التحرش بالصحافيات المصريات: «ليست حالات فردية»
«كانت أياديهم تعبث بصدري، ويتحرشون بكل المناطق الحساسة من جسدي.. بدأت في الصراخ طالبةً النجدة إلى أن فقدت الوعي» جزء من شهادة الصحافية المصرية نوال علي التي واجهت تحرشًا أمام نقابة الصحافيين في العام 2005. أطلق على هذا اليوم الشهير «الأربعاء الأسود» وقد تعرضت فيه أكثر من صحافية مصرية لتحرش من «مواطنين شرفاء» وهو مصطلح يطلق على أنصار الأنظمة المصرية الحاكمة. كان هؤلاء وقتها محسوبين على نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، اليوم وبعد 11 عامًا على تلك الواقعة، لا يزال التحرّش يلاحق الصحافيات المصريات في الشارع أو أثناء عملهن.
يوم الأحد الماضي، تقدمت صحافية مصرية ببلاغ إلى النيابة العامة ضد رئيس تحرير إحدى المجلات القومية، تتهمه فيه بالتحرش اللفظي والجسدي بها. لم تخجل الصحافية من كتابة تفاصيل الواقعة على حسابها الشخصي على «فايسبوك»، معتبرة أن «سكوتنا هو الجريمة الكبرى في حق أنفسنا وحق الأجيال القادمة وكل أنثى تنتهك على أرض هذا الوطن». تفتح شهادة الصحافية ملفًا مسكوتًا عنه يتعلق بالتحرش بالصحافيات المصريات في مؤسسات إعلامية عدة.
«ليست حالات فردية أبدًا»، هكذا تقول الصحافية المصرية زكية هداية، موضحة أن الصحافيات المصريات يواجهن تحرشات دائمة ليس فقط من أصحاب المناصب العليا في المؤسسات ولكن أيضًا من زملائهنّ. «تخترق أعين الزملاء المبجلين ملابسنا طوال الوقت، وكأنهم يعاقبون أي فتاة على العمل في المهنة، في النهاية لا يختلف كثير من الصحافيين عن ذكر الشارع المصري العادي الذي يعاني من كبت جنسي والرغبة في إيذاء المرأة لمجرد أنها ترتدي ملابس متحررة من وجهة نظره، وإذا صدته وفشل في التحرش اللفظي أو الجسدي بها يفعل ذلك بعينيه أو يتحدث عنها بطريقة غير لائقة بين زملائه الذكور». وتتذكر زكية «هناك زميلات لاحقتهن شــــائعات تخص السمعة والسلوك، لمجرد أنهن متحررات أو يتقبلن أن يكون لهن زملاء، ويتحدثن بدون تكلف».
تحكي صحافية مصرية رفضت ذكر اسمها: «يبدأ التحرش منذ لحظة وصولي إلى العمل، حين أمر من البوابة ينظر إلي عمال الأمن نظرة تحرش، وسبق أن تركت قسمًا كنت أعمل فيه وانتقلت إلى قسم آخر بسبب تحرش رئيس القسم بي برغم أنني محجبة وملابسي واسعة». تضيف الصحافية «أما أثناء عملي في الشارع فأواجه ما تواجهه كل أنثى مصرية، تحرش بدون توقف».
تقول الصحافية المصرية فاطمة خير مؤسسة شبكة «نساء من أجل الإعلام» إن التحرش في أماكن العمل منتشر في مصر عامة، لكنه زائد مع الصحافيات بحكم طبيعة عملهن التي تقتضي الاختلاط بشكل واسع، سواء من زملاء لهن أو من المصادر»، وتكمل خير «للأسف ما من وعيٍ كافٍ يخوّل الصحافيات التصرف بشكل سليم عند مواجهة التحرش، بسبب غياب المسألة عن طاولة النقاش إلا في ما ندر، وفي شبكة نساء من أجل الإعلام، نشجع الصحافية على التعبير عن نفسها، والتحدث عن مخاوفها ومواجهتها، أيا كانت ومن ضمنها التحرش بالطبع».
من جانبها أطلقت «مبادرة خريطة التحرش» (مبادرة تطوعية غير حكومية تهدف للحد من التحرش) حملة تهدف الى القضاء على التحرش الجنسي في أماكن العمل في مصر. تطالب الحملة كل سيدة بأن تتأكد قبل الالتحاق بأي وظيفة أن جهة العمل تطبق لوائح داخلية تضمن عدم التحرش بالموظفات.
مصطفى فتحي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد