أبحاث أثرية جديدة حول أوغاريت

11-06-2007

أبحاث أثرية جديدة حول أوغاريت

عقد في القاعة الشامية بالمتحف الوطني بدمشق ندوة أبحاث أثرية جديدة عن أوغاريت ومملكتها وتضمنت الندوة جلستي أبحاث ومحاضرات شارك في الأولى ميشيل مقدسي وبيير بوردروي وكارول روشى وجمال حيدر وفرانسواز ارنست برادال وآخرون.. وفي الثانية روبرت هاولى وانطوان سليمان ودينس باردي وآخرون.

رأوا أنه منذ اكتشاف أغاريت منذ أكثر من 75 سنة هناك معلومات جديدة يومية واكتشافات أثرية هامة تؤكد المكانة الهامة لهذه المدينة وتؤكد حضارتها وعلاقاتها مع جوارها وثقافتها ومناحي الحياة المختلفة فيها، ففيها ملتقى حضارات وشعوب كالبابليين والأكاديين والعموريين والكنعانيين والحثيين ، وتقع المدينة في سهل جبلة وطوله 80كم وعرضه 20 كم ويوجد أربعة مواقع يتم العمل فيها بشكل مستمر وهي: تل سيانو وتل التويني الذي يعود الى 2500 ـ 2600 ق.م وتل سوكاس وتل الدروك: ويتكون سهل جبلة من مجموعة من المدن الأثرية الهامة التي تتميز بالنهضة العمرانية والنهضة الحضارية التي ستمتد لتشمل ايران وتركيا، وقد شملت الأبحاث الحديثة الأسوار إذ تبين أن السور مبني بأحجار غشيمة مكسوة بيضاء مع وجود جدار يتجه شمال ـ جنوب وآخر الى الغرب وهناك مبنيان على كتلة مكسوة بيضاء قاسية وربما يكون الجداران بمنزلة جدران استنادية لتساعد بناء السور على المنحدر الذي تم حشوه بالأحجار الغشيمة ثم غطي بأحجار نظامية كما في السور الموجود عند البوابة الرئيسة.. بالنسبة للفخار فهو قليل وفي أسفل طبقة القبور تم العثور على حفرة كبيرة تحتوي تراباً طرياً داخله كمية كبيرة من الكسر الصوانية إضافة الى خليط فخاري من فترة البرونز الحديث والوسيط والقديم وهناك كسر فخارية تعود الى الألف الرابع ق.م. ‏

منذ سقوط أوغاريت عام 1185 ق.م على يد شعوب البحر بقي تاريخها السياسي والاقتصادي والاجتماعي منسياً إلى أن اكتشفت في عام 1928 وأدى هذا الاكتشاف الى إضافة حلقة تاريخية مهمة الى التاريخ الانساني غطت جزءاً مهماً من تاريخه المتعلق بعصر البرونز الحديث، لقد أقيمت المملكة على مساحة تقدر بنحو 2000 ـ 2200 كم وحملت العاصمة الاسم نفسه وأسست قرب البحر على تل رأس شمرا الذي عرف الاستيطان البشري منذ ما قبل التاريخ اي الألفية الثامنة ق.م. وأقدم ذكر للمدينة وجد في نصوص إيبلا وذكرت في نصوص الأسرة الملكية الثالثة في أور في القرن 19 ق.م وفي نصوص مملكة ماري 1800 ـ 1750 ق.م ولقد عثرت البعثة الأثرية العاملة في أوغاريت على كم هائل من الأختام المسطحة والاسطوانية والتي يؤرخ معظمها في عصر البرونز الحديث ففيه ازداد عددها وتنوعت مواضيعها وتعددت الأشكال والرسوم التي صورها بفضل ازدهار العلاقات السياسية والتجارية والدولية. ‏

يقع التل الى الشرق من جبلة على بعد 8 كم منها على المنحدر الغربي لسلسلة الجبال الساحلية في موقع استراتيجي هام جداً، جعله يسيطر تقريباً على كامل السهل وعلى مواقعه الرئيسة مثل تل ايريس وتل التويني وتل الدروك.. الخ ويعد التل واحداً من خمسة تلال أثرية على الساحل السوري ومساحته عشرة هكتارات وتأخذ قاعدته شكلاً بيضوياً 400ھ500 م وقمته مسطحة وأصله رابية طبيعية من الغضار البني الضارب الى الصفرة وتغطي الأشجار معظم أنحائه حالياً وفيه قبر للشيخ علي غانم يحمل شاهدة مؤرخة في القرن 12 للهجرة، زار التل الأثري إميل فورير عام 1934 وقدر أنه عاصمة مملكة سيانو.. يدير الموقع حالياً الدكتور ميشيل مقدسي حيث تم عام 2006 تنفيذ الموسم السابع عشر من أعمال التنقيب. ‏

