أبوظبي: متحف للثقافة البدوية
في بادرة تعتبر الأولى عالميا تقوم أبو ظبي على مشروع لجمع الثقافة البدوية بشقيها المادي والمعنوي في متحف ثقافي عالمي.
وتقوم مهمة المتحف الذي يختلف عن المتاحف التقليدية حسب وصف مدير التخطيط الإستراتيجي لهيئة أبو ظبي للثقافة والتراث سامي المصري على حفظ وحماية وتطوير والترويج للثقافة البدوية.
ويوضح المصري أن المشروع الذي سيعنى بثقافة مجتمعات الرحل على المستوى المحلي والعربي والعالمي سيتكون من عدة أقسام، أولها تتعلق بتوثيق ما هو موجود من المحفوظات والممتلكات الثقافية المادية الخاصة بالحياة البدوية اليومية، وما تم تدوينه من تلك الثقافة مثل الأدب والشعر والعادات والتقاليد.
وهناك أيضا قسم آخر خاص بالبحوث المعنية بمتابعة المتغيرات التي طرأت وما تزال تطرأ على الثقافة البدوية، كما يشمل المتحف الثقافي أقساما معنية بالتواصل مع المجتمعات المدنية لتوصيل وترويج القيم البدوية.
وكشف المصري أن أهم أهداف هذا المركز الثقافي هو تقديم التراث بطريقة جذابة من خلال برامج متخصصة لتوطينها لدى أفراد المجتمع، وهو ما يتم من خلال التواصل مع مؤسسات المجتمع المدني لتشجيع الافتخار والاحتفاظ بما هو ثمين من القيم البدوية.
ولتحقيق هذه الأهداف يولي القائمون على إعداد دراسة الجدوى أهمية قصوى للتواصل مع المجتمعات البدوية، وهم من أسماهم المصري "ملاك تلك الثقافة" من أجل "إبراز أهمية هذا المتحف وكيفية تطويره لتوطين القيم البدوية".
ويستخدم المتحف في ذلك مختلف الوسائل المتاحة، من العرض المتحفي وتنظيم المحاضرات وورش العمل ووضع أرشيف لتدوين الذاكرة البدوية وتوفير أقسام لخدمة الباحثين، إضافة للقاعات السمعية والبصرية التي تعرض للتراث والثقافة البدوية عبر ثلاثة محاور، هي المحور التاريخي والدليل التعليمي والبحث العميق.
ويهتم المتحف البدوي بالتعاون والتواصل مع المؤسسات العالمية العاملة في مجال دراسة مجتمعات الرحل، وعلى رأسها متحف الهنود الحمر بأميركا الذي يقوم على تأصيل ثقافة الهنود الحمر والترويج لها.
كما سيتم الاتصال -كما يقول المصري- مع الجامعات العربية والأجنبية للإفادة من الدراسات والبحوث المتخصصة التى تركز على المجتمعات البدوية.
ويذكر أن مؤسسة سميثسونيان Smithsonian بالعاصمة الأميركية واشنطن التي تشرف على أكبر تجمع للمتاحف في العالم تتعاون مع هيئة أبو ظبي -الجهة المشرفة على إعداد المتحف- للتخطيط لهذا المركز الثقافي، إضافة إلى وضع برامج لتدريب الكوادر المحلية على تطوير وإدارة المتحف.
ورغم أن انطلاقة المتحف ستكون من خلال أبو ظبي ودراسة المجتمع البدوي بها أوضح المصري أنها ستكون مجرد النواة للانطلاق لتوسيع نطاق المتحف لتغطية المجتمعات البدوية فى العالم العربي.
ورغم وجود بعض المحاولات السابقة لجمع التراث البدوي، سواء من قبل الجامعات أو المتاحف، ذكر المصري أنها كانت مجرد محاولات "بحثية" أكثر منها استهدافا لاستدامة هذه القيم بالمجتمعات العربية، وقال إن محاولات المتاحف كانت "تقليدية" في مجملها تقوم على مجرد اقتناء الممتلكات المادية.
وأقر المصري بوجود بعض التحديات التى تواجه المشروع، على رأسها ضمان التعاون من المؤسسات الأخرى المعنية لإنجاحه.
ونفى أنه سيتم جمع مقتنيات المتاحف المحلية المختلفة لوضعها بهذا المركز الثقافي البدوي، مبررا ذلك بأن "الثقافة البدوية غنية بالتراث المادي ولا أهمية لجمع مقتنيات المتاحف الأخرى"، ومشيرا إلى أن الغاية ليست وضع المقتنيات في خزائن للعرض، وإنما فهم البعد الثقافي للمجتمعات البدوية وتحديد قيمها لإعادة إحيائها.
ورغم عدم تحديده لتاريخ انطلاق هذا المشروع الثقافي، توقع المصري الانتهاء من دراسة الجدوى وإنشائه في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام.
شيرين يونس
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد