اشتباكات بين مؤيدي مبارك ومعارضيه في ميدان التحرير
اقتحمت تظاهرة مؤيدة للرئيس المصري حسني مبارك ميدان التحرير في قلب القاهرة ظهر الاربعاء، واشتبك المشاركون فيها مع المحتجين المناوئين للرئيس المصري المعتصمين في الميدان منذ عدة ايام.
ووصفت وكالة رويترز الاشتباكات بانها محاولة من رجل مصر القوي لانهاء احتجاجات ضده استمرت تسعة ايام.
وأفاد التليفزيون الرسمي المصري بأن مئات الآلاف من أنصار مبارك يتدفقون على ميدان التحرير.
كما قام المتظاهرون من أنصار مبارك بتفكيك حواجز أقامها المتظاهرون مشيرا إلى أن الوضع متوتر للغاية.
واتهم المتظاهرون رجال شرطة بلباس مدني باقتحام الميدان والاعتداء على المتحجين على حكم مبارك، وعرض بعضالمتظاهرين هويات شرطة سقطت من المقتحمين.
ويقول مراسلو رويترز ان بعض المؤيدين الذين اقتحموا الميدان دخلوا على ظهور الخيل والجمال او على عربات تجرها الخيول وهم يلوحون بالسياط والعصي.
وكانت قوى المعارضة في مصر قد دعت مؤيديها الى مواصلة التظاهر ضد نظام حكم الرئيس حسني مبارك، قائلة إنها لن تتفاوض مع نائب الرئيس الجديد عمر سليمان ما لم يغادر مبارك سدة الحكم.
وقال مصطفى النجار، الناطق باسم القوى المعارضة، إن "قوى المعارضة مستعدة للتفاوض مع نائب الرئيس عمر سليمان شريطة ان يتنحى الرئيس مبارك."
وكان الرئيس المصري قد خول نائبه بالبدء بمشاورات مع المعارضة.
ودعت المعارضة "الشعب الى مواصلة الاحتجاج في ميدان التحرير،" كما ناشدت "الجميع المشاركة في جمعة الرحيل (التظاهرة التي دعت اليها يوم الجمعة المقبل) بالمسير من كل محافظات مصر الى الميدان ومجلس الشعب ومبنى التلفزيون."
وتشمل قوى المعارضة الجمعية الوطنية للتغيير التي يتزعمها محمد البرادعي والاخوان المسلمون وغيرها من الحركات.
وكان الجيش المصري، في دعوة للمتظاهرين لانهاء الاحتجاجات التي استمرت تسعة ايام وعمت مدن مصر ضد حكم مبارك، قد قال في بلاغ اذيع يوم الاربعاء إن المصريين قد اوصلوا صوتهم، وان رسالتهم قد سمعت وان الوقت قد حان لاعادة الحياة في البلاد الى طبيعتها.
وقال ناطق عسكري: "إن القوات المسلحة تناشدكم، انتم الذين خرجتم للتعبير عن آرائكم، انتم الذين بامكانكم اعادة الحياة الى طبيعتها."
واعلنت السلطات بعد ذلك بقليل عن تقصير فترة سريان نظام حظر التجول، بحيث يبدأ في الخامسة مساء وينتهي في السابعة صباحا بتوقيت مصر المحلي.
كما اعلنت عن عودة خدمة الانترنت جزئيا في القاهرة بعد قطعها لاكثر من 5 ايام.
وكان المتظاهرون المصريون قد رفضوا خطاب الرئيس حسني مبارك الذي القاه مساء الثلاثاء واعلن فيه انه لن يترشح للرئاسة مجددا وطالبوه بترك منصبه فورا.
وكان مبارك وعد بأنه لن يترشح لولاية جديدة في انتخابات الرئاسة التي تجرى في مصر في سبتمبر /أيلول القادم.
جاء ذلك في كلمة وجهها إلى الشعب المصري مساء الثلاثاء وعد فيها بإصلاحات دستورية تتضمن تحديد فترات تولي الرئاسة.
وكان مئات الالاف من المصريين تجمعوا في احتجاجات في انحاء البلاد في اكبر مظاهرات منذ بدات الاحتجاجات على حكم مبارك الاسبوع الماضي، وراح ضحيتها 300 قتيل حسب تقديرات الامم المتحدة.
