أصحاب محلات تجارية يحتالون على «الكهرباء»
يبدو أن الأزمة وأحياناً بعض الاستثناءات التي تتم مراعاتها وفقاً للظروف التي مّرت بها المحافظات وفرّت لبعض الناس ظرفاً مناسباً للتلاعب والمخالفة وتجاوز القانون وهدر المال العام.
ومن خلال متابعة ملف الكهرباء، حصلنا على نسخة من كتاب موجه إلى وزير الكهرباء مضمونه كما ورد: «خلال الأزمة التي تعرضت لها سورية، نجمت حركة نزوح من منطقة لأخرى، ما استدعى وجود مستأجرين، ونظراً لكثافة طالبي الإيجار وعدم كفاية الشقق المتوفرة في طرطوس، تم تأجير محلات ومكاتب لها صفة تجارية، وتبعا لذلك الكهرباء تجارية، ففتحت مديرية كهرباء طرطوس الباب على تعديل الاستهلاك من تجاري إلى منزلي، كون المهجرين من محافظات مختلفة وعوائل شهداء وجرحى وهم بالتأكيد محدودو الدخل».
وأضاف الكتاب: «منذ فترة ألغي القرار من الوزارة ولا نعرف السبب وكأن الحرب انتهت والأمور عادت مثل السابق، الرجاء من الوزير إعادة العمل بقرار تحويل الاشتراكات، علماً بأن مديرية كهرباء المحافظة عملت ما باستطاعتها للمحافظة على القرار عبر إرسال أكثر من كتاب إلى الوزارة كونها تعرف واقع المحافظة وعلى تماس مع المراجعين وعلى تعاون كامل».
الموضوع تمت متابعته مع مدير كهرباء طرطوس مالك معيطة، الذي أكد في تصريح له أن موضوع تصنيف العدادات سواء تجارية أو صناعية أو منزلية يخضع لقانون الاستثمار وفقاً للعقد الموقّع بين صاحب العقار والكهرباء، موضحاً أنه ّلا يجوز الحديث عن قرار تحويل عدادات تجارية إلى منزلية وهذا غير مقبول في نظام الاستثمار.
وبين معيطة أنه خلال الأزمة تم التساهل مع عدد محدد من هذه المحال بسبب الظروف التي كانت سائدة، إلا أن العمل حالياً يتم من خلال إصدار فواتير كل عداد حسب تصنيفه (منزلياً أو تجارياً).
وقال معيطة: «مسبقاً كانت أسعار استهلاك الكهرباء متقاربة ما بين العدادات المنزلية والعدادات التجارية، إلا أنه في الوقت الحالي وبعد التعديل الأخير لأسعار استهلاك الكهرباء، أصبح هناك فروق كبيرة لتصل تكلفة الاستهلاك المنزلي 1000 كيلو واط من الكهرباء إلى 1800 ليرة سورية، أما الكمية ذاتها ما إذا كان العداد تجارياً تصل إلى 40 ألف ليرة سورية، الأمر الذي دفع الكثير من أصحاب المحال للمطالبة بتحويل صفة عدادات محلاتهم من تجارية إلى منزلية بحجة عقود الإيجار، وهذا لا يجوز لأن هذه الحالة يوجد فيها هدر كبير لأموال الدولة».
وأكّد معيطة أن الموضوع تمت متابعته شخصياً، قائلاً: «لا نريد أن يكون هذا الموضوع باباً للفساد وهناك موظفون قد يقومون بقبض مبالغ مالية وترتيب عملية التبديل ضمن حجة عقد الإيجار، لأن هناك الكثير من ضعفاء النفوس سواء موظفين أو مواطنين».
وأضاف: «من غير المعقول تحويل محل تجاري أو مكتب إلى صفة عقار للسكن بمجرد وضع أدوات ومفروشات منزلية بسيطة فيه». واصفاً هذه العملية «بالاحتيال» لأن الكثير منهم يقوم بإلغاء عقد الإيجار بعد التحويل ويبقى استخدام العقار وفقاً للحاجات المصمم لها سواء أكان محلاً تجارياً أو مكتباً أو غيرها.وأضاف معيطة: في الواقع هناك حالات صحيحة وهناك مهجرون في عقارات وتم تحويل عداداتهم إلى منزلي، وبالمقابل هناك الكثير من الحالات غير الصحيحة وهي سرقة غير مشروعة بطريقة جديدة، مبيناً أن الطلبات التي قدمت للشركة حول هذا موضوع تحويل صفة عداد ليست قليلة بل كثيرة جداً.
وأشار معيطة إلى أنه يتم تصنيف عدادات العقارات وفقاً للآلية المحددة في نظام الاستثمار وذلك بالاعتماد على تراخيص البلدية المحددة لها، موضحاً أن ما تم العمل به مسبقاً في طرطوس هو لا يصل إلى درجة «قرار»، ولكن مراعاة لظروف محددة لعدد من العوائل التي قدمت إلى المحافظة وسكنت في محلات وكانت معروفة وذلك خلال أعوام 2014 و2013 حيث قام أصحاب محال تجارية بتقديم محلاتهم غير المستخدمة لهؤلاء للإقامة المؤقتة به وفقاً لعقود نظامية.
ولفت إلى أن هناك أيضاً الكثير من العائلات التي سكنت في أماكن غير مرخصة «عشوائية» وتم تمديد الكهرباء لها، وتركيب عدادات نظامية، لتجنب حالات السرقة، إلا أنه حالياً الكثير من المواطنين بدؤوا يعودون إلى أماكن إقامتهم الدائمة ومحافظاتهم. مشيراً إلى أن شركة الكهرباء ملزمة بالعمل وفقاً لنظام الاستثمار قبل الأحداث وخلالها وبعدها، فلا يمكن تجاوز القانون، ولا يوجد أي تسامح في هذا الموضوع.
وبين أن مطالبات أصحاب المحلات التجارية بتحويل العدادات بحجة الإيجار تعود إلى الفرق الكبير في الفواتير، وهذا أمر لا يمكن أن نتساهل فيه وهناك أموال عامة للدولة وكل عداد يحاسب وفقاً لصفة المرخص والمتعاقد معه بها أساساً.
وختم معيطة: «في حال تم تأجير المحلات وطالب أصحابها تحويلها إلى سكن بتغيير صفة العداد، لا يوجد هناك ما يضمن أن هذا العقار هو منزل دائم للسكن، إلا أنه يتم بعد فترة مؤقتة إنهاء عقد الإيجار أو تجديده عقداً وهمياً لتتم عملية سرقة كهرباء بطريقة غير مشروعة ولكن بصيغة جديدة»، مشيراً إلى أن التعامل مع العدادات في الوقت الحالي إلكتروني، ويقوم المؤشرون بقراءة العدادات إلكترونياً وليس من السهل ضبطها أو رؤية العقار كاملاً.
الوطن - قصي المحمد
إضافة تعليق جديد