الإرهاب يضرب الحوثيين والجيش: 150 قتيلا وجريحا
في وقت يمر اليمن بمرحلة انتقالية حرجة هي الأصعب منذ الثورة التي أطاحت بحكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وباختبار مفصلي لإمكانية التوافق على شكل السلطة بين المكونات السياسية في البلاد، ضرب إرهاب تنظيم «القاعدة» العاصمة صنعاء أمس، التي يسيطر عليها الحوثيون منذ 21 أيلول الماضي، مستهدفاً تجمعاً لهم، بالاضافة الى محافظة حضرموت، ما أسفر عن وقوع 150 ضحية بين قتيل وجريح، وذلك غداة هجمات اخرى نفذها التنظيم على مقرات أمنية في مدينة البيضاء جنوب البلاد، ونشر شريط فيديو يظهر عمليات اعدام لجنود في الجيش اليمني.
وجاءت هجمات «القاعدة» بعد اتهام زعيم «انصار الله» عبد الملك الحوثي أمس الأول قوى إقليمية ودولية بمحاولة إعاقة الثورة اليمنية من خلال «تحريك الورقة الأمنية المتمثلة بالقاعدة»، وفي وقت كانت تتحضر فيه صنعاء لمسيرة للحوثيين رفضاً لتسمية أحمد عوض بن مبارك رئيساً للحكومة اليمنية من قبل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. وكان بن مبارك أعلن في وقت متأخر من مساء أمس الأول اعتذاره عن قبول التكليف، فيما نقلت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» موافقة الحوثيين على إلغاء الاعتصام، ولكن صنعاء شهدت بعد الهجوم تظاهرة حاشدة منددة بـ«التدخل الخارجي في اليمن».
وفي التفاصيل، قتل 47 شخصاً على الأقل، وأصيب 75 آخرون بجروح، من بينهم أطفال، في هجوم انتحاري استهدف أنصار الحوثيين صباح أمس في صنعاء، خلال تجمع لهم في ميدان التحرير استعداداً للتظاهر، بحسب ما أكدت وزارة الصحية اليمنية. وذكر شهود أن انتحارياً فجر نفسه عند نقطة تفتيش على مدخل موقع التظاهر.
ويعد الهجوم الأكبر في صنعاء منذ هجوم استهدف تمرينات على عرض عسكري في شهر أيار من العام 2012، ونفذه «القاعدة». وقال الحوثيون إنهم أحبطوا هجوما آخر بسيارتين في الميدان في وقت مبكر من صباح أمس، فدمروا إحداهما فيما فر المهاجمون في السيارة الثانية.
وبشكل شبه متزامن مع الهجوم في صنعاء، قتل 20 جندياً يمنياً في هجوم انتحاري نفذه تنظيم «القاعدة» ضد نقطة تفتيش في منطقة الغبر في بلدة بروم على المدخل الغربي لمدينة المكلا، كبرى مدن محافظة حضرموت جنوب شرقي البلاد، بحسب ما أفاد مصدر عسكري ومصادر طبية.
وتزامناً مع الهجومين، نشر تنظيم «القاعدة» في اليمن تسجيلاً مصوراً على الانترنت يظهر إعدام 14 جندياً قال إنهم من «الروافض». ويظهر التسجيل الذي نشر على موقع «تويتر»، أشخاصاً ملثمين يوقفون حافلة في مدينة شبام اليمنية شرق البلاد ويجبرون عدداً من الركاب على الخروج منها والاستلقاء على بطونهم.
وجاء في التسجيل «مكن الله مجاهدي أنصار الشريعة من أسر 14 جنديا من الحوثيين الروافض في مدينة شبام المشاركين بالحملة العسكرية على أهل السنة، فذبحوا ثلاثة منهم وقتلوا ما تبقى رمياً بالرصاص جزاء وفاقاً لعلهم يعقلون». ولم يشر التسجيل إلى توقيت إعدام الجنود.
