عبد الفتاح مورو: لا نستبعد وقوع السيناريو المصري في تونس
الشيخ عبدالفتاح مورو نائب رئيس حركة النهضة الاسلامية التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس الى جانب حزبي المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل، وهو من أشهر الدعاة الاسلاميين في تونس ومؤسسي حركة الاتجاه الاسلامي ،حركة النهضة في ما بعد، علَّق عضويته في الحركة بعد ملاحقته من قبل نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي أوائل التسعينات ، وعاد إليها في تموز/ يوليو الماضي. تعرض الشيخ مورو الى اعتداءات لفظية وجسدية من قبل "متشددين" على خلفية مواقفه الرافضة للتكفير والتعصب والتي تنتقد أداء حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي في أكثر من مناسبة.
اليوم يتحدث عبدالفتاح مورو في حوار حصري مع موقع قناة المنار عن خلافاته داخل الحركة، يعرج على أهم قضايا المنطقة.. يتناول ما جرى في مصر، يفنده ولا يستبعد تكرر السيناريو المصري في تونس.. ويتحدث عن أسباب تلويحه بالاستقالة من حركة النهضة، ويدافع عنها في بعض ما وجه إليها من انتقادات، يفسّر ما عناه رئيس النهضة راشد الغنوشي في وصف التكفيرين بأنهم "خوارج العصر" واصفاً اياهم بالفقاقيع.. منتقداً تراخي أهل العلم في مواجهة هؤلاء.
كلام الشيخ مورو ينشره موقع المنار في الجزء الأول من المقابلة التي أُجريت معه.
أستاذ عبدالفتاح مورو ما تعليقكم على ما وقع في مصر؟
ما حصل في مصر هو نتاج لعدم تواجد أرضية وفاق بين القوى السياسية في مصر، وفي الحقيقة مصر وتونس دخلا على تخلف اقتصادي وتدهور اجتماعي ومشاكل سياسية، وأعتقد أن انعدام تجربة السياسيين في تونس ومصر ما بعد الثورة جعلتهم يَعِدُون بالكثير، ولم يَتفطنوا بأن الانجاز لن يكون على مستوى الوعد..
إن السياسيين في مصر مثلا لم يصدقوا مع الشعب، وأخفوا عنه المخاطر التي تنتظره، وهم بالتالي جعلوا الناس في مصر يحتشدون وينقسم المجتمع المصري الى قسمين اثنين، واخشى ما أخشاه ان تنتقل العدوى الى بلاد الربيع العربي ومن بينهم تونس. تونس اليوم تتهيأ لأن يكون فيها اشكال من هذه الاشكالات، سببه التدافع بين السلطة والمعارضة في الاشهر الأخيرة. وكنا نتوقع أن يقع تنازل من الطرفين، لكن يبدو أن هذا الوفاق لن يحصل، لذلك أخشى من انتقال العدوى الى بلدنا، وتعطل بالتالي انجازات الثورة.
ألم تقوموا باتصالات ومشاورات مع حزب الحرية والعدالة قبل اعلان المؤسسة العسكرية بيان خارطة الطريق؟
لم نتعدَ مرحلة معرفة الواقع واستطلاعه ، ولم نتشاور معهم لنهيئ استراتيجية مشتركة او طريقة. الاحداث تسارعت، والأمر جعلنا لا نقدر على التشاور مع جماعة الاخوان المسلمين في مصر. ربما توجه بعضنا الى مصر لمعرفة الوضع هناك، لكن لم يتعدَ ذلك حدود الاستطلاع.
لوحتم شيخ مورو في أكثر من مناسبة بالاستقالة من حركة النهضة نظرا لاختلافكم في قضايا عديدة مع رئيس الحركة راشد الغنوشي. فهل مازلت مصراً على الاستقالة؟
أنا أمثل نفسي اليوم في الحركة بالرجل الذي يسكن بيتاً أبوابه موصدة بالكامل، وسينقطع عنه الاوكسجين، طبعاً سيبحث عن النوافذ لكي يخرج، ولكن إذا كانت النوافذ هي أيضاً موصدة بشكل يمتنع عليه فتحها، فإنه سيخرج منها ليتنفس هواءً نقياً، لكن هذا لا يعني أني وصلت الى القناعة بالخروج نهائيا من الحركة.
يكثر الحديث أن من بين أسباب الخلاف هو تعرضك للتعنيف من قبل بعض الجماعات المتشددة وتكفيرك دون أن يصدر دعم كبير من قيادات حركة النهضة لشخصك؟
نعم، هذا من بين أهم الأسباب.
ما تعليقكم على الجماعات المتحصنة في جبل الشعانبي بالوسط التونسي، قلتم أنهم من أصحاب الفكر التكفيري المنغلق، وها قد بدؤوا في اعلان ولائهم لأجندات غير وطنية ومواجهتهم لقوات الجيش والأمن التونسيين؟
نعم وأنا أؤكد ذلك، هم يدعون أنهم من الجماعات السلفية، وأنا أنفي عنهم هذه الصفة. يبدو أن بعض شبابنا اتحفوننا بتبني قضايا الماضي التي اختلف حولها الكلاميون في القرن الثاني والثالث هجري.. يستقدمونها من التاريخ، ويريدون طرحها مجدداً على النقاش بيننا، وكأنهم لا يعلمون ان المسلمين قد اصطفوا منذ ذلك الوقت، وكل أخذ موقفه، وأن هذه القضايا لا يمكن استعاداتها واعادة الخلاف حولها.
هذه قضايا فكرية كلامية وقع البت فيها، وكل أخذ موقفه، وعلى الذي يريد أن يتبع منهجا من المناهج فله ذلك دون أن يطرح القضية من جديد ويعيد تصنيف المسلمين الى مسلمين وكفار والى مسلمين ومبتدعين وسنة وشيعة، وكأن الاسلام نزل اليوم، وكأن النصوص مازالت اليوم، هذا في الحقيقة اذكاء للخلاف بين المسلمين بقضايا تاريخية تهم اناسا ولوا وانقضوا، وليس من العقل والرجحان الرأي ان نعيد طرحها اليوم..
خرج زعيم حزب النهضة التونسي ليصف "السلفيين الجهاديين" بـ "خوارج العصر".. ماذا كان يعني الأستاذ راشد الغنوشي بهذا التوصيف؟
كان يعني أن الامة أصيبت بأنفار متشددين كانوا خوارج، خرجوا عن طاعة الامير ثم خرجوا عن الصف، واتهموا غيرهم بالكفر، وليس لديهم دليل على ذلك او مبرر لما يفعلونه.
هؤلاء يعلمون أن الحركة النهضة لو لم تقف للدفاع عن المشروع الاسلامي لما وجدوا الحرية التي يتنعمون بها الآن وهم مطلقو الأيادي. يقولون ما يشاؤون دون قيود، والقانون الذي يحاسب التَهَكُم على الاخرين لا يحاسبهم مع ذلك يسبون حركة النهضة، هؤلاء سيدركون لو اُغلق باب التجربة الانتقالية أي منقلب سينقلبون.
اليوم يستسهل التكفيريون رمي كل من يختلف معهم بالكفر ليُهدر دمه.. وتغص مواقع الانترنت بمشاهد قطع رؤوس بشر بنداء "الله أكبر"، ولطالما حذرتم شخصياً من الانجرار خلف هذه الظاهرة. لماذا لا نسمع استنكارات ، ولا نتلمس مواقف جدية من قبل علماء الدين؟
انا عجبت لشدة الفاسق وجَلَدِه، وضعف المؤمن ووهنه. أصحاب العلم منطوون على أنفسهم ولا يجهرون بالحقيقة، وأهل الافكار الزائفة هم الذين تجد عندهم الجلد والاصرار على خدمة قضيتهم. اليوم نحتاج الى علم صحيح يبث في صدور الرجال الى افهام الناس حقيقة الدين، ورد ذلك الى أصوله من الكتاب والسنة، وتقديمه بالنموذج الذي تقدم به الأولون منذ فجر الاسلام. وهؤلاء الشباب هم مجرد فقاقيع، وسيحصدون ما يفعلون خيبات، لانهم يقتلون الناس ويستبيحون دماء الابرياء، وسيدركون أن سبيلهم هو سبيل خطأ، وأنها لا توصل الى أي منفذ.
إسراء الفاس، عبد الخالق الجباهي*
المصدر: المنار
إضافة تعليق جديد