الخادمة التي خدمتها أمي
لم كن اعلم أن الخادمة التي أنتظر قدومها لمساعدة والدتي في أعمال المطبخ ستتمخض طفلة صغيرة لم تبلغ الثانية عشرة من عمرها بعد!! كنت خارج المنزل عندما فتحت والدتي باب المنزل لتجد فتاة صغيرة يسوقها "نخاسان" أحدهما أبو الفتاة نفسها والآخر هو صاحب المكتب الذي كنت قد طلبت إليه تأمين الخادمة... قذفا بالفتاة داخل المنزل دون ان يتركا الخيار لوالدتي المسنة بالرفض وغادرا بعد أن وضع كلا منهما عمولته في جيبه.
عندما عدت، كانت الفتاة التي أعياها الجوع تتناول شيئا مما وضعته لها من يفترض بأنها جاءت لخدمتها أي أمي. بصراحة، لم أكن أتوقع ان يحدث هذا لي وأنا التي داومت على متابعة أخبار الخادمات من مشاهدتي للكثير من المسلسلات المصرية التي تحفل بأمثال هذه الحكايا!! ولكن يبدو أن "الفاس وقعت بالراس" فاتصلت بالأب الذي لحسن الحظ كان قد ترك لنا رقم موبايل نستأنس به إذا عقّت الفتاة واحتاج لأن يزجرها أو يعدها بسلخ جلدها عبر الموبايل إذا ما قصرت بالشغل!! عاجلته بطلبي بأن يعود لاصطحاب الطفلة التي تركها في غفلة منا وشمع الخيط، لكنه لم يستجب فالباص الذي يقله بات الآن على مشارف مدينة القطيفة في طريقه إلى المحروسة عفرين وانه لن يأتي قبل أن تكمل الفتاة شهرها الأول ربما كي يترسخ شعوره بأن العمولة التي أخذها حلال زلال!!..
لم تفلح كل محاولاتي لإقناعه بالعودة وبت أمام واقع جديد يمتد لشهر مبدئياً... طفلة لم تبلغ الثانية عشرة تجد في طب أمها معظم الوقت، ووالدتي التي حاولت أن أجلب لها من يساعدها فإذا بي أجلب لها بطفلة بدأت أمي توا بتقديم الرعاية لها!! فكرت في العديد من الاحتمالات كأن أقوم بتبليغ الشرطة ولكني أعلم تماماً ما يترتب على ذلك تجاه الطفلة وما قد تلاقيه خلال فترة الإبقاء عليها هناك ريثما يتمكنون من إحضار والدها فاستبعدت الأمر تماماً، فكرت بدور للرعاية البديلة للفتيات التائهات مثلا أو الهاربات من منازلهن ولكني لم أجد مثل هذا الشيء، وحده معهد الفتيات الجانحات كان يذكر أمامي، وفتاتي البريئة حتى اللحظة لم تصبح جانحة وأتمنى -غير متفائلة في ظل رعاية هذا الأب- بأنها لن تصبح كذلك.
إذا الإبقاء عليها في المنزل هو حيلتي الوحيدة في ظل كل هذا التقصير الرسمي والأهلي عن مثل هذه الحالات وللأسف لن أتمكن من حمايتها طويلاً فقط سابقي عليها ريثما يأتي الأب من جديد ويسوقها أمامه مرة أخرى ليرمي بها إلى أسرة جديدة يخشى أنها لن تقرأ في عيون الطفلة شيئا من الطفولة فتكتفي بالنظر إليها كخادمة وربما أخطر من ذلك .
المصدر: مجلة ثرى
إضافة تعليق جديد