وفيما ندد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بالتفجير الانتحاري في صنعاء، واصفاً إياه بـ «الإرهابي والجبان»، ادانت واشنطن «الاعتداء الدنيء في صنعاء». وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جينيفر بساكي «ندعو كل اليمنيين إلى تجنب أي لجوء إلى العنف والعودة إلى طريقة التعبير السلمي عن الخلافات والعمل بهدوء على عملية انتقال سياسي في البلد بهدف الاستماع إلى كل الأصوات».
كما أدان السفير الأميركي في صنعاء ماثيو تولر التفجير في بيان على موقع «فايسبوك»، داعياً «جميع الأطراف إلى الامتناع عن العنف، والعودة إلى التعبير السلمي عن المعارضة، والعمل من خلال الوسائل الديموقراطية لجعل أصواتهم مسموعة». وذكرت السفارة الأميركية في صنعاء في بيان إن «الشعب اليمني يعاصر منذ وقت طويل عنفاً لا معنى له، والزيادة التي طرأت في الآونة الأخيرة على الهجمات التي تستهدف المدنيين الأبرياء تقوض ما حققه اليمن من تقدم منذ ثورة العام 2011»، معتبرة أن « التحديات التي يواجهها اليمن سياسية، ولذلك يجب تسويتها من خلال حلول سياسية».
وفي حين نددت طهران بالهجوم الذي وصفته المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم بأنه «عمل إرهابي أعمى وغير إنساني»، ذكرت وكالة الأنباء اليمنية أن الرئيس اليمني تلقى اتصالاً من الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني نقل فيه الأخير إدانة المجلس لـ«الحادث الإجرامي والإرهابي الجبان الذي وقع في ميدان التحرير في صنعاء والحوادث الإرهابية في البيضاء وحضرموت».
إلى ذلك، خرج أنصار الحوثيين أمس في تظاهرة حاشدة بعد الهجوم في صنعاء لرفض «التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لليمن ومحاولات الالتفاف على الثورة». واعتبروا خلال التظاهرة أن هجوم صنعاء «هو تعبير واضح من القوى الخارجية التي تتدخل في الشؤون الداخلية للشعب اليمني».
وكان من المقرر أن يخرج الحوثيون في تظاهرة حاشدة دعا إليها زعيمهم عبد الملك الحوثي رفضاً لتسمية أحمد عوض بن مبارك رئيساً للحكومة، لكن بن مبارك اعتذر في وقت متأخر من مساء أمس الأول عن تشكيل الحكومة «حرصا على وحدة الصف الوطني، وحرصاً على تجنيب الوطن أي انقسامات أو خلافات»، بحسب ما جاء في رسالة وجهها إلى الرئيس اليمني الذي قبل اعتذاره.
وذكرت وكالة الأنباء اليمنية أن «اللجنة المكلفة بمعالجة التداعيات المترتبة على تكليف الدكتور أحمد عوض بن مبارك بتشكيل الحكومة اتفقت على دعوة مستشاري هادي للبحث مجدداً عن شخصية وطنية تكون محلاً للاتفاق والوفاق، واستناداً إلى المعايير التي حددها اتفاق السلم والشراكة الوطنية وبصورة عاجلة».
وكانت جماعة «أنصار الله» أصدرت بياناً رداً على قبول هادي الاعتذار أعلنت فيه أنها «ستبدأ صباح اليوم (أمس) اعتصاماً في ميدان التحرير بدلاً من ميدان السبعين».
وشددت اللجنة المنظمة للاعتصام على أن «المعتصمين سيبقون في ميدان التحرير، ولن يغادروه إلا بعد اختيار رئيس وزراء توافقي وتشكيل الحكومة الجديدة لان الحشود هي الضمان من مراوغة هادي والسفارات الأجنبية، والتعبير عن رفض التدخل الغربي في شؤون اليمن».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد