البيوكيميائية لحماية الجسم ضد الفيروسات والبكتيريا وغيرها. غير أن السرطان يجد آليات للاختباء من الجهاز المناعي أو لمنع قدرته على المواجهة. فيساعد العلاج المناعي جهاز المناعة على التعرّف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها.
جرّب الأطباء، ومنذ 100 عام، نسخة بدائية من العلاج المناعي الذي كان ينجح في بعض الأحيان ويفشل في أحيان أخرى. يركز الباحثون، اليوم، على نوعين من العلاج المناعي. الأول يرتكز على العلاج المشخصن لكل مريض من خلال أخذ بعض خلايا جهاز المناعة وتعديلها جينياً لمواجهة السرطان وإعادة حقنها في جسم المريض. حقق هذا العلاج فائدة عند بضع مئات من المرضى الأطفال والبالغين الذين يعانون من بعض أنواع اللوكيميا أو اللمفوما (سرطان الغدد اللمفاوية) ولم تنجح معهم العلاجات التقليدية. أما النوع الثاني فلا يُعتبر مصممًا لمريض معين، بل يستهدف خلايا الجهاز المناعي من خلال وقف آلية الـ Checkpoint التي يستخدمها السرطان لوقف عمل الجهاز المناعي، وقد صدّقت «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» على بعض العلاجات لسرطان الجلد وسرطانات الرئة والكلى والمثانة. يشير المتخصص بسرطان الرئة الدكتور جان هيماش لـ «نيويورك تايمز»، إلى أنه لا يمكن القول للمصابين بسرطان الرئة المنتشر أنهم سيتعافون «لكن يمكن أن نعطيهم أملاً بأن يعيشوا لسنوات أطول وهذا ما يشكل تغييراً كبيراً».
يُعتبر العلاج المناعي فعالاً عند فئة قليلة من المرضى ويفشل عند فئة أخرى ويحاول الباحثون فهم السبب. عندما ينجح الدواء في تثبيط عمل الـ checkpoints يحقق فعالية في تسجيل فترات طويلة من التحسّن من الممكن أن تستمر حتى بعد توقف العلاج. غير أن الدواء لا ينجح عند كثيرين، إذ يعمل لفترة معينة ثم تتوقف فعاليته.
تفترض إحدى النظريات أنه يوجد checkpoints إضافية لم تُكتَشَف بعد، وقد يكون لها دور في ذلك، مما يوجب اكتشافها وإيجاد أدوية جديدة لمواجهتها. بشكل عام، تعمل مثبطات الـ checkpoints بشكل أفضل في معالجة الأورام التي تظهر طفرات عدة مثل الميلانوما، وسرطانات الرئة والمثانة. ويفترض الباحثون أن تلك الأدوية تعمل أفضل إذ دمجت مع علاجات أخرى تقتل خلايا الأورام إذ يمكن لبقايا الخلايا السرطانية الميتة أن تساعد جهاز المناعة على التعرف إلى هدفه. وتتجه الدراسات الحديثة إلى فحص تلك الأدوية مع علاجات أخرى مثل الكيميائية والشعاعية.
في المقابل، من الممكن أن تسبّب الأدوية الجديدة القائمة على تثبيط checkpoints أمراض أخرى مثل الروماتيزم، التهاب القولون أو التهاب شديد في الأمعاء، وأن تخفف من نشاط الغدد الحيوية ما يدعو لحاجة دائمة للعلاج الهرموني.
يُعتبر العلاج المناعي، وفق الدكتور ماثيو هلمن من مركز السرطان في نيويورك، أداة أو سلاحاً جديدًا، لكنّه لا يشكل بديلاً عن العلاج الكيميائي. من جهة أخرى، تعتبر الكلفة المرتفعة للعلاج الكيميائي عقبة أو تحدياً إذ لا يتمتع جميع المرضى بالفرصة نفسها للحصول على تلك العلاجات. في المقابل يوافق بعض المرضى، على المشاركة في التجارب السريرية وبالتالي عدم دفع كلفة الدواء.
ملاك مكي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد