إسلاميون يطلبون إعادة اعتقالهم
أكد قيادي بارز في الجماعة الاسلامية المصرية أن عددا من المفرج عنهم بعد فترات اعتقال طويلة طلبوا العودة إلى المعتقلات نتيجة لأحوالهم المعيشية السيئة خارجها وعجزهم عن الانفاق على عوائلهم أو أنفسهم في ظل البطالة التي يعانونها، وعدم صرف تعويضات الدولة لهم التي قررتها لهم أحكام قضائية نهائية.
كما لم يحدد د.ناجح ابراهيم عضو مجلس شوى الجماعة الاسلامية وأحد مؤسسيها الكبار في السبعينيات طبيعة تقديم هذا الطلب، وهل تقدموا به إلى جهة معينة في الدولة، لكنه قال إنه تعبير رمزي على حجم المعاناة المعيشية التي يواجهونها، وبيروقراطية بعض الموظفين في الدولة التي تحول دون حصولهم على تراخيص لفتح محلات تجارية صغيرة إلا بتقديم رشاوى لمن بيدهم الأمر.
وكان الخبير في الشؤون الاسلامية د.ضياء رشوان بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية قد كشف في مقال بجريدة "المصري اليوم" يوم الإثنين 20/8/2007 أن بضع مئات من معتقلي الجماعة الاسلامية المفرج عنهم طلبوا من الأجهزة الأمنية العودة إلى السجون مجددا، حتي يتمتعوا علي الأقل بمأوي وثلاث وجبات مجانية.
وقال د. ناجح ابراهيم الحاصل على بكالوريوس في الطب والجراحة عام 1979 بالاضافة إلى مؤهلات علمية أخرى نالها أثناء فترة اعتقاله الطويلة: بعضهم خرج من المعتقل في الأربعين أو الخمسين، يحملون مؤهلات جامعية عليا، فوجدوا الحياة صعبة جدا، لا مجالات عمل أمامهم، ولا يوجد في القطاع الخاص من يقبل توظيفهم، وهناك وظائف لا تمنح إلا برشوة، لدرجة أن وظيفة فراش في مسجد ثمنها عشرة آلاف جنيه.
واستطرد بأن أبوابا مثل الخطابة في المساجد أو التدريس أو الدعوة غير مسموح لهم بها، لدرجة أن هناك من أعضاء الجماعة يحمل أربع مؤهلات عليا حصل عليها أثناء فترة الاعتقال، لا يجد عملا بعد الافراج عنه.
وأوجز ذلك بقوله "لا توجد وظائف لهم، وحتى تلك التي يمكن أن تستوعبهم يتم بيعها. البعض منهم كافح ليجد وسيلة عمل، مثلي شخصيا، وقد ساعدتني مهنتي كطبيب على أن أبدأ حياتي العملية في الخمسين من عمري بفتح عيادة، لكن هناك أطباء أيضا خرجوا من المعتقلات يعانون البطالة حاليا، ومهندسون وتخصصات مختلفة يعانون الأمرين للحصول على أي عمل أو فتح مشروع صغير ليعيشوا منه دون فائدة".
واستطرد د.ناجح ابراهيم: الأعمال الحرة تحتاج إلى رأس مال لا يملكه من قضى أهم سنوات حياته في المعتقل، والأعمال التجارية كالبيع والشراء ليس لها مردود. مجالات العمل في الدعوة الاسلامية مغلقة في وجوهنا رغم أن كل أعضاء الجماعة المفرج عنهم يحفظون القرآن الكريم، وكثيرون منهم حاصلون على ثلاثة أو أربعة مؤهلات عليا في تخصصات منها ما هو وثيق الصلة بهذا المجال كعلوم القرآن ومعهد القراءات، بالاضافة الى تخرجهم في كليات الطب أو الهندسة أو العلوم.
وضرب مثلا بالشيخ عاصم عبدالملك الذي يوصف بأنه من كبار أدباء الجماعة الاسلامية، قائلا إنه يحمل بكالوريوس في الهندسة الميكانيكية وليسانس في اللغة العربية من كلية الآداب، وليسانس من كلية علوم القرآن، لكنه لم يجد عملا، فأشرف على محل للكباب والكفتة يملكه شقيقه الذي سافر للخارج، واستعان بآخرين من اعضاء الجماعة الاسلامية المفرج عنهم ليعملوا معه.
وتابع في تصريحاته: منهم من دخل المعتقل في العشرين وخرج في الأربعين منهكا صحيا ولا يستطيع القيام بأعمال بدنية ولا يحسنها أصلا، وتنقصهم الآن أشد الضرورات.
وقال د.ناجح ابراهيم: ليس أمام هؤلاء سوى باب التعويضات التي حصلوا بها على أحكام نهائية، لكن هذه التعويضات لم تصرف لهم بسبب أنها أكبر من الميزانية التي رصدتها لها الدولة، رغم أنها ليست كبيرة، فالمقدر عن السنة الواحدة الفان و500 جنيه، وهناك تعويضات لا تزيد عن ثمانية او عشرة آلاف جنيه.
وأوضح أن قليلين صرفوا هذه التعويضات فأفادتهم في بدء حياتهم العملية، مشيرا إلى أن 5 ملايين جنيه فقط يمكن أن تحل هذه المشكلة. وقال "احقاقا للحق وحتى أكون منصفا فقد بُذلت جهود لحل المشكلة، فعُينت مجموعة ببعض المحافظات، وقدمت مساعدات اجتماعية، لكن هذا لا يعتبر حلا كاملا.
وقال: من الحلول الجزئية التي لا ننكرها أنهم سمح لأول مرة لأعضاء الجماعة الاسلامية المفرج عنهم للسفر خارج مصر إذا حصلوا على عقود عمل.
وأشار إلى أن المشكلة تتفاقم بوجود أربعة أشقاء من المعتقلين السابقين في أسرة واحدة لا يجدون فرصا للعمل، وفي أسر أخرى يوجد أشقاء وأولاد عم وأولاد خال يعانون الأمر نفسه.
وقال إن أعضاء الجماعة تعودوا على معيشة الكفاف، وما يطلبونه ليس كثيرا، فهم يريدون القليل الذي يبعد عنهم الحرج أمام مسئولياتهم الشخصية والأسرية.
وأضاف: يريدون العودة للمعتقلات لأنها أصبحت بعد عام 2001 الأفضل في المنطقة العربية كلها، وهذه شهادة مني أقولها لله. وهم يقولون إنهم كانوا سعداء فيها، يتناولون ثلاث وجبات، ويختفي التمايز بين الفقير والغني، فاذا جاءت وجبة من أهل الغني يأكلها الجميع بالتساوي، ولا يحتاج شخص إلى علاج إلا حصل عليه، لكن كل ذلك كان على حساب أسرهم وأهاليهم الذين عانوا كثيرا من اعتقال أبنائهم وعوائلهم.
وأكد د.ناجح إبراهيم إن المسؤولين في مؤسسة "الأمن" هم أكثر من تفاعل مع هذا الملف تفاعلا جيدا وحاولوا تقديم المساعدة، بينما وقف المؤسسات الأخرى صامتة ولم تفعل شيئا.
وكان د. ضياء رشوان الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتجية قد تحدث عن الأوضاع السيئة جدا لمعتقلي الجماعة الاسلامية السابقين منذ بدات عملية الافراج عنهم عام 1998 بعد مبادرة وقف العنف التي أعلنتها قياداتهم وطرح مراجعاتهم الدينية الشهيرة.
وقال إن أقل تقدير يصل بعددهم إلى أربعة عشر ألف معتقل سابق، بينما تشير تقديرات أخرى إلى ضعف هذا العدد. وأضاف أنه لا يمكن المراهنة على أن يقاوم هؤلاء تلك الظروف إلي الأبد فلا يعود بعضهم إلي طريقه القديم وربما أكثر غلواً فيه، أو يجنح البعض الآخر إلي طريق العنف الجنائي الذي قد يتصوره الحل لمقاومة تلك الظروف.
فراج اسماعيل
المصدر: العربية نت
إضافة تعليق جديد