أشير الى مدينة سيانو في كل من رسائل العمارنة ـ النصوص الأوغاريتية والحثية والحوليات الآشورية وفي التوارة أيضاً، وتم اجراء بعض التنقيبات التي أدت لكشف مبنى كبير يعود الى منتصف الألف الثالث ق.م وفيه تتوضع سويات البرونز القديم على السطح مباشرة باستثناء بعض الحفر العائدة الى الفترة المملوكية والمميزة بوجود الفخار الأصفر المزجج على طريقة «الاسفرافيادو» وبلغ ارتفاع سويات هذا السبر الطبقي حتى الآن 7.50 م وتعود الى فترة البرونز القديم وتتميز فترة البرونز القديم الثالث بوجود ثلاث مراحل متتالية تتألف من جدران مبنية من اللبن وأساساتها من الحجارة النهرية مربوطة على أرضيات طينية مرصوصة تتميز بوجود كسر فخارية متنوعة من أهمها الفخار الأحمر الملمع والذي يميز فترة البرونز القديم الثالث مباشرة وتتمثل بمبنى ضخم جداً تم الكشف عن غرفتين كبيرتين منه مساحة كل واحدة 4ھ5 م وجدرانه محفوظة بشكل جيد تصل سماكته في بعض الأماكن الى 5،2 م وعثر في بعض أماكنه على بعض القطع الأثرية وأهمها كان طبعة ختم دائري عليها رسم لرجل يرفع يده اليمنى ويمسك بيده اليسرى صولجاناً وبجانبه شجرة مايدل على وجود سلطة ادارية تتحكم بأمور المدينة. ‏

ويرى السيد محمود السيد أن منطقة المتوسط وجنوب الاناضول كانت المكان الذي ولدت فيه زراعة الكروم فالدراسات الحديثة تؤكد غنى هذه المنطقة بأشجار الكروم قديماً وخاصة أنها عرفت أنواعاً عديدة من الكروم البرية الأمر الذي قاد الى زراعة الكروم المهجنة أما فيما يتعلق بالخمر فلا يمكن إعطاء تاريخ محدد حول ظهوره لأن الخمر لايترك أثراً ملموساً، بيد أنه اكتشف في الألفية الثالثة قبل الميلاد وذلك مثبت في أرشيف مملكة إيبلا.. وفي الألفية الثانية تشكل النصوص المكتشفة في ماري وألالاخ وايمار وأوغاريت الوثائق التاريخية الأكثر أهمية، فنصوص ماري فيها حياة مضيئة عن الخمر خلال القرن 18 ق.م وتمثل الشاهد الأكثر قدماً عن زراعة الكروم واستهلاك الخمر في مملكة أوغاريت وتظهر ماري في هذه النصوص مركزاً حيوياً هاماً لتجارة الخمر لكن المعلومات الأكثر أهمية تتبلور من خلال النصوص المكتشفة في أوغاريت والتي زرعت فيها الكروم للحصول على الخمر، وحسب النصوص فإن لون الخمر أحمر إذ تشبهه بلون الدم وله أنواع عديدة منها محلي وغير المحلي والجيد وغير الجيد الفاسد وغير الفاسد، وكذا الخمر ذو النوعية الممتازة والمخلوط مع العسل والمخلوط مع الماء.. وكان للخمر الأوغاريتي قيمة كبيرة فقد صدر الى مصر وقبرص وممالك بحر إيجه والى الامبراطورية الحثية ونصوص رأس شمرا تظهر أن المصريين تسلموا جراراً من الخمر الأوغاريتي وللخمر دور هام في العبادة حيث قدم قرابين للآلهة وكذلك ففي النصوص يشارك الملك والملكة في العبادة مع تقديم الخمر للآلهة وأيضاً فقد استخدم الخمر في معالجة وتعقيم الجروح... الخ. ‏

سهيل الذيب

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...