وقال الرئيس الامريكي باراك اوباما ان انتقالا منظما للسلطة "يتعين ان يبدأ الان".
وفي خطاب له اعقب خطاب مبارك قال اوباما ان الولايات المتحدة سيسعدها ان تقدم العون لمصر في تلك العملية.
الا ان المعارض محمد البرادعي رفض خطوة مبارك ووصفها بانها "حيلة" للبقاء في السلطة، وتعهد المحتجون في ميدان التحرير بقلب القاهرة بالاستمرار في التظاهر الى ان يرحل مبارك.
وعقب خطاب مبارك هتف المتظاهرون وسط القاهرة "لن نرحل، هو يرحل".
وقال عبد الحليم قنديل، احد زعماء حركة كفاية، ان عرض مبارك بنيته عدم البقاء في السلطة لفترة رئاسة سادسة ليس كافيا.
واضاف: "اقول ببساطة ان هناك حركة شعبية غير مسبوقة ترفض وجود الرئيس وتدعو بشكل لم نشهده من قبل الى فرض ارادة الشعب".
ويستعد المتظاهرون لتنظيم مسيرة الى القصر الجمهوري اذا لم يتنح الرئيس مبارك عن السلطة.
وقال بعض المتظاهرين انهم لا يثقون في قيام الرئيس البالغ من العمر 82 عاما باجراء التغييرات الدستورية التي يطالبون بها.
ونقلت وكالة رويترز عن احد المتظاهرين، شادي مرقس، قوله: "الخطاب لا معنى له ولم يؤد سوى الى تفجير غضبنا اكثر. سنستمر في الاحتجاج".
الا ان اخرين رأوا ان عرض مبارك ربما كان حلا وسطا مناسبا.
وقالت امنية عكاشة، وهي متظاهرة من الاسكندرية، في مقابلة مع بي بي سي انها تعتقد ان هذا التحول المفاجئ ربما "يؤدي الى تبعات اكثر جدية".
واضافت: "ارى ذلك حلا حقيقيا يناسب الطرفين، بمعنى لا غالب ولا مغلوب، لكن كثيرا من الناس سيواصلون الاحتجاج لانهم يريدونه ان يرحل".
من ناحية أخرى، حاولت مجموعات مؤيدة للرئيس حسني مبارك الدخول إلى ميدان التحرير الذي يتجمع فيه آلاف المحتجين المطالبين برحيل الرئيس مبارك، لكن قوات الجيش منعتهم من الدخول تفاديا لوقوع اشتباكات بين الجانبين.
وقام المتظاهرون في الميدان بوضع متاريس وتشديد إجراءات التفتيش على بطاقات الهوية وعلى الأسلحة، وذلك بعد ساعات من خروج تظاهرة شارك فيها نحو ألفين من مؤيدي مبارك أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون الذي يقع قرب ميدان التحرير.
وحاولت مجموعة من البلطجية تفريق المتظاهرين ضد النظام الحاكم ، بإطلاق النار عليهم ، فتدخل الجيش لصدهم بإطلاق النار في الهواء ، مما أدى لحدوث هلع بين المتظاهرين ولم ترد أنباء حول إصابات أو ضحايا.
كما نقلت قناة الجزيرة الإخبارية عن شهود عيان في محافظة بورسعيد قولهم إن "أشخاصا مسلحين يرتدون ملابس مدنية هاجموا المتظاهرين قبل أن يتدخل الجيش لتفريقهم".
وقال مبارك في بداية كلمته" أتحدث إليكم في لحظات صعبة يتعرض فيها الوطن لأحداث عصية واختبارات قاسية بدأت بشباب ومواطنين شرفاء مارسوا حقهم في التظاهر السلمي تعبيرا عن مطالبهم في التغيير".
وأضاف أن البعض سرعان ما استغل هذه المظاهرات "للسعي لإشاعة الفوضى وللقفز على الشرعية الدستورية والانقضاض عليها".
واعتبر مبارك أن التظاهرات تحولت إلى "مواجهات مؤسفة تحركها قوى سياسية سعت لصب الزيت على النار بأعمال إثارة وتحريض وسلب ونهب وإشعال للحرائق".
وأوضح أنه بادر إلى تشكيل حكومة جديدة "بأولويات وتكليفات جديدة تتجاوب مع مطالب شبابنا"، وأضاف أنه كلف نائبه عمر سليمان بالحوار مع المعارضة "حول كافة القضايا المثارة وما يتطلب من تعديلات دستورية وتشريعية من اجل تحقيق هذه المطالب المشروعة".
وانتقد الرئيس المصري رفض أحزاب المعارضة لهذه الدعوة مؤكدا أنه يوجه كلمته لأبناء الشعب بجميع فئاته مسلمين وأقباط.
وأوضح انه لم يكن ينوي الترشح لفترة رئاسية جديدة قائلا "لم أكن يوما طالبا للسلطة أو الجاه".
وأوضح أن مسؤوليته الأولى في الشهور المتبقية "استعادة أمن واستقرار الوطني لتحقيق الانتقال السلمي للسلطة في اجواء تحمي مصر والمصريين وتتيح تسليم المسؤولية لمن يختاره الشعب".
ودعا مبارك البرلمان المصري بمجلسيه الشورى والشعب لتعديل المادتين 76 و 77 بما يعدل شروط الترشح ويحدد فترات للرئاسة.
ووعد أيضا باحترام أحكام القضاء المصري في الطعون بشأن الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وهو إجراء يقول مدير مكتب بي بي سي في القاهرة إنه قد يؤدي عمليا إلى حل مجلس الشعب.
كما وعد أيضا باتخاذ إجراءات لمكافحة الفساد، وقال إنه لن يغادر مصر وإنه سيموت فيها تاركا الحكم عليه للتاريخ.
وفي بيان قصير له عقب خطاب مبارك، قال الرئيس الامريكي باراك اوباما انه ليس من حق بلاده ان تملي على مصر الطريق الذي تسلكه، لكن على اي انتقال للسطة ان يتضمن اصواتا معارضة ويؤدي الى انتخابات حرة ونزيهة.
وقال اوباما انه ابلغ مبارك في مكالمة هاتفية استغرقت نصف ساعة انه يعتقد ان "الانتقال السلس للسلطة يجب ان يكون جديا وسلميا وان يبدأ الان".
وجاء إعلان مبارك بعد أن شهدت القاهرة وغيرها من مدن مصر يوم الثلاثاء تظاهرات كبرى غير مسبوقة استجابة لدعوة المعارضة لانطلاق "تظاهرة مليونية" لاجبار الرئيس مبارك على الرحيل.
فقد غص ميدان التحرير في العاصمة المصرية بمئات الآلاف من المحتجين، وقدر عدد المشاركين بأكثر من مليون وهو العدد الأكبر منذ انطلاق حركة الاحتجاج في الأسبوع الماضي.
وبعد بدء سريان حظر التجول استمر اعتصام المحتجين في ميدان التحرير وسط القاهرة، وحتى بعد إلقاء مبارك كلمته قالت الناشطة بثينة كامل المعتصمة في الميدان لبي بي سي إن الشباب يصرون على رحيل مبارك عن السلطة فورا.
وشهدت مدينة الاسكندرية ثاني أكبر مدن مصر مظاهرات مماثلة بالاضافة الى المدن المصرية الكبرى التي شهدت تجمعات وصلت في كثير منها الى عشرات الالاف.
وتشير تقديرات الى خروج 70 الف متظاهر ببورسعيد و 50 الف متظاهر بالسويس و10 الآف بأسوان وعشرات الآلآف في عدة مدن أخرى.
وكان الجيش المصري قد تعهد في وقت سابق بالامتناع عن استخدام القوة ضد المتظاهرين.
من جانبها، قالت نافي بيلاي مفوضة حقوق الانسان في الامم المتحدة إن عدد الذين قتلوا في مصر منذ بدء الاحتجاجات يناهز الـ 300 شخص.
وأوضحت أن هذه الحصيلة تستند الى تقارير غير مؤكدة، ودعت بيلاي إلى ضبط النفس وحثت الحكومة على الاستجابة لمطالب المتظاهرين.
يأتي ذلك فيما تقيم جمعيات مدنية مشافي متنقلة في العديد من المناطق التي تشهد التظاهرات، فيما يُخشى من تصاعد أعداد القتلى والجرحى في حال وقوع صدام بين المحتجين وقوات الجيش.
المصدر: BBC
التعليقات
ثقافة
إضافة تعليق جديد