«تمرّد» السودانية لاسقاط البشير باللون «البرتقالي»
يتخطى الأمر كونه تقليداً لحركة تمرد المصرية التي اتت أكلها بإزاحة الإخوان المسلمين عن حكم مصر بعد عام واحد فقط في الحكم، ليشير إلى ميلاد حركة سودانية جديدة، قد تتفق مع تلك وغيرها في الهدف النهائي وهو إسقاط النظام الشمولي الذي ظل قابضاً على مقاليد السلطة لما يقارب ربع قرن.
لكن وعلى الرغم من ذلك، فإن فئة من الشباب السودانيين بدأ عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتزامن مع بداية شهر رمضان، حملة لإسقاط نظام البشير أطلقوا عليها «حملة تمرد السودانية»، تهدف إلى جمع توقيعات من قطاعات الشعب المختلفة، على استمارة معدّة تحمل اللون «البرتقالي» يتم توزيعها عليهم في الشوارع والأسواق والجامعات والمدارس، لسحب الثقة من الرئيس عمر حسن البشير، ومن ثم الخروج عليه في تظاهرات يعملون لأن تكون حاشدة وكبيرة. تم تضمين عدد من الأسباب التي من أجلها يجب اسقاط حكومة المؤتمر الوطني، من بينها ازدياد معاناة الشعب السوداني يوماً بعد يوم.
كما أوضحت الاستمارة أن البلاد في عهد الحكومة الحالية فقدت السلام والحرية وأن الرئيس البشير فشل في تحقيق العدالة الاجتماعية.
صيغت تلك الأسباب بمفردات بسيطة تحفز كل من يطّلع عليها على التوقيع اسفلها في إقرار كامل وايمان تام منه بكل ما حوت من نقاط، ولمزيد من الصدقية لا بد من أن يسجل المُقر الرقم الوطني الخاص به اسفل الاستمارة.
ووجدت أبرز الأهداف التي يجب تحقيقها «سحب الثقة من الرئيس البشير» استنكاراً واسعاً باعتبار ان النظام الحالي جاء بانقلاب عسكري وليس بإرادة الشعب. «فالشعب لم يعط الرئيس البشير الثقة ليسحبها منه».
ووسط هذا الجدل تبدو فرص نجاح حملة التوقيعات على استمارة تمرد السودان ضئيلة، لا سيما مع انعدام قنوات التواصل بين الداعين إلى الفكرة ومؤيديها في السودان وخارجه.
ومع ذلك، يجزم الكاتب الصحافي علاء الدين بشير، بأن «حملة تمرد السودانية يمكن أن تشكل رصيداً إضافياً للحركات الشبابية الأخرى المناهضة للنظام»، مثل حركة «قرفنا» و«التغيير الآن» وغيرهما. ويرى أن «الحملة قد لا تصل سريعاً إلى النتائج المرجوة، أو تحقق ما حققته تمرد المصرية، لكنها بلا شك تمثل اضافة وحراكاً مهماً في الساحة السياسية». وثمّن علاء فكرة الحملة، وقال لـ«الأخبار» إنها يمكن أن تكون عملية تراكمية، «ثمرتها قد لا نقطفها الآن، ولكن ستكون لها نتائجها المطلوبة في المستقبل المنظور وليس القريب».
وبدا أن غرابة الفكرة وعدم وجودها في التاريخ السياسي السوداني قلّلا لدى البعض من نجاحها ووصولها لأهدافها. ويرى المواطن حسن عباس، أن تلك الحملة «لن يُكتب لها النجاح، لأن السودان ليس مصر»، موضحا إن «الشخصية السودانية بطبعها تتوجس من كل ما هو غريب، فضلاً على أن قبضة النظام الحاكم القوية ووسائله الرادعة والتي لا تخشى شيئاً في سبيل الحفاظ على حكمها؛ قد سلبت الشعب أغلى ما يملك وهو شجاعته».
ويضيف عباس لـ«الأخبار»: إذا غابت الشجاعة عن الشعب فلن يكون قادراً على فعل أي تغيير مهما توفرت شروطه وعلاماته.
وفي خطوة أثارت الكثير من التساؤلات، سارع حزب الأمة القومي برئاسة الصادق المهدي، الى تبني فكرة قريبة من حملة توقيعات «تمرد» وان كان اعلان حزب الأمه عن حملته سابقاً لإعلان مجموعة تمرد. وكشف الحزب أول من أمس عن ان 820 الف شخص وقّعوا على «تذكرة التحرير» من داخل وخارج السودان. ويرى محللون أن المهدي الذي ظل «يعارض النظام الحاكم على طريقته بعيداً عن تحالف قوى الاجماع الوطني، لا ينتظر أن يكون لحملته أثر ذي بال»، خصوصاً ان زعيم «الأمة» شن هجوماً على «شباب حزبه الذين هتفوا بسقوط النظام أثناء خطابه في اطلاق مبادرته لجمع التوقيعات»، فضلاً على الهجوم الذي شنته عليه قوى المعارضة أمس، وأعلنت فشل حملته التي لن تقف وراءها قطاعات الشعب، لا سيما أنها تعرف أن المهدي الذي يعارض النظام، يشغل ابنه عبد الرحمن منصب مساعد الرئيس البشير الذي يدعو المهدي إلى تغييره بالحسنى.
ويرى متابعون أن الحكومة السودانية اعتمدت على سياسة إلهاء المواطنين في البحث عن قوتهم اليومي، حتى لا يكون للمواطن البسيط هم سوى توفير لقمة العيش. وبالتالي لا مجال لتعطيل أعمالهم اليومية لتنظيم وقفات احتجاجية تطالب باسقاط النظام أو حتى تغيير سياسات الحكومة التي ارهقت كاهل المواطنين، بالاضافة الى سياسة التخويف وتكميم الأفواه بواسطة قبضة أمنية مُحكَمة.
وتسود حالة من التشاؤم الشارع السوداني من أن لا سبيل للتغيير، وتبدو هناك حالة من الاستسلام والخمول لدى المواطن. على الرغم من ذلك يرى أحد الشباب المتحمسين في حملة تمرد أنهم لن يتوقفوا إلا بعد تحقيق هدفهم الرئيسي بإسقاط نظام البشير الذي استقبلته نيجيريا أمس لحضور قمة الاتحاد الافريقي حول الإيدز والسل والملاريا في ابوجا، رغم مذكرة التوقيف الصادرة بحقه عن المحكمة الجنائية الدولية.
مي علي